التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    "الجديدي" ينتصر على الرجاء بثنائية    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نزهة الشقروني : مشروعي المستقبلي هو إعادة بناء الاتحاد الاشتراكي

ترى نزهة الشقروني عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي أن حزبها يعيش أزمة حقيقية كانت وراءها أسباب داخلية وأخرى خارجية، لهذا فهي تشعر أنها في حاجة إلى أخد مسافة من الأشياء المحيطة بها،وأن تركيزها المستقبلي سيكون لإعادة بناء حزبها، إذ أوضحت الشقروني أنه لا يوجد حزب في المغرب يعامل نفسه بقسوة غير حزبها الذي رأت انه يملك المشروعية التاريخية للقاعدة الشعبية لممارسة النقد الذاتي،كما عرجت الشقروني على ضرورة القيام بإصلاحات دستورية مؤسساتية لأنها الكفيلة بضمان الديمقراطية والحداثة التي تحتاجها بلادنا، كما أوضحت أن هذا المطلب ليس رد فعل عن فشل حزبها في الانتخابات الأخيرة وإنما هي نتيجة تجربة تسيير حزبها لمجموعة من المجالس البلدية، حيث تأكد للجميع ضرورة القيام بإصلاحات دستورية ،لأنها الضامن لاستقلالية القرار الجهوي .
يقال إنك ابنة أسرة متوسطة، وبأنك عشت طفولة مريحة، هل بإمكانك أن تحديثنا عن ذكريات الطفولة؟ ""
حقيقة أنا أنتمي لأسرة متوسطة مهتمة بالفن والموسيقى، بحكم إن والدي كان مدرسا للموسيقى قبل أن يصبح مديرا للمعهد الموسيقي بمكناس،ويمكنني القول أن طفولتي تميزت بأنشطة مكثفة بحيث جمعت بين الدراسة والرياضة، إضافة إلى أني كنت منخرطة في الكشفية المغربية، التي كان لها الدور الكبير في تنمية روح العمل المشترك في شخصيتي ،كما أنها كانت فضاء للتربية والتكوين والتربيةعلى قضايا المواطنة والقضايا السياسية، والكشفية المغربية كانت تابعة لحزب الاستقلال ،وكان دورها في التأطير مهم للغاية خاصة خلال العطل الصيفية، حيث مررت من "مرشدة "إلى" قائدة الزهرات"، وهذا في الحقيقة كان أفقا رائعا، وفي المعهد الموسيقي كنت أدرس موسيقى"الصولفيج" و"البيانو". وما يميز مدينة مكناس أنها كانت غنية بالأنشطة الثقافية ومنها العروض السينمائية بحيث كنا ننجز عروضا سياسية انطلاقا من الأفلام التي تعرض،وكذلك في الثانوية التي درست بها وهي ثانوية "لالة أمينة" التي كانت تقام بها العديد من الأنشطة الثقافية والحقوقية، لهذا يمكنني القول إن طفولتي كانت مليئة بالأشياء الجميلة، والذي ساهم بشكل كبير في هذا التفتح هما والداي اللذان يتمتعان بثقافة منفتحة على الآخر .
على ذكرك للوالدين، أيهما أقرب للشقروني الوالد أم الوالدة؟
أكيد أني كنت قريبة بشكل كبير من "بابا" بحكم الوقت الطويل الذي كنت أقضيه معه في المعهد الموسيقي، ومع ذلك لا أنسى دور والدتي لأنها كانت صاحبة ذكاء خارق، فما يمكنني أن أقوله لك عن أسرتي هو إنها ليست محافظة إلى درجة كبيرة رغم أنها متشبثة بالقيم أكثر من التقاليد، فقد كنت أعيش في جو من الانفتاح يرفض إصدار الأحكام المسبقة، وإنما يعتمد الثقة كعنصر أساسي في التربية، فهما معا وخاصة والدي يعتبر أن الحرية مسألة أساسية يجب أن تعطى ولكنها كانت مقرونة دائما بنوع من تحميل المسؤولية للآخر، لهذا فهو يسمح أن تكون لك اختيارات وأن تتخذ مبادرات،و في الوقت الذي ولجت فيه المدرسة، أول درس سمعته من والدي وأنا في طريقي إلى المدرسة أول مرة، مسألة الحرية، أي أنني سأكون حرة في اختياراتي الدراسية وفي متابعة دراستي العليا بالخارج وفي اختيار زوجي فيما بعد ...لكن هذا لا يعني انه لم يكن متتبعا لمساري الدراسي، حيث كان يراقبني عن بعد دون أن تكون تلك المراقبة خشنة، وإنما هي مواكبة أكثر منها مراقبة.
بعض الإسلاميين يصفونك بأنك من اليساريين المستأصلين، وبأنك ترفضين كل ما له علاقة بالجانب المحافظتي من حياتنا، بماذا تردين على هؤلاء؟
أكيد أنني أؤمن أن التشبث بالقيم شيء ضروري، واعتبر انه لابد من الانفتاح من أجل فتح الأفق للاستفادة من التجارب الأخرى لأنني لا أؤمن إطلاقا بالانغلاق على الذات، وأؤمن أن الإنسان يتقدم وكذلك فإن حضارتنا لن تتقدم إذا لم تنفتح على الأخر، لكن بدون نقل وإنما الانفتاح الايجابيات وترك السلبيات،لهذا فانا من الأشخاص الذين يؤمنون بضرورة تحطيم الحواجز.
ماذا عن بداية مشوارك السياسي، كيف انخرطت في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؟
أولا يجب التذكير بأنني انتمي لجيل كان فيه للحركة الوطنية حضور قوي، وكذلك لا يجب أن أنسى الدور الذي لعبه الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ليس فقط في الجامعة، بل في المرحلة الثانوية، حيث كنت أخوض الإضرابات للتعبير عن قضايا أو التضامن مع الطلبة من أجل الحصول على الشروط الأساسية للدراسة في ظروف أفضل، فقد كان لدي هذا الاهتمام والأكيد أن مساري تطور في الجامعة، حيث انخرطت في الحركة الطلابية، وكنت أعي أن كل عمل أقوم به غير مرتبط بشخصي وإنما بالجماعة التي أنتمي إليها، وفي ذلك الوقت كان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كحركة طلابية نقابية، كان لديها اهتمام سياسي ولها مواقف سياسية سواء ما يجري داخل الوطن أو خارجه، وفي بداية السبعينات كان هناك حضور قوي للحركة الطلابية خاصة التقدمية منها، آنذاك كنت أعلن بمعية مجموعة من إخواني وأخواتي في فرع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التابع للاتحاد الوطني لطلبة المغرب في باريس، حيث كان المجال مفتوحا أمامنا لممارسة أنشطتنا النضالية. إذن فمساري السياسي انطلق من خلال الظروف التي حدثتك عنها.
كيف تنظرين إلى واقع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعد أن تحول من حزب قوي إلى حزب يتراجع حضوره في الساحة؟
يمكنني القول إن الحزب يمر بأزمة وهي واضحة، وقد سبق لي القول إنه من الواجب التفكير في الأسباب التي جعلت الحزب يحقق النتائج غير المرضية في اقتراع 7 شنتبر، لهذا يجب أن نقف وقفة تأملية لمعرفة الأسباب التي أوصلتنا ليس لدرجة التقهقر وإنما جعلت الحزب يمر من مرحلة دقيقة، ونطرح السؤال ما الذي يجعل حزب ما قويا؟ الأكيد إنه بالإضافة إلى شرعية رصيده التاريخي وهذه مسألة لا يجب أن نتجاهلها فالاتحاد الاشتراكي لعب دورا في الحركة الديمقراطية والوطنية، جعلت منه مرجعا أساسيا في الحقل السياسي، وهذا شيء لابد من استحضاره، والمسألة الثانية التي تجعل من حزب ما حزبا قويا بالإضافة إلى قواعده هي وضوح مشروعه، وحزب الاتحاد الاشتراكي كان دائما لديه مشروع سياسي واضح انطلاقا من مرجعيته الاشتراكية الديمقراطية، والأكيد اليوم هو أن التحول الذي عرفه الحقل السياسي في المغرب والذي أصبح فيه شعار "مشروع مجتمعي" حداثي ديمقراطي" يرفعه الجميع، خلق ضبابية لدى المواطن الذي لم يعد يفرق بين الأحزاب التي أصبحت ترفع نفس الشعارات، وهو الأمر الذي يطرح على حزب الاتحاد الاشتراكي أكثر من أي وقت مضى إعادة النظر في الهوية الاشتراكية لكي يكون لديها وضوح في الرؤية، وفي مرجعيتها الاشتراكية، وكذا إعادة النظر في مشروعه المجتمعي الذي يجب أن يكون واضحا.
إلى ما ترجعين تقهقر الحزب، هل لأسباب داخلية أم خارجية؟
إليهما معا، واعتقد أن الأسباب الداخلية تكمن في تنظيماتنا الداخلية وممارستنا التي لم تكن تتم بنوع من الحكامة، خاصة وأن حزبنا كان حزبا قويا، قويا بتنظيماته وارتباطه بالقواعد الشعبية انطلاقا من نقابته وشبيبته وقطاعه النسائي بالإضافة إلى مرجعيته السياسية ورصيده التاريخي وخطابه الواضح في المعارضة والذي يعد خطابا من أجل النضال الديمقراطي، وهذا كان اختيارنا منذ مؤتمر1975، وهو ما يطرح سؤالا مركزيا ومنذ 1975 إلى اليوم، كم هي الأحزاب التي خرجت من حرم الاتحاد نتيجة أسباب مركبة ومعقدة يتقاطع فيها ما هو داخلي بما خارجي، وكيف كان ذلك من تبعات سياسة النظام في الثمانينات، أو من قبل أثناء ما يسمى سنوات الرصاص، حيث تعرض الحزب للضغط، فكل هذه الأشياء جعلت الحزب يتراجع خصوصا عندما تحمل مسؤولية تسيير الشأن العام، حيث تراكمت المشاكل لأنه في الوقت الذي كنا ندافع فيه عن الطبقات الكادحة تبينت محدودية عملنا في الوقت الذي تقلدنا المناصب داخل المجالس البلدية ، رغم أن التدبير غير مرتبط بنا، وإنما مرتبط بالنظام القانوني الذي يحكم الميثاق الجماعي والذي يحكم العلاقة بين المجلس البلدي و الوزارة الوصية، لأنه تسبب في محدودية العمل بسبب عدم استقلالية القرار في القضايا الجوهرية، والمسألة الثانية التي توصلنا إليها في إطار لجنة تقييم الانتخابات وهي أننا اندمجنا أكثر من اللازم في الدفاع عن الحصيلة الحكومية منذ حكومة التناوب أكثر من ارتباطنا بقواعدنا الشعبية، وهذا من الأخطاء التي يجب الاعتراف بها، خاصة وأن الحكومة رغم الإصلاحات الكبرى، التي اتخذتها ورغم عدد الأوراش التي قدمتها، فإننا كحزب لم نستفد من العمل الذي قمنا به، أو لم نعرف كيف نوضح الانجازات التي قمنا بها، أضيفي إلى ذلك تأثر علاقاتنا بقواعدنا على المستوى التنظيمي و على مستوى الكتابات الجهوية، والكتابات الإقليمية، وكذلك المبادرات التي أخذناها لم يفتح فيها نقاش، وهو ما يطرح بالنسبة لنا اليوم مشكلا أساسيا وهو ضرورة تعميق وتعزيز الديمقراطية الداخلية، وتعزيز الحكامة الجيدة وهذا شخصيا ما سأدافع عنه بقوة في المؤتمر الثامن القادم.
بعض الاتحاديين عبروا عن ارتياحهم بعد استقالة محمد اليازغي، هل نزهة الشقروني من ضمن هؤلاء؟
استقالة الأخ محمد اليازغي، الذي أكن له كل الاحترام والتقدير على اعتبار أنه مناضل كبير، هو موضوع غير مطروح للنقاش، ولكن باعتبار أننا فشلنا في الانتخابات، وأي حزب عندما يفشل في مرحلة معينة، فإن استقالة الكاتب الأول مسألة طبيعية وأساسية لأنها بمثابة الجواب الذي نقول من خلاله إننا فشلنا، إذن فنحن عبرنا عن فشلنا بهذا الشكل.
أقاطعها سيكون ما تقولينه صحيحا لو استقال المكتب السياسي عامة؟
في وقت معين طرح هذا الموضوع، أي استقالة كافة أعضاء المكتب السياسي، ولكن لابد من إدراك مسألة أساسية وهي إلى أي شيء كانت ستؤدي استقالة المكتب السياسي؟ أكيد إلى المجهول، مادمنا سنقطع رأس الحزب كله، بحكم أنه يمر عبر مرحلة دقيقة، ولم يكن من حقنا أن نفعل ذلك، كما أن استقالة الأخ اليازغي لا تعني خروجه النهائي من الحزب وإنما استقالته ككاتب أول لنمارس مهامنا كمكتب سياسي بشكل جماعي إلى حدود المؤتمر الثامن لكي لا تقف العجلة ونتمكن من مواصلة أعمالنا، والدينامية التي يعيشها الحزب اليوم توضح كم كان دورنا أساسيا للخروج من عنق الزجاجة، ويجب أن لا ننسى أننا مررنا من مجلسين وطنيين كان من الممكن أن تنفجر فيهما الأشياء لولا حكامة وتبصر أعضاء المكتب السياسي الذين تحملوا في تلك المرحلة الدقيقة كل العتاب واللوم والمؤاخذات، خاصة وأن الكثير من تلك المؤاخذات كانت صحيحة، لهذا يجب الاعتراف بأننا نتحمل فيها المسؤولية الجماعية، لكن على المستوى العملي فالكاتب الأول هو المسؤول عما يجري، الشيء الذي منح لاستقالته رمزية ورسالة قوية معبرة عن فشلنا في المكتب السياسي لتدبير المرحلة، وهذا شيء يجب الاعتراف به، ولكن من باب المسؤولية لا يجب أن نترك الفراغ باستقالتنا الجماعية وسنتحمل مسؤوليتنا و نحن مستعدون لتقديم الحساب في المؤتمر المقبل، وهذا ما سيتم.
هناك من يقول إن المؤسسة الملكية سحبت البساط من تحت أرجل حزبكم على اعتبار أنه هو من قاد تجربة التناوب، وكنموذج على ذلك تعامل المؤسسة الملكية مع قضايا المرأة حيث يبدو هذا التعامل أكثر تقدمية من أحزاب اليسار، كيف تعلقين على هذا الأمر؟
أنا أرى أن الذي يحكم علاقتنا مع المؤسسة الملكية هو الدستور، وهذا شيء واضح، فالملك اليوم هم من يعين أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول، فكون الحكومة والوزراء هم وزارة جلالة الملك، فمن المؤكد ومن خلال الدستور المغربي أن الملك هو الذي يسود ويحكم، أي أنه سيكون حاضرا فعليا على المستوى الاقتصادي والسياسي، وهذا اختيار المغرب، الآن يطرح نقاش هل نستمر على هذا المنوال أم نطالب بإصلاح دستوري، فأنا من الناس الذين يدافعون على الإصلاح الدستوري، وأرى أنه أصبح شيئا ضروريا لأن تعزيز الديمقراطية يمر أولا من باب الإصلاحات الدستورية.
ولكن أستاذة الشقروني البعض يرى أن ظروف إصلاح الدستور لم تنضج بعد، أي أنه لا يمكن منح سلطات معينة لجهة أخرى غير قادرة على تحمل المسؤولية، ما ردك؟
نحن نعرف أن كل الإصلاحات الدستورية التي عرفتها بلادنا تمت في إطار التوافق، وأرى أن هذا التوافق والحوار يجب أن يستمرا، بالفعل هناك أراء أخرى مخالفة لهذا الرأي وأنا أتحدث هنا بصفة شخصية، وقد تجدين أراء مناقضة لما أقوله داخل الحزب وحتى داخل الأحزاب التي توصف بالتقدمية والديمقراطية المشكلة للكتلة، فقد تجدين أن إسماعيل العلوي وعباس الفاسي ومحمد اليازغي، في الفترة الأخيرة يعلنون أن الأولوية يجب أن تعطى للأوراش الاجتماعية وأن أوان الإصلاحات الدستورية لم يحن بعد، وفي اعتقادي أن الإصلاح الدستوري لن يتم دون ترتيب بل يجب أن تفرز هذه المؤسسات أطرا حقيقية ومكونة لتقدر على التعامل مع المؤسسات الجديدة بنوع من الحكامة الجيدة، وهذا يطرح أيضا ليس إصلاحا دستوريا فقط وإنما دينامية أخرى تمنحنا الجرأة للذهاب بعيدا، لأنني عندما قلت الإصلاح الدستوري ربطته بالإصلاحات المؤسساتية وأعتبر أن قانون الانتخابات ونمط الاقتراع ومسألة الغرفة الثانية هي تحديات كبرى يجب استحضارها خلال نقاشاتنا داخل الحزب، لأنه إذا كنا فعلا نرغب في التغيير، يجب أن يمس هذا التغيير نمط عيش المغاربة وتتقوى منه مؤسسات البلد، لنساهم جميعا في تقوية المسار الديمقراطي لبلادنا لأنه الكفيل بإنجاح كل القضايا بما فيها قضايا الجهوية، قضايا المرأة ،القضية الوطنية وهي قضية الصحراء المغربية، فكل هذه أشياء مرتبطة فيه بينها، بما فيها علاقتنا بالاتحاد المغاربي الذي نطمح أن نبنيه، لهذا يجب أن تكون لدينا مقاربة شمولية اتجاه كل هذه القضايا، لكي لا تكون المطالبة بإصلاحات دستورية مجرد رد فعل لأننا فشلنا في الانتخابات وإنما يجب رسم خطة طريق تمنحنا تعديلا ديمقراطيا وتعزيزا للمستقبل التنموي بالبلاد.
سأرجع من جديد إلى موضوع كون المؤسسة الملكية أكثر تقدما في تعاملها مع المرأة، إذ نلاحظ أن كل المؤسسات بما فيها الأحزاب توظف المرأة كورقة انتخابية، فقط، وهو ما يعيق وصول المرأة إلى القرار السياسي، ألا تعتقدين أن العمل الحزبي في الواجهة النسائية متواضع جدا، ولا يرقى إلى مستوى الرهانات المنوطة به؟
أتفق معك تماما، وعلى الرغم من أننا كنا سباقين منذ1975ونحن نطالب بحقوق المرأة ، ولدينا إسهامات متعددة سواء بتنظيم أيام دراسية أو على مستوى المجتمع المدني، بحيث أن الجمعيات الأساسية خلال الثمانينات جاءت من رحم الحركة الديمقراطية الوطنية ،إلى جانب أننا أخذنا في حكومة التناوب مبادرات مهمة جدا، سواء تعلق الأمر بالمدونة والتغييرات التي مستها كما لا يجب أن ننسى أن الولوج إلى مراكز القرار كان بإسهام منا، وكنت أحمل حقيبة وزيرة مكلفة بقضايا المرأة، ومع ذلك بطبيعة الحال يبقى الحضور النسائي على المستوى السياسي لا يرقى إلى مستوى تطلعاتنا، وهذا من ضمن الأشياء التي نأمل أن يكون المؤتمر الثامن مناسبة للقطع مع تلك الممارسات، بعد أن تأكدت هيمنة الإخوان على هذا الحقل السياسي في كل التجارب الانتخابية السابقة، لهذا يجب أن ننهج سياسة بمقاربة جديدة تساعد الأخوات لأنه بطبيعة الحال لا نقدم لهن شيئا، وعندما تحل مرحلة الانتخابات نقول " ليس لدينا نساء قادرات على قيادة الحملة الانتخابية"، وهذا من ضمن النقائص، التي يجب أن نتداركها في المؤتمر المقبل لأنه بالنسبة لي محطة لتجاوز هذه النقائض، وبالنسبة لي فمحطة المؤتمر مرحلة جديدة ليساهم الجميع باقتراحات واضحة، أي أن المؤتمر الثامن سيعلن بشكل واضح أننا لن نقبل بأقل من 30 في المائة من كل المناصب وذلك في انتظار المؤتمر التاسع لنصل إلى النصف، فهذا بالنسبة لي التزام سأدافع عنه بوضوح إلى جانب تمثيلية الشباب داخل مراكز القرار بالحزب وكذلك بالتأكيد على أن مساهمة المرأة في كل الاقتراعات التي سنشارك فيها لا يجب أن تكون أقل من 30 في المائة.
إذن هل من المنتظر أن نجد في المستقبل القريب "كاتبة أولى" لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؟
تضحك، والله لست أدري لكن المؤكد هو أنني من الأشخاص الذين يؤمنون اليوم انه من يجد نفسه قادرا على قيادة هذه السفينة سنكون الى جانبه بغض النظر عن جنسه، والوقت حان اليوم أن يفتح الباب بشكل ديمقراطي أمام المناضلين والمناضلات، وإذا توفرت الشروط لدى إحدى المناضلات لما لا نسمح لها بأخذ زمام الأمور، وستكون رسالة قوية للمجتمع دالة على المساواة بين الجنسين وكذلك مبرهنة على عصرنة الحزب، ولكن لا أدري هل توفرت الشروط لهذا المطلب، لهذا أتمنى أن يفتح الباب على الأقل لمثل هذه المبادرات، وإذا لم يتحقق هذا المطلب في المؤتمر الثامن فستكون خطوة أولى للمؤتمر المقبل.
ألا ترين أن عددا كبيرا من المناضلين الاتحاديين محافظين أكثر من المحافظين الإسلاميين أنفسهم، والدليل على ذلك درجة تواجد زوجاتهم وبناتهم في الأنشطة الحزبية ثم كذلك الحضور النسائي الباهت في الاستحقاقات الانتخابية، على عكس ما نلاحظ عند أحزاب اليمين والإسلاميين؟
أنا لست متفقة مع هذا الطرح، عدم حضور بناتهم وزوجاتهم، فهذا اختيارهم، فممارسة الشأن السياسي اختيار فردي، ولا يجب أن نفرض على المناضلين إحضار زوجاتهم وبناتهم وفي المقابل هناك مناضلين، زوجاتهم وبناتهم منخرطات في الحزب، فأنا أعتقد أن هذا المعيار لا يسمح بالقول إن رجال الاتحاد الاشتراكي محافظين لأن الذي يجمعنا داخل الاتحاد الاشتراكي هو القيم وقيم، الاتحاد واضحة كما إننا ننتمي إلى الشعب المغربي بقيمه وتراثه.
إذن لا ترين تناقض بين المشروع الفكري الحداثي لحزبكم وممارسة الاتحاديين اليومية؟
ليس هناك تناقضا وإنما هناك هفوات، هناك مشاكل مرتبطة بالحكامة داخل الحزب ومرتبطة برؤيته المجتمعية، ولدينا قدرة حقيقية لمراجعة الذات ويمكنني القول إنه لن تجدي حزبا قاسيا مع ذاته كحزبنا، بحيث أنه عندما تصادفنا مشاكل نجلس ونتفاعل مع بعضنا البعض في إطار جو تحكمه الديمقراطية، أحببنا أم كرهنا، وبالرغم من أنه تم تقليص الديمقراطية الداخلية في بعض المراحل، المسألة الثانية هي أن القرارات التي أخذناها في الفترة القصيرة الأخيرة تتميز بجرأة وإرادة حقيقية على الانفتاح وجمع شمل العائلة الاشتراكية لنتمكن من خلق تقاطبات حقيقية في المجتمع، لأننا نرى أن ما يقارب 25 حزبا تقدموا للانتخابات هو أمر غير معقول، وهذا يفرض محاولة فتح نقاش مع الأحزاب الاشتراكية من أجل خلق قطب يساري حقيقي قادر المساهمة في بناء المجتمع والدفاع عن القيم الاشتراكية المبنية على التضامن وعلى الديمقراطية على حقوق المرأة، والتي يجب أن نجسدها على أرض الواقع.
من هو الزعيم السياسي الأقرب إليك، عبد الرحيم بوعبيد أم عبر الرحمان اليوسفي؟
بالتأكيد أن عبد الرحيم بوعبيد من أكبر الزعماء الذين لازال حضورهم ساريا انطلاقا من مواقفه وتوجهاته ومع الأسف لم أكن محظوظة للالتقاء به، لأنني كنت بمكناس واجتمعت به مرة واحدة في الكتابة الإقليمية، أما عبد الرحمان اليوسفي فقد عشت معه فترة طويلة أي منذ المؤتمر الوطني الخامس، سواء في الحكومة أو كعضو المكتب السياسي، ومن المؤكد أن ذلك الرجل بصم مساري السياسي سواء بالثقة التي كان يضعها في أو بأسلوبه الحضاري المتسم بالإنصات للآخر وما أود أن أؤكد عليه عن سي عبد الرحمان هو الدور الذي لعبه داخل الحزب بالنسبة لقضية المرأة من أجل وصول الأخوات المناضلات إلى مراكز القرار، وحقيقة فإنني فخورة كثيرا لأني اشتغلت إلى جانبه.
كنت من النساء الأوائل المستوزرات، هل أنت راضية عن تجربتك الوزارية؟
الإنسان الذي يشتغل ويعمل بصدق لن يرضى يوما على نفسه لأنك عندما تعملين ولديك طموح كبير لن تأخذي بعين الاعتبار معيقات التدبير اليومي التي ستصادفك، وما يمكنني قوله هو إنني اشتغلت لمدة عشر سنوات دون انقطاع سواء في حكومة التناوب مع سي عبد الرحمان أو في حكومة إدريس جطو بكل قوة وإيمان لأني آمنت بالتجربة، وأتمنى أن أكون ساهمت ولو بحدود معينة في إغناء جوانب إيجابية، وبالتأكيد فكل مسار يعرف إخفاقات ونجاحات وأترك للمغاربة أن يحكموا على تجربتي الوزارية.
ولكن هناك جمعيات للجالية يعاتبونك وتقول إنك لم تقدمي شيئا للمهاجرين لأن وزارتك كانت بدون صلاحيات؟
من حق كل واحد أن يقول إننا لم نقدم شيئا، و عندما يقول طرف ما إننا لم نقدم شيئا فله منطلقاته وتصوره للأشياء ، ولكن الأكيد هو أنني انطلقت من برنامج ووضعت له أهدافا وحاولت أن أفتح الحوار مع مغاربة الخارج لنفتح لهم الأفق ونتصالح معهم وهذا بالنسبة لي هدف أساسي وجوهري، وعندما نلحظ أن عدد المغاربة العائدين للاستثمار في أرض الوطن يتزايد وبالتالي مشاكلهم اليومية لن تحل لأنها مشاكل مرتبطة بالنزاعات وبالعدالة وهم لم يفهموا أن دوري ليس هو حل مشاكلهم في المحاكم وإنما دوري هو وضع السياسة.الشيء الذي لا يعرفونه لأن أغلبهم غير متتبع هو أن المسار كان صعبا لأنه مرتبط بإرادات دول أجنبية، فالمفاوضات كانت دائما قائمة من أجل أن نحافظ على كرامتهم .المسألة الثانية هي أننا استطعنا أن ننجز مشروع مركز ثقافي مختلف ببروكسيل، وهذا كان خطوة أساسية بالرغم أنه لم تكن لدي لا ميزانية ولا إمكانيات مادية، ومع ذلك استطعنا أن نخلق أول مشروع، ومن المفروض على المغاربة أن يعتزوا به، والمسألة الثالثة هي المشاركة السياسية لأنه حقيقة فالمطلب والمشروع الأولي للمجلس الأعلى للمغاربة المقيمين بالخارج انطلق من الوزارة وكان من ضمن الأولويات إلى جانب الكفاءات المغربية بالخارج، إذ استطعنا أن نضع إطارا وهو " فينكم"، والذي استقطب المغاربة المقيمين بالخارج للانفتاح على القطاع الخاص وليس القطاع العمومي ، وكذلك المجتمع المدني، فعندما تشتغل في ملف مرتبط بالموارد البشرية فهو يختلف عن بناء قنطرة أو عمارة لأن الاستثمار في السياسات يقتضي الاستمرار في البناء حتى نصل إلى تشكيل رصيد.
ما هو طموح نزهة الشقروني المستقبلي، بعد تجربتك المهنية الناجحة واستوزارك لأكثر من عشر سنوات؟
أشكرك أولا على قولك ناجحة، وفي الحقيقة أنا في حاجة لأخذ مسافة اتجاه الأشياء، وأنا اليوم مهتمة أكثر بما يجري داخل الاتحاد الاشتراكي وليس لدي وقت لأي طموح مستقبلي، وطموحي الوحيد يتمثل في مشاريعي الشخصية وسآخذ الوقت الكافي للاختيار فيما بينها وأيها أقرب إلي، وأولويتي اليوم هي لحزب الاتحاد الاشتراكي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.