مع ضرورة الإشارة إلى أن مشكلتنا مع هؤلاء المتأسلمين ليست سياسية فحسب، بل هي هوياتية بنيوية فكرية، فالظاهر من خلال خرجة الريسوني وغيره من محاربي الإسلام المغربي والخصوصية الوطنية أن هؤلاء يكفرون بكل ما يتعلق بهذه الهوية الثقافية والفكرية والتاريخية لحضارة هذا البلد، وهذا الإشكال الذي نجده الآن مع المتأسلمين لم نكن نجده مع فقهائنا المغاربة التقليديين، مع العلم أنه لم يكن حينها مفهوم الهوية مطروحا بهذا المنظور الحداثي، لكن فقهاءنا لا شك أنهم كانوا يستحضرون مضامين وعمق الهوية في اجتهاداتهم الفقهية، وإذا ما قلبنا صفحات تراثنا الفقهي المالكي فسنقف لا محالة على ذلك، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما نقرأه في فتوى بن عرضون الكبير حول «حق الكد والسعاية» لإنصاف المرأة المغربية العاملة، والأمر نفسه نقف عليه في قضايا أخرى ضمن «فقه النوازل» بغزارة، الأمر الذي منحنا خصوصية مناطقية من داخل عمل أهل المغرب، فوجدنا عمل أهل جبالة، وعمل أهل سوس، وعمل أهل فاس وعمل أهل الريف وعمل أهل الصحراء، وإذا ما قلبنا أعمال العلماء فسنقرأ ذلك بالتفصيل في أعمال العلامة عبد العزيز الكرسيفي على سبيل المثال لا الحصر، والتي جمعها وحققها الأستاذ عمر آفا، فقد كان وعي الفقيه المغربي الأصيل بالواقع الاجتماعي والسياسي يجعله يستحضر العلاقة بين النص والسياقات المعروفة، فتظل بذلك أوضح من العلاقة بينه وبين السياق الزمكاني، وفي هذا الصدد نجد اتجاهين: أحدهما ينطلق من النص إلى الواقع لإنزاله إنزالا حرفيا حسب البناء الإيديولوجي الذي يحمله ويؤمن به، وثانيهما ينطلق من الواقع إلى النص بجعل الواقع فاعلا معرفيا بالنص، فتتقيد بذلك حركة النص طبقا لمقتضيات ومتطلبات الواقع، وقد لا تثار إشكالات حينما تتوقف المناقشات على دائرة الأحوال الشخصية، لكن حينما نتعامل مع القضايا الاجتماعية والسياسية العامة فقد يسقطنا ذلك في تشويش مثلما حاول الريسوني فعل ذلك في قضية البيعة، على اعتبار أن البيعة عمل جماعي ومشترك، وكما قال مالك بن نبي «كل المجتمعات تواجه في تاريخها ظروفا تعرضها للقيام بالعمل الجماعي أو العمل المشترك، فإذا فقد العمل المشترك الجواب الأساس عن لماذا؟ فكأنه أطفئت فيه منذ اللحظة الأولى جذوة الطاقات الاجتماعية التي يجب أن تشترك للقيام بإنجاز هذا العمل المشترك، وفي هذا الصدد يكون كل العاملين القائمين بعمل مشترك محركين بالمبرر نفسه»، وبناء عليه قلنا للسيد الريسوني بأن المخالف للجماعة مستندا على كخطط مدعوم بقوى مالية خارجية لا يمكن أن يعينها، حتى لو تظاهر بذلك من موقع الناصح، وصدق الله تعالى في قوله: «لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا». فعدم إيمان الريسوني بالهوية الوطنية وخصوصياتها يزيد من هزال الوعي التاريخي لديه في فهم النصوص وقراءة الأحداث على ضوئها، فالوعي التاريخي تبرز أهميته من كون النصوص التي صدرت أو نزلت جاءت في سياق تاريخي ومن الطبيعي أن السياق حجة وعنصر رئيس في فهم مراد المتكلم، كما يصعب فهم السياق بتمام عناصره إلا بإطلالة على المعلومات والوثائق التاريخية ذات الصلة به، وهذه الفكرة تستبطن قدرا وافيا من الحس التاريخي، وفي هذا الإطار نلاحظ انتفاء حضور التاريخ الوطني على عدة جبهات لدى الريسوني وتشويشاته، ويتجلى أولها في ضحالة بل خواء المعلومات التاريخية في علاقتها بالقضية المثارة لديه، وهذه الوضعية تجعل المشتغل بالفقه حاملا لتصور ومنهج منقوصين، إن لم يكن منقطعا عن المشاهد التاريخية التي تطلب من الباحث الدارس ضرورة الكشف عن التاريخ بعناصره السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، فضلا عن ضرورة فهم المناخ الطبيعي الذي جاءت داخله النصوص، وضرورة الاستعانة بسائر مصادر التاريخ لفهم الكتاب والسنة و إنزالاتها، فهلا أخذ الريسوني بالتحقيب التاريخي وهو يشكك في تجديد البيعة؟ ذلك التحقيب التاريخي الذي دشنه في الغرب الإسلامي المؤرخ بن حيان حينما شق لتأليفه التاريخي نهجا يقوم على حصر الكتابة التاريخية على بلاده في كتابه “المقتبس” عوض التاريخ العام الذي سلكه الطبري وبن الأثير وبن كثير وبن خلدون، وقد سار المغاربة على نهج بن حيان في كتاباتهم التاريخية، ونخص بالذكر هنا المؤرخون المعاصرون ومنهم عبد الرحمن بن زيدان من خلال تحفته” إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس”، والمختار السوسي من خلال كتابه “المعسول”، والفقيه والمؤرخ أحمد بن محمد الرهوني في كتابه “عمدة الراوين في أخبار تطاوين” ومحمد داود في “تاريخ تطوان”، فكان على الريسوني قبل أن يثير تشويشه السياسوي المغلف بغلاف متأسلف ومتأسلم أن يطلع على هذه الأعمال الموسوعية للحضارة المغربية التي كان الفقهاء هم نواتها، فحينما نقلب صفحاتها نجد الاحتفال بأعراف وعادات الناس من علماء وولاة وأهل الزوايا والقضاة ومراسيم البيعة والاحتفال بعيد المولد النبوي، وسلطان الطلبة بفاس، كما نجد تراجم لفطاحل العلماء المغاربة المسهمين في هذه المراسيم بعلمهم وبحضورهم وبفحصهم وتعليمهم، وعوائد أهل البلد الخاصة في أفراحهم وأتراحهم، لكن أهم ما يمكن ملامسته في هذه الأعمال الموسوعية للحضارة المغربية هو فكر هؤلاء العلماء وحماسهم الوطني في تركيزهم على مجد الدولة المغربية وعراقتها. لكن الظاهر أن اعتناق الريسوني للوهابية أصبح يطارد وعيه التاريخي بحضارة بلده في نشاطه العلموي والسياسوي، إذ نجده يتعامل مع النص باستبعاد السياقات المحيطة تاريخيا بعين الاعتبار مما يجعله ينزل بكلام مسلوق بدون قراءة للمحيط السياسي والحضاري المغربي، ويا ليت الريسوني قضى تلك الست سنوات التي سكنها في السعودية بإنجاز الموسوعة الوهابية السمينة بدولاراتها، فلو كانت لوجه الله حقا لا لوجه الدولار، لقضاها الشيخ في موريتانيا ليجمع موسوعة النوازل الفقهية التي تعتبر امتدادا حضاريا وعلميا للشخصية المغربية، أو لقضاها في أدرار نفوسة في ليبيا لجمع التراث الفقهي العلمائي الأمازيغي الذي يعد بدوره فرعا من فروع المدرسة الفقهية المغربية الأصيلة، لكن الريسوني علم أن موريتانيا لن يجد فيها إلا غذاء الصحابة الأجلاء من تمر ومن ألبان النوق والإبل، كما لا يوجد هناك من يسلم حقائب الدولار اللامعة، ولعل ذلك لا يليق بمقاصد شيخنا المقاصدي، ولذلك نرى اليوم أن تلك المناطق من دول جنوب الصحراء قد أصبحت فريسة للتدمير الوهابي الذي طال حتى أضرحة ومقامات الأولياء والصالحين الأمر الذي أدانه أمير المؤمنين في بيانه الأخير، وزكاه المتفيقهون الأصوليون لدينا سكوتا وتشفيا في الداخل والخارج. كما أنه لابد من الإشارة إلى أن فطاحل التاريخ المغربي من المعاصرين الذين أشرنا إليهم كانوا من المبرزين في الفقه (الرهوني، عبدالرحمن بن زيدان، المختار السوسي، الكتاني…) فما يجوز للريسوني ولا لغيره من المزايدة عليهم فقهيا، وإضافة إلى فقههم وأعلميتهم كانوا يتسلحون بثقافة وزاد واسع في التاريخ الإسلامي على امتداد بقعه ومدارسه، في ظل اعتزازهم بالهوية الحضارية المغربية، ولذلك كانت مقارباتهم للنصوص الشرعية تتسم بالعمق واليسر والاعتدال والملاءمة، ولم يثيروا فتاوى تصدم المواطنين كما هي خرجة الريسوني أو نهاري الذي يحمل إجازة في الاقتصاد ولم يسبق له أن درس الفقه أو رآه، وإضافة تسلح علمائنا الأجلاء بالفقه وباقي العلوم كانوا يتمتعون بفضيلة التواضع، فحينما يسألون عن مسألة لا يعرفونها يجيبون ب «لا أدري»، فهذا العلامة سيدي العربي وادفل الحسني الإدريسي، وهو من علماء القروين المعاصرين ومن شيوخ والدي حينما كان يسأله طلبته عن مسألة يجيبهم بالقول: «سأبحث في الأمر وأجيبكم»، كما نصح الفقيه سي بنسعيد المهداوي طلبته بالابتعاد عن المتفيقهين الذين لا تسمع منهم كلمة «لا أدري»، في حين نجد أن مصيبة المتفيقهين الوهابيين في إنزالهم النصوص بقطعها عن جذورها وأوصالها، وكأنها مسقطة من السماء، ويعرفون كل شيء، مغلفين ذلك بكفرهم بالهويات الوطنية المختلفة لدول العالم الإسلامي وخصوصياتها، بقولهم «إن الإسلام واحد وصالح لكل زمان ومكان»، ولعل ما يظهر التناقض الصارخ لدى الريسوني في هذا المقام هو أن تبنيه الحرفي للنص وفق النهج الوهابي تنسف لديه بقوة تغنيه الدائم بالمقاصدية في الاستنباط والتشريع، لأن المقاصدية يمكنها التجاوب بشكل أفضل وبمرونة أوسع مع الخصوصية والهوية، وتشخيص المصلحة التي تطرحها الحداثة والمعاصرة، فهل يمكن للشيخ الجمع بين الوهابية والمقاصدية؟ مع استحضار تأكيد علماء الأصول والاجتهاد على أهمية فهم الكتاب والسنة في ظل الإقرار بمرجعية العرف اللغوي والاجتماعي بوصفه حكما ضدا على النقل والإنزال الحرفي للنصوص، فالظاهر إذن أن إنكار الوهابيين للهوية المغربية العريقة دفعهم إلى الكفر بالاسلام المغربي بحمولته الحضارية التي لا يفهمها البعض، ونحن لا نعاندهم في فهمهم هذا، بل إننا نشفق عليهم في ذلك. فما بالك بأن يقروا ويأخذوا بالتاريخ الثقافي والأدبي والديني الأمازيغي الماقبل إسلامي؟، ومنه التاريخ الثقافي اليهودي المغربي والمسيحي. حينما نراجع كتابات أغسطين الجزائري (من سوق أهراس ) نجد أنها تحمل من علم الأخلاق والأداب والفنون الكنز الثمين بمعزل عن حمولتها العقائدية المسيحية، في الوقت الذي نجد فيه هؤلاء الوهابيين يهربون التراث الثقافي الجاهلي البدوي المرتبط بشبه الجزيرة العربية والعمل على إدخاله وتسريبه للتعليم وللمساجد بعناوين بلاغية أو لغوية، وفي كثير من الأحيان تعطى لهذه الثقافة البدوية عناوين دينية مقدسة لتهريبها بسرعة وسهولة وبدون إشكالات، وهنا نشير إلى أن الريسوني في تشويشه على البيعة في البداية عمل على وصفها بأنها طقوس مخزنية لا وجود لها في المشرق الإسلامي، لكنه أحس أنه في وسمها بالسلوك المخزني ظل ملازما وداخل التاريخ المغربي للإسلام، إضافة إلى أنه بوصفها بالمخزنية قد أكد بفمه مغربيتها، لكنه أحس أنه بقوله ذلك أكد قوتها في الوقت الذي كان يريد إضعافها، إذ أن وسمها بالمخزنة لا يثير أي إشكال شرعي، ولا يكفرها، ولما أحس بورطته هذه عاد في خرجة جديدة على «هسبريس» سماها «نصيحة للملك» بأن وصفها «بأنها طقوس كسروية وقيصرية»، أي أنه أراد تكفيرها وإخراجها من الملة ومن الهوية المغربية نافيا عنها الصفة المخزنية التي سبق له وسمها بها في خرجته الأولى، ولذلك قلنا للدكتور الريسوني إذا كانت لديك رؤية علمية مؤسسة ومتكاملة شرعية وموثقة ومدعومة بالاستدلالات والبيانات الشرعية والعقلية والتاريخية اكتب لنا بحثا علميا رزينا في المسألة يخضع لشروط البحث العلمي، أما أن تمارس السياسة بالتشويش على البيعة مرتديا في كل حين نقابا، وناهجا نهج الرقص على حبال الخرجات الصوتية وكأن لسان حالك يقول: «ما ننسخ من خرجة أو ادعاء أو ننسه نأت بأسوأ منه...». كما يتبين هنا حاجتك القوية إلى التاريخ كعلم وكأحداث سياسية وثقافية ودينية لبلدك خاصة ولهويتك، فاعتزاز المغاربة تاريخيا بهويتهم جعلهم حينما يستقدمون مذاهب فقهية فكرية وأدبية من المشرق يأخذون بأصولها المجردة ثم يقومون بمغربتها وإخضاعها للهوية الوطنية وللأعراف الاجتماعية والتاريخية النقية والأصيلة لتراثنا المغربي، وهو ما تم حينما أدخل الفقيه الجليل دراس بن إسماعيل في منتصف القرن 4 الهجري المذهب المالكي إلى المغرب، واعتمده الفقهاء المغاربة ثابتا من ثوابت الهوية الوطنية الدينية المغربية، والأمر نفسه مع الإمام عثمان السلالجي حينما أدخل الأشعرية إلى المغرب كخيار وسطي بين التأويل والتشبيه، كما عمد العلماء المغاربة إلى نهج التفريع كمسلك منهجي استجابة لحاجيات المغاربة وتبسيطا للذين لا يستطيعون الأخذ المباشر من الأصول القرآنية والنبوية، ولعل خرجة الريسوني هذه المشوشة على البيعة المغربية ومحاولته إخراجها من الملة ومن المغربة بوصفها ب ” الكسروية والقيصرية” وإخراجها من المنطق والعقلانية باعتبارها “غير جدية وهزلية” ودعوته إلى القدرة على التعقل والعقلانية، كل هذا التشويش الريسوني يذكرنا باتهام الوهابيين للمغاربة بأنهم يفرعون ولا يأخذون بالأصول (القرآن والسنة)، لذلك نجدهم يرمون كل سلوك بالشرك والبدعة. ولعل الريسوني أعلم من غيره في هذا المجال بأن البدعة أصناف فهي بدعة واجبة وبدعة محرمة وبدعة مندوبة وبدعة مكروهة وبدعة مباحة، وتعرض كل بدعة من هذه البدع المذكورة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة، ولكل قسم من هذه الأقسام أمثلة يضيق المجال عن التفصيل فيها، فإذا ما اعتبرنا “تجديد البيعة بدعة” فما هو الأمر في قواعد الشريعة الذي يمكنه إدخالها في التحريم، مع العلم أن الأصل في الأشياء الإباحة، بل إن إصرار علمائنا الأجلاء في تراثنا الفقهي عليها وتمسكهم بها وعدم إنكارهم لها يجعل من تجديد البيعة أمرا واجبا، فقد تمسك هؤلاء العلماء الفطاحل بتجديد البيعة عبر التاريخ رغم ضعف الدولة الوطاسية، وعلى رأس هؤلاء العلماء الأجلاء السيد اليسيتني، وعبد الواحد الونشريسي الذي تحدى المحنة وأعلن تمسكه بالبيعة، وبن يجبش التازي، وبن طالع الحسني، وعيسى البطوئي الريفي، وأبو المحاسن الفاسي، وأبو علي اليوسي، وأبو عبد الله المجاطي، وفيما يتعلق بتاريخنا المعاصر نحتفظ بمثال ساطع ورادع للريسوني، وذلك حينما أرادت القوى الاستعمارية عزل السلطان محمد الخامس وفرض بيعة بن عرفة، هنا تعبأ علماء القرويين لتجديد البيعة للسلطان الشرعي ونقض ونسف بيعة المؤامرة الاستعمارية، وأوكلت حينها لجنة تحرير الفتوى العلمائية إلى العلامة سيدي العربي وادفل الحسني الإدريسي لتحرير الفتوى المقرة بتأكيد بيعة السلطان الشرعي، فلو أخذ علماؤنا حينها بافتراء الريسوني وتشويشه الذي أطلقه لقالوا لسنا في حاجة لتأكيد وتجديد البيعة لأننا قدمنا البيعة مرة واحدة، ولا داعي لتجديد البيعة ( توجد مخطوطة الفتوى في الخزانة الملكية لمن أراد الاطلاع عليها) مع العلم أن علماءنا تحدوا حينها أعتى قوة استعمارية ليعبروا عن الحكم الشرعي، أي أن العلماء المغاربة لم يكن تسليمهم بالأمر يحكمه الخوف في حجب حكم شرعي ظل مجهولا حتى يكتشفه الريسوني بعد عودته العنترية من السعودية وتنصيبه في لجنة الملك فيصل لضمان دهون دائمة، فقد حاول حينها الاستعمار ضرب أمن المغاربة بالأسلحة وبالصحافة وبالتعليم وبالخونة، لكنه لما اكتشف أن هذه الأسلحة فشلت في اختراق أمن المغاربة أراد ضرب أمنهم عبر مس بيعة السلطان، لكن العلماء المتأصلين أفشلوا تلك المؤامرة التي أراد تمريرها على يد سياسيين أمثال لكلاوي ومتدينين أمثال عبد الحي الكتاني، وهو ما يحاول الريسوني الآن تقمصه انطلاقا من غرفة العمليات السعودية، والتي –مسألة البيعة- قال لنا أنها بدأت لديه مجرد سؤال يطرحه عليه أسياده فلا يجد لها جوابا، لكنه تبين أن الغرفة أقنعت الريسوني” بضلال وبدعة وشرك تجديد البيعة وبقيصريتها وكسرويتها” فتبنى الأمر قلبا وقالبا وبحماس منقطع النظير، حينما قال في خرجته الأخيرة: « ….فإن لم ينته ذلك فسأظل أنا وغيري ننتقده إلى أن ينتهي». هكذا أصبح الريسوني مهددا ومستأسدا ليس بنفسه فحسب ، بل الظاهر من قوله أنه يهدد بغيره أيضا، ولا ندري من غيره هذا؟ هل هو غرفة العمليات بالسعودية؟ أم هو بنكيران من داخل الحكومة بطرق غير مباشرة؟ أم من داخل المجلس العلمي الأعلى عمليا على يدي حبيبه مصطفى بنحمزة الذي استضافه في لقاءات وفيلات مرات عديدة في وجدة؟ أم على لسان جعجعة أفتاتي؟ وفي هذا الصدد نقول للدكتور يسف إن ردكم جاء محتشما وخجولا ومتأخرا وباردا لأنكم ترسخون عمليا فتوى الريسوني وإن كنتم تدينونها صوتيا وبيانيا، وذلك حينما تحزبون المجلس العلمي الأعلى وتقصون العلماء والباحثين المغاربة المتأصلين الذين يعارضون سياسة التهريب الديني من الأنشطة العلمية للمجلس ومن برامج التأهيل والتجديد الديني بتخطيط وتدبير وتنسيق بين رواد الوهابية في المغرب ( الشاهد البوشيخي الذي كان بمثابة مستشار للوزير التوفيق ومصطفى بنحمزة والمقرئ أبوزيد الادريسي والوزير التوفيق، والراوندي الذي تم استقدامه من الرباط إلى وجدة خصيصا لدعم بنحمزة في استنبات المخطط الأصولي الذي أصبح جناح كبير منه يتحرك تحت ما يسمى بهيكلة الحقل الديني وبتمويل من الأوقاف، فقد كنا ننتظر من هذه الأسماء التي تقر بإمارة المؤمنين كلاما وتهدمها عملا أن تندد بخرجات الريسوني ببيانات جمعياتها المصطنعة وفي خطب الجمعة، عوض أن يصمتوا ويندسوا وراء تنديد يسف الخجول والمتأخر والجامد البارد، مع العلم أن هؤلاء عودونا على ضجيج منقطع النظير حينما يمس القرضاوي أو غيره من رموز الوهابية العالمية، بل على الضد من ذلك فاجأنا إمام جمعة مسجد عمر بن عبد العزيز بوجدة والمسمى ” المالكي ” وهو تلميذ بنحمزة ويمتثل لأوامره (ولا يتوفر حتى على شهادة البكالوريا) في خطبة الجمعة الأخيرة بتأكيده في الخطبة كلام الريسوني حينما تحدث عن خطر الملحدين وعن مؤامرة الأجهزة الإعلامية على الإسلام في البلاد. فحينما استغرب يسف في تنديده سكوت جريدة التجديد وهي جريدة رئيس الحكومة التي استقبلت الريسوني بحوار عنتري أسدي وبطولي، أما كان له وهو الفقيه الذكي أن يستخلص شيئا من هذا الاستغراب الذي لا يعد كافيا، ولماذا لم يستغرب سكوت زملائه في المجلس من الأصوليين وعدم تصديهم للريسوني عبر خطب الجمعة التي يشغلونها وعبر جمعياتهم و منابرهم الموازية والتي يعطونها عناوين ثقافية وفكرية وعلمية وفي مراكز دراساتهم التي مولتها لهم وزارة الأوقاف، مع العلم أن تنديدكم وتنديد الوزير ليس مبرئا لذمتهم ولا ينوب عنهم ولا يبرئ سكوتهم المتذاكي والرامي إلى استبلاد الطبقة السياسية والنخبة العلمائية المثقفة المعارضة للمشروع الأصولي، والرامي إلى بهدلة الحقل الديني وتحزيبه وإدخاله إلى الطائفية على حد تعبير الأستاذة الرويسي في بيان” بيت الحكمة” المندد بعنترية الريسوني. ورغم أننا من المعارضين بقوة لنظرية المؤامرة إلا أننا نستطيع الآن القول بأن هناك مشروعا ومخططا أصوليا بين الداخل والخارج وبين أجنحته السياسية والدعوية وبين حزبه وجمعياته، وبين عناوينه العلموية من داخل المجلس العلمي الأعلى، والجامعات، ومراكز الدراسات المختلقة والمزيفة ، مخترقا وزارة و الأوقاف، ويرى هذا المخطط أنه قد قطع أشواطا ولم يبق له إلا التشويش على البيعة السلطانية لأمير المؤمنين، ولذلك يمكننا القول بأن حفل تجديد البيعة أصبح واجبا لصد خرجات الالتقاطيين والخونة والمفسدين، وهنا نتوقف لمساءلة الريسوني من جديد: هؤلاء المسؤولين الكبار المفسدين الذين تتم محاكمتهم الآن بجرائم مالية ألا يعتبرون خائنين وناقضين لمبدأ الإخلاص والوفاء والنزاهة الذي أقسموا عليه أثناء تقديمهم بيعتهم للسلطان؟ وهنا يتجدد السؤال: ألا تعتبر هذه الخيانات والسرقات وجرائم الفساد مسوغا شرعيا وقانونيا وإداريا وثقافيا لتجديد البيعة ليس كل سنة فحسب بل كل شهر؟ (مع العلم أنه لا تناقض بين البيعة وتفعيل مساطر الرقابة والقضاء والمتابعة ) كما يتجدد السؤال للريسوني: ألا يعد تغيير المسؤولين والمسيرين والولاة والمنتخبين سببا رئيسيا من أسباب تجديد بيعتهم؟ وفي انتظار أجوبة الدكتور نقول: إن مظهر الريسوني يثير الشفقة حقا وهو يسبح في عباءته وطربوشه السعوديين راكبا أمواج العبارات الضبابية والفضفاضة ليصل إلى شط الأمان بحديثه عن :” الأمر الجدي” وقهقهته التهكمية التي كان يطعم بها حديثه، وبإطلاقه اصطلاحات “العقلانية والقدرة على التعقل”، كل هذا يظهر أنه تم النفخ في أذنه، ونحن في هذا الصدد لا نوافق الدكتور الخطيب حينما وصف الريسوني ب “البليد” لأن البليد يستفيق حينما يصطدم بالحقيقة ويتراجع عن جعجعته، أما الدكتور الريسوني فهو يلعب هنا دور الذكي الخارق الذكاء والمسيس وهو يصر ويهدد في مطاردته للبيعة، من منطلق لعبة سياسية يبدو أنها محكمة في توزيع الأدوار بين بنكيران والريسوني وبنحمزة، رغم أنها قد تبدوا ظاهريا متعارضة إلا أنها متكاملة ، فالبليد لايقوم بكل هذا؟ فقد كنا ننتظر من بنكيران وبنحمزة الخروج المدين بقوة لخرجة الريسوني، لكن ذلك لم يحدث، فقد وجدنا أن بنكيران يتهجم بالعكس من ذلك على محيط ومستشاري الملك، مما يبين أن المخطط الأصولي لبنكيران هو الذي يشكل ما يسمى بحكومة الظل المعارضة لإمارة المؤمنين، عبر اقتسام الأدوار بين من يظهر حلاوة ورخاوة وطلاوة سياسية من داخل المؤسسات على يد بنكيران وإخوانه وأخواته، ومن يظهر تشددا في الخطاب والسلوك الضاغط من خارج االمؤسسات إحداهما متفيقهة ومتأسلمة يمثلها الريسوني، من أجل مصادرة الشرعية الدينية لإمارة المؤمنين عبر التشويش على البيعة، أما الثانية فهي من داخل المؤسسات وتنقسم إلى قسمين : القسم الأول ينطلق من المؤسسات الدينية لوزارة الأوقاف لاحتلال مواقع مسؤولية التدبير الديني وتهديم ثوابت الهوية الدينية للبلاد وتحزيبها لصالح الأصولية عبر ما يسمى ب “هيكلة الحقل الديني”، أما القسم الثاني فهو سياسوي وينطلق من مؤسسات دستورية أخرى، وأكبر نموذج على ذلك يمثله البرلماني أفتاتي عبر خرجاته الدونكيخوتية التي تعمل وفق قاعدة “جعجعة ولا أرى طحينا” والمقصدية من ذلك مزدوجة: أولها هو الضغط على السلطان من أجل أن يفسح المجال لبنكيران وأخواته وإخوانه لاقتحام أفرشة المؤسسات والقضايا الكبرى بأحذيتهم وبنعالهم أكثر فأكثر، مع العلم أن الدستور حدد كل شيء، أما المقصد السياسوي والانتخابوي الثاني فهو تعبوي دعائي إعلامي واستقطابي بالأساس، ليتبين للإخوة وللأخوات بأن ما يقدمه بنكيران والحمداوي من ولاء سياسي للملك في صباغة وأردية تظهر كأنها تنازل رئيس الحكومة عن صلاحياته الدستورية للملك ليست إلا خطة سياسية لابتلاع صلاحيات أميرالمؤمنين الدينية، وبالتالي فهي ليست انبطاحا أو تملقا أو تنازلا من بنكيران للملك كما يصفها الإخوة الغاضبون، وفي هذا السياق يأتي خطاب الريسوني المشوش على البيعة راكبا حصانا نجديا سعوديا أصوليا من خارج الحزب لتقوية الموقع والفكرة والخطة، إلى جانب جعجعات أفتاتي الدونكيخوتية من داخل الحزب والبرلمان والتي أرادت استعادت شعبية الحزب التي أصبحت تتيبس وتجف بعد الزيادة في المحروقات، وتصريح الداودي بخصخصة التعليم العالي وهلم شرا، والعمل على إنقاذ الحزب من الخواء والفراغ الذي أصبح يعانيه. فسكوت أفتاتي الذي هو برلماني ومعني بالبيعة يؤكد ذلك، كما أن سكوت بنكيران عن خرجة الريسوني يثبت ذلك أيضا، وكأن أمر تجديد البيعة لا يعنيهم، فضلا عن سكوت رؤساء المجالس العلمية من الأصوليين، كما أنهم يتظاهرون وكأنهم لا يعرفون الريسوني وليس من دمهم ولحمهم، بعد عودته البطولية من “عاصمة الربيع العربي والديمقراطي والتحرري” السعودية، واصفا في حواره مع التجديد ما وقع بأنه “زلزال فكري وسياسي وفقهي”، هذا الزلزال الفقهي الذي جعل الريسوني يتجرأ على تجديد البيعة في المغرب، وعلى ما سماه “بالركوع” ، وجعله في الآن نفسه يسكت عن تحريم فقهاء السعودية على المرأة سياقة السيارة، هذا” الزلزال الفقهي “الذي يسكت عن جرائم هناك باسم الشرع، وينطق بجرأة خاوية هنا لعله يستحضر تلك الصورة التي قدمها الملك عبد الله للرئيس الإخواني المصري مرسي في زيارته الأخيرة للسعودية ليذكره بها ببيعة “حسن البنا” للملك السعودي، وتحمل الصورة الشيخ حسن البنا زعيم الريسوني الأول، وهو ينحني مقبلا يد الملك السعودي حينها( الصورة نشرتها جريدة الاتحاد الاشتراكي مؤخرا وهي حقيقية ومتوفرة لمن أراد الاطلاع عليها)، فانحناء حسن البنا وتقبيله يد الملك السعودي ليست ركوعا وليست طقسا كسرويا وقيصريا، بل هي واجب شرعي وتعبدي حسب الريسوني وإخوانه وأخواته، لأنه مدعوم بالدولار السمين ولأنه ينطلق من غرفة العمليات لأمير المسلمين، هذا الدولار الذي هو هناك حلالا طيبا أما عندنا فيبدو أن منحة إمارة المؤمنين “فهي حرام”، فقد أدهشنا قول الريسوني في خرجاته المسائية بأنه لم يصرف تلك المنحة التي قدمها له السلطان بعد درسه الحسني الذي قدمه؟ مادام انحناء العلماء عندنا نحن يعتبر حسب حسب الرسوني: «ركوع لغير الله وطقوس كسروية وقيصرية وسخافة مضادة للعقل والعقلانية يجب أن تنتهي وإلا...»، والريسوني هنا يتكلم بعنترية وعنجهية وكأن الشعب فوض له ذلك وهو لا يمثل إلا نفسه، مع العلم أن كلامه هنا يشكو من الخواء العلمي والتعارض والتذبذب والاهتزاز حينما يقول «.... كأن هؤلاء ينظرون إلى المغاربة وكأنهم يقدمون بيعة لمدة سنة تحتاج إلى تجديد وتنتهي صلاحيتها». ونحن نسأل الدكتور إن كانت له القدرة على التعقل حسب زعمه: ألا تعد خيانة وفساد المسؤولين المقدمين للمحاكمة مؤخرا انتهاء لصلاحية بيعتهم وانتهاء لبيعتهم التي قدموها وأقسموا فيها للسلطان على الإخلاص والوفاء والنزاهة وعدم الخيانة؟ وألا يعتبر سكوتك لعقود عن أمر تجديد البيعة وخرجتك العنترية الأخيرة المشوشة على البيعة بمثابة انتهاء لصلاحية البيعة التي قدمتها فعليا أو ضمنيا؟ أم أنك أنهيت صلاحية بيعتك بمجرد أن أزاحك الدكتور الخطيب وبنكيران حينها من رئاسة “التوحيد والإصلاح” واصفا إياك بذلك الوصف الذي نخالفه فيه “البليد” لأنك تبدو بحق خارق الذكاء؟ أما عن قولكم : «بأن البيعة في الإسلام شيء جدي والشيء الجدي يكون مرة واحدة وينتهي ولا رجعة فيه وهذا كله يظهر سخافة هذا العمل المتكرر»، فهذا والله من أغرب ما سمعت، مدعما قوله «بالقدرة على العقلانية والتعقل»، فقد عدت لتقليب قواعد علوم المنطق انطلاقا من مصادر قديمة نذكر منها «الإشارات والتنبيهات» لابن سينا، و«صون المنطق والكلام عن فني المنطق والكلام» للسيوطي، و«مناهج الأدلة في عقائد الملة» لابن رشد، و«المنقذ من الضلال» للغزالي، فضلا عن «متن الأخضري» في علم المنطق الذي يحدد فيه الكليات والجزئيات والذاتي والعرضي، ومن المراجع المعاصرة قلبت صفحات «مناهج البحث عند مفكري الإسلام ونقد المسلمين للمنطق الأرسططاليسي»، و«نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام» لعلي سامي النشار، وفي الفقه الجديد كتاب «الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد» للدكتور مصطفى الزرقا، وبعد تقليب هذه المصادر والمراجع ما وجدت رائحة لمذهب الريسوني في «تشكيكه في جدية الشيء المتكرر ووسمه بالسخافة»، أو زعمه بأن «الشيء الجدي يكون مرة واحدة»، من زاوية علم المنطق، ولم نجد هذه القواعد الريسونية المختلقة تنطبق حتى على عوالم اللاهوت من معرفة الله مثلا فكيف بها أن تنطبق على عوالم الناسوت في مسألة تجديد البيعة مثلا؟ ففي معرفة الله مثلا يذهب العلماء إلى أن تحققها المستقل لا يكون مشروطا بأي شرط وتكون من جميع الجهات واجبة بالذات، وهذا يلج بنا إلى دراسة المسألة من باب الارتباط بالذاتي والعرضي والماهية والكلي للمسألة ، وهي مسألة لا يتناسب نقاشها في هذا المقام لتعقيدها ، ولا ندري مدى تحقق الريسوني وحجم زاده من علم المنطق في إبطال جدية الشيء المتكرر بناء على ادعائه القدرة على العقلانية والتعقل؟ أم أنه لوح بها دفعا بالصدر المتظاهر بالقداسة الفارغة من المضامين، حينما لم يجد أدلة شرعية مباشرة، وحتى لا نثقل على قرائنا أكثر من اللازم نجدد دعوتنا للدكتور الريسوني كتابة بحث علمي ومنهجي في المسألة، وإذا كان لسيادته متسع من الوقت لا حرج في نقاش تفصيلي تناظري في ندوة علمية حول المسألة ندعو الدكتور يسف لتنظيمها واحتضانها- ولا حرج في ذلك إذا كان الله تعالى قد فتح حوارا مع محبيه ومع أعدائه وعلى رأسهم الشيطان وفرعون…- حتى لا يبقي المجلس العلمي الأعلى حكرا على أهل الحزب الأصولي وواضعا في واجهته علما مغربيا وحكرا على أبناء الحومة والدوار الأصولي، ويستمر في قطع الطريق على الباحثين الداعين لنهج تدبير ديني يجمع بين أسس الهوية المغربية وثوابتها العريقة والأصيلة وبين مقتضيات الحداثة والتجديد والمعاصرة والحرية والديمقراطية، وخير ما ننهي به حديثنا هذا للدكاترة الريسوني وتوفيق ويسف وبنحمزة وزملائهم الكبار وتلاميذهم الصغار المزروعين والمستنبتين هنا وهناك من داخل مؤسسات الدولة ومن خارجها في البلاد ومن غرفة العمليات، قوله تعالى من سورة آل عمران : «ها أنتم حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون» «ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يوتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم».