نجحت الجامعة في إنزال درجة الاهتمام لدى الرأي العام بقضية المدرب الجديد، بل توفقت في تنويم الجميع عبر جعل لغة الانتظار لغة الجميع. بالتأكيد ليست هذه هي المرة الأولى، التي عملت فيها الجامعة على نهج هذا النوع من التعامل مع قضايا حساسة جدا، فكلما ازداد الضغط، كلما تم الاعتماد على لغة "مدبرها حكيم". فالجامعة بخبرائها تدرك أن الرأي العام مثل البركان، ما يلبث أن يهدأ ويستعيد سكونه، ويدرك الخبراء أيضا، أن الإعلام الذي يتأثر بالشارع، ما يلبث أن يستعيد هدوءه هو الآخر، من منطلق أن ردود الفعل السريعة والمتسرعة، لايمكن أن تحافظ دوما على درجة حرارة عالية. فالانفعال وردود الفعل حالة مغربية فريدة، والجامعة تدرك جيدا أن المغاربة يؤمنون بالقول المأثور الذي يؤكد، أنه كم من حاجة قضيناها بتركها. في البدء كان الخيط الأول لتهدئة الوضع دعوة ودادية المدربين لصنع خريطة وهمية، مفادها أن المدرب الوطني هو رجل المرحلة، واستساغ الرأي العام هذا المهدئ الجديد، عبر إعلام دخل في لعبة جديدة، لعبة الأسماء، جهة ركبت صهوة الزاكي لإعلان مرحلة جديدة تستمد قوتها من مرحلة سابقة، وجهات أخرى سارت على مسارات وأسماء أخرى كفاخر ومديح. كانت إذن، هذه المرحلة الجديدة هي المهدئ الأول والخطوة الأولى في قاعة الانتظار الطويلة. دخلنا هذه القاعة على الأمل الإعلان عن الاسم المغربي الذي سيحزم حقائب المنتخب، وسيجعله جاهزا ومستعدا للانتظارات القادمة، ومازلنا حتى اليوم في هذه القاعة ننتظر وسنظل ننتظر. ما من شك أن هذا الأسلوب الذي سارت عليه الجامعة، فيه كثير من الدهاء والذكاء، وينم عن قدرة عالية في فن المراوغة وفي تدبير المرحلة. ويستطيع رجال الجامعة، أن يقفوا إجلالا لأنفسهم لأنهم خرجوا من هذه المرحلة بأقل الخسارات الممكنة، فإذا بهم يصنعون بروفيلا جديدا للمدرب الجديد، ويمنحون لنا إشارات من هنا وهناك، ليؤكدوا أن رجل المرحلة لن يكون مغربيا. ولم نستطع فك رموز العديد من الأخبار التي تدفقت بسرعة فائقة واحتلت هكتارات من أوراق الصحف، لتقنعنا أن أمر المنتخب لن يتحكم في دواليبه إلا رجل من هناك، رجل له الخبرة والمعرفة ويتكلم بأكثر من أربعة ألسن، دليلهم في ذلك، أن المنتخب يراهن على السرعة النهائية للوصول الى النهائيات القادمة في كأس الأمم وكأس العالم. هذا الضوء الجديد الذي أشعلوه هناك بعيدا، ساهم هو الآخر في إنزال درجة الاهتمام بالمدرب الجديد الى درجة تحت الصفر، فمن منا اليوم يقوى على الرفع من درجة الاهتمام ومن نفس درجة ردود الفعل التي أعقبت الخروج القاسي من دورة أكرا. كل ما في الأمر، أن العديد من المتتبعين والمهتمين ورجال الإعلام، جميعهم ينتظرون، بهدوء، القرار الأخير لرجال الجامعة، بل أكثر من ذلك، فحتى رجال الودادية والمدربون، لم يعودوا قادرين على الحديث في الموضوع، لأنه أصبح مستهلكا. قضية المدرب الجديد، استفرد بها رجال الجامعة الأقوياء، ولهم في ذلك كل الحق، لأنهم تمكنوا من استدراج الجميع الى قاعة الانتظار بذكاء وبحذاقة وساعدتهم في ذلك، الأشواط الحارقة التي دخلتها البطولة الوطنية وكذلك موضوع العشب الاصطناعي الذي أشعل فتيل نقاش لا يستطيع أي أحد الحسم فيه اليوم سوى رجال الاختصاص وأصحاب الشركات وذوي القربى.. ""