«وٱعلمْ، فيما بَعْدُ، أنّني، على تقادُم الوقت، دائمُ التّنقير والبحث عن هذا الموضع [يقصد مسألة كون اللغة اصطلاحا أم توقيفا]، فأجد الدّواعي والخَوالِج قويّةَ التّجاذُب لي، مُختلفةَ جهاتِ التّغوُّل [أيْ اشتباه الأمور] على فكري. وذلك أنّني إذا تأمّلتُ حال هذه اللغة الشريفة، الكريمة اللطيفة، وجدتُ فيها من الحكمة والدقّة، والإرهاف، والرقّة، ما يملك عليّ جانب الفكر، حتى يكاد يطمح به أمام غَلْوةِ [أي "غاية"] السِّحر. فمن ذلك ما نبّه عليه أصحابُنا رحمهم الله، ومنه ما حَذوتُه على أمثلتهم، فعرفتُ بتتابُعه وانقياده، وبُعد مَراميه وآماده، صحّةَ ما وُفِّقوا لتقديمه منه، ولُطفَ ما أُسعدوا به، وفُرِقَ لهم عنه. وانضاف إلى ذلك واردُ الأخبار المأثورة بأنّها من عند الله جل وعزّ ؛ فقَوِيَ في نفسي اعتقادُ كونها توفيقا من الله سبحانه، وأنها وحيٌ.» (ابن جني، الخصائص، ج 1، ص. 47) «ولعلّ الذين يَغُضُّون من العربيّة ويَضعُون من مِقدارها، ويُريدون أنْ يَخْفِضوا ما رَفع اللّهُ من مَنارها - حيث لم يجعل خَيْرةَ رُسله وخَيْرَ كُتبه في عَجَمِ خَلْقه، ولكنْ في عَرَبه- لا يَبْعُدون عن الشُّعوبيّة مُنابَذةً للحقِّ الأبلج، وزَيْغًا عن سواء المَنهج. والذي يُقْضِي منه العَجبُ حالُ هؤلاء في قلّةِ إنصافهم وفَرْط جَوْرِهم واعتسافهم!» (الزمخشري، المُفَصَّل، ص. 2-3) «وقد انتشرت اللغة العربية، عن طريق القرآن الكريم، انتشارا واسعا، كما لم تنتشر أية لغة أخرى من لغات العالم، فهي لكل المسلمين اللغة الوحيدة الجائزة في العبادة. ولهذا السبب تفوقت العربية تفوقا كبيرا على كل اللغات التي كان يتكلمها المسلمون. وقد أصبحت هي اللغة الأدبية المشتركة التي لها المكانة وحدها في معظم الأحوال، حتى بعد ظهور الآداب المحلية في النواحي العلمية حتى اليوم.» (كارل بروكلمان، فقه اللغات السامية، ص. 30) «ليس هناك لغةٌ أفضل من أخرى في المطلق، وكل لغة هي عند أهلها أفضل اللغات. وإذا تفاضلت اللغات[،] فليست اللغة فضلى بالذات والمنشإ وإنما هي فضلى بالاكتساب، والأفضلية ليست قيمةً محايثةً ولكنها قيمة مفارِقة، تنشئها أسباب موضوعية فتبقى ما بقيت أسبابها، وتزول ما زالت. صحيح أن اللغة العربية قد كرّمها الخالقُ بأن جعلها لسان الرسالة السماوية الخاتمة، وصحيح كذلك أنه اصطفاها ليصوغ بها الإعجاز الأدائيّ الذي تحدّى الإنسان فحمله على الإذعان والتسليم، ولكن ذلك لم يأت كي يدفع إلى الغرور أو ينفخ في مركزية الذات الثقافية، ولئن اختار اللهُ أن يُثبت إعجازه عن طريق اللسان العربي[،] فإنه ما كان يَعْزُب عليه أن يُثبته بأيّ لسان من الألسنة، وهنا تكمنُ المعجزةُ لو تفحصناها بمجهر الكشف الثقافي السابح بين أرجاء الحضارات الإنسانية.» (عبد السلام المسدي، العرب والانتحار اللغوي، ص. 227) من بين ما يَستند إليه بعض من يَتعاطى التّضليل بشأن «ٱللِّسان ٱلعربيّ» نجد القول بأنّ من يُحب هذا ٱللِّسان ويُفضِّلُه بصفته لسانَ الوحي الخاتم إنّما هو يُقدِّسه فيَعدُّه أفضل لسان كأنّه لسانُ ٱللّه سُبحانه وتعالى. فهل حقّا ثَمّةَ عاقلٌ أو عالِمٌ يقول بتقديس «ٱللِّسان ٱلعربيّ» كما يَظنّ "ٱلمُبْطِلُون"؟ وما حقيقةُ هذه ٱلتُّهمة في علاقتها بمن يُمارسون التّدليس والتّشغيب لتبرير سخيفِ ٱدِّعاءاتهم أو لتَسْخيف ٱدِّعاءاتِ خصومهم بهذا الشّأن؟ من المعلوم أنّ هناك مَذاهب عدّة في تعليل أصل "ٱللُّغة ٱلبَشريّة"، وأشهرُها مذهبان: أوّلُهما يرى أصحابُه أنّ "ٱللُّغةَ" كما تَتجلّى في الألسن البشريّة عَطاءٌ فِطْريٌّ بدليل أنّ ٱللّهَ - كما يُؤكِّد أمثال "ٱبن فارس" و"أبو علي الفارسيّ"- قد علَّم آدمَ ٱلأسماءَ كُلّها وعلّم الإنسانَ البيانَ أو أنّ ٱشتغالَ "ٱللُّغة" ٱكتسابا وٱستعمالا يجد أصلَه - كما يرى "نعوم تشومسكي" و"جيري فُودور" و"ستيفن پنكر"- في كُليّاتٍ طبيعيّةٍ مُعْطاةٍ فطريّا ووراثيّا إلى كل النّاس ؛ وثانيهما يَذهب مُعتقِدُوه (مثلا: المُعتزلة وعلى رأسهم "الجُبّائيّ"، "دي سوسير"، إلخ.) إلى أنّ "ٱللُّغة" ناتِجةٌ عن نوع من ٱلِاتِّفاق أو ٱلمُواضَعة أو ٱلِاصطلاح بين بني البشر، ممّا يَجعلُهم يَكتسبونها ويَستعملونها بالنِّسبة إلى مُختلِف الشُّروط الموضوعيّة التي تُحدِّدُ قُدرتَهم على الكلام والتّواصُل ؛ وأدلّ ما يَشهد على هذا كثرةُ الألسن وتبايُنُها وتغيُّرُها الدّائم عبر العالم والتاريخ والمجتمعات ؛ فإذًا لو كانت "ٱللُّغةُ" فِطْريّةً، لما كانت الألسن بهذا الشكل. ويَنبغي أن يكون بيِّنًا أنّ ٱعتمادَ أيِّ واحدٍ من ذَيْنِكَ المذهبين يَقتضي النّظر إلى الألسن البشريّة باعتبارها مُتساوِيةً، إمّا لأنّها جميعا مُودَعةٌ في فِطَرِ النّاس وإمّا لأنّها مُرتبطةٌ بأسبابِ الوُجود والفعل في إطار شُروطِ هذا العالَم على النّحو الذي لا يُعطي لأيٍّ منها أفضليّةً مُطلقةً. وبالتّالي فإنّ أيَّ تقديس قد يُعطى لأحدها يجب أنْ يَسريَ عليها جميعًا بمُقتضى أنّها فِطْريّةٌ، وإلا فلا مَفرّ من أن يُنفَى التّفضيل عنها تماما لأنّها نِتاجٌ نسبيٌّ للعمل البشريّ الذي لا شيء فيه مُقدَّس بالضرورة. وعلى الرغم من أنّ البحث العلميّ المُعاصر (في "ٱللسانيّات" بالتّحديد) صار قائما على التّسليم بأنّ الألسن مُتكافئةٌ بما هي أنساقٌ لُغويّةٌ وتواصُليّةٌ ذات طبيعة ٱعتباطيّة، فإنّ هناك ميلا إلى الجَمْع بين القول بوحدةِ وفطريّةِ "ٱللُّغة" كقُدرة وٱستعداد يُميِّزان النّوع البشريّ ويُولَد بهما كل إنسان سَوِيٍّ، وبين القول بأنّ الألسن المُتعيِّنة بَشريّا وواقعيّا تَتحدّد بكونها مُكتسبةً ومُبتناةً على أساس تفعيل إمكانات "ٱللُّغة" المُسجَّلة طبيعيًّا ك"كُلّيٍّ إنسانيٍّ". ومن هنا، فإنّ "ٱللُّغة" خاصيّةٌ مُشتركةٌ بين مجموع أفراد النّوع الإنسانيّ، لكنّها خاصيّة لا تَتحقّق إلا بالنِّسبة إلى شُروط موضوعيّة ونِسبيّة تَتعلّق بما يَتفاوَتُ النّاس فيه طبيعيّا وٱجتماعيّا وتاريخيّا وثقافيّا، ممّا يقتضي أنّ "ٱللُّغة" لا تتحقّق فِعْليّا - رغم وحدتها النَّوْعيّة- إلا على أساس التّعدُّد والتّبايُن والتّغيُّر كما يَتجلّى في مجموع الألسن التي تَكلّمتها البشريّة عبر التاريخ والمجتمعات. فالألسن، بما هي أنساق صُورِيّة ورمزيّة، ذاتُ طبيعة واحدة، لكنّها غير مُتشاكِلةٍ بِنْيويّا (لأنّها ليست مُتماثِلةً ومُتناظرةً في كل مُكوِّناتها) وتُعدّ - أكثر من ذلك- مُتفاوِتةً وظيفيّا وتداوُليّا بحُكم ٱختلاف شُروط ٱكتسابها ومُحدِّدات ٱستعمالها بحسب تَبايُنِ الجماعات البشريّة (وٱللُّغويّة) ونوع التّفاعُل الحاصل في الواقع بين "ٱلفِطْريّ" و"ٱلمُكتسَب" من بِنْيات "ٱللُّغة". ولذلك، فإنّ "ٱللُّغة" في عالَم البشر لا شيءَ مُقدَّسًا فيها إلا بما هي، عموما، سِرٌّ غيبيٌّ يَتجاوز في العمق «ٱلبِناء ٱلإنسانيّ» فيُحيلُ إلى «ٱلعَطاء الإلاهيّ»، خصوصا بعد أنْ بات مَعلومًا أنّ الطفل يُولَد باستعدادات ذِهنيّة تُعدّ أساس إمكان كل تَعرُّف يَنشأ بَعدُ. وكَوْنُ الألسن تُبْتَنَى ذِهنيّا وتَعَرُّفيًّا من خلال "ٱلتّنشئة ٱلِاجتماعيّة" وتُستعمَل في حُدود ما هو مشروط طبيعيّا وٱجتماعيّا وتاريخيّا وثقافيّا يَجعلُها نِتاجًا بشريًّا يَتّسم بالنِّسْبيّة والتّغايُر والتّناقُض، ممّا يُبْعدُها تماما عن "ٱلمُقدَّس" في كماله وصفائه وإطلاقيّته. وثُبُوت الاختلاف بين الألسن وحتّى في ٱستعمالات ٱللِّسان الواحد يُؤكِّد أنّ "ٱللُّغة" موضوعٌ للتّنازُع أكثر ممّا هي مَحلٌّ للإجماع. إنّها، في تعيُّنها البشريّ، بالغةُ "ٱلتّدْنيس" وشديدةُ "ٱلِابتذال" وبعيدةٌ عن "ٱلكَمال". وإنّ كونَ "ٱلتّقديس" يَقُوم على "ٱلتّطَهُّر/ٱلتّطْهير" عن أيِّ نقص أو عيب ويُوجب إثبات "ٱلكمال" المُطلق لِما/مَنْ يُقَدَّس يَجعلُ، بالتّالي، تعميمَه على "ٱللُّغة ٱلبشريّة" أو حَصْرَه في أحدِ الألسن نوعًا من السُّخف، لثُبُوت النَّقْص والعيب وجَرَيان الفساد في كلام البشر. فلا يَستطيع، من ثَمّ، أن يَحكُم بمُطلقِ "ٱلتّقديس" لهذا ٱللِّسان أو ذاك إلا من جَهِل حقيقةَ "ٱللُّغة" (بما هي نتاجٌ بَشريٌّ ٱعتباطيٌّ ونِسبيٌّ) أو أراد أنْ يَتّخذَ نفسَه هُزُؤًا لغَفْلته عن أمِّ نَقائصه الدّالّة على أنّه مُتكلِّمٌ لا يَنْفكُّ كلامُه عن هذا القَدْر أو ذاك من العيب والخطإ! ليس هناك، إذًا، لسانٌ مُقدَّس بين هذه الألسن البشريّة التي لا تعدو أن تكون نِتاجًا مُحدَّدًا بكل الشروط المُتعلِّقة باكتساب "ٱللُّغة" وٱستعمالها في الواقع الإنسانيّ، سواء كانت شروطا طبيعيّة أو ٱجتماعيّة أو تاريخيّة أو ثقافيّة أو ٱقتصاديّة أو سياسيّة. ولعل القليل من المعرفة في "ٱللِّسانيّات" أو "ٱلإنْسِيَّات" أو "ٱلِاجتماعيّات" يَكفي لإثبات ذلك بما يُبْعِدُ المرءَ عن الوُقوع في نوع من السُّخف المفضوح الذي يَقُود بعض النّاس إلى النّظر إلى لسانهم الخاص كما لو كان مُقدَّسا (كما هو، مثلا، ٱعتقاد الهنود حول "ٱللِّسان ٱلسَّنْسكريتيّ"). لكنّ "ٱلتّقْديس"، في الواقع، لا يَنْكشف - في ٱعتباطيّته الكاملة بما هو عملٌ بَشريٌّ ودُنيوِيٌّ- إلا إذا نُظر إليه في إطار «ٱلسِّحْر ٱلِاجتماعيّ» الذي يَنتزع - كما يُؤكِّد "بُورديو"- الفاعلين الاجتماعيِّين من العَدميّة والعَرَضيّة إذْ يُوفِّر لهم مُبرِّراتٍ تُمكِّنُهم من تعليل وُجودهم وفعلهم بما يَجعلُهم يَقبَلُون «ٱلعُنف ٱلرمزيّ» المُلازِم للضرورة الاجتماعيّة في ٱقتضائها لتَجاهُلِ «نِظام ٱلأشياء» من حيث صار نظامًا طبيعيًّا وبديهيًّا، تَجاهُل لا يَتحدّد بما هو كذلك إلا بِقَدْرِ ما هو - في الوقت نفسه- تَعارُفٌ وٱعتراف يقود إلى قَبُول "ٱلِاعتباطيّ" في ضرورته غير الطبيعيّة (أيْ، بالتّحديد، «المُعلَّلة ٱجتماعيّا وتاريخيّا وليس طبيعيًّا»). ولهذا، لا يَصحّ أنْ يُختزَل "ٱلتّقْديس" فقط في صلته بما هو غَيْبيّ (أو "ميتافيزقيّ")، بل لا بد من تَبيُّن أنّ أنواع "ٱلتّقْديس" مُتكاثرةٌ بقدر ما تتكاثر "ٱلأشياء" التي يُحوِّلُها «ٱلسِّحْر ٱلِاجتماعيّ» - في نَظر ومَعيش الفاعِلين ٱلِاجتماعيِّين- إلى مَسألةِ حياةٍ أو موتٍ (أيْ «وسيلة مَوثُوقة للخلاص» حتّى في هذا ٱلعالَم ٱلدُّنْيَويّ/ٱلمُدنَّس)! وبخصوص "ٱللِّسان ٱلعربيّ"، فباستثناء النّظرة الصُّوفيّة المُغاليَة (التي تُسنِدُ إلى ٱللّه تعالى مجموع ما في الكون من أشياء وأحداث بما هو «قيُّوم السّماوات والأرض») ليس هناك عالِمٌ مُتبحِّر أو إمامٌ حُجّة ٱدّعى أو يَدّعي أنّ الأمر يَتعلّق بلسانٍ قائمٍ في جوهره كلسان مُقدَّس من دون بقيّة الألسن. لكنّ المُتواتر بين علماء المُسلمين هو أنّ «ٱلقُرآن ٱلكريم» - المكتوب بين دَفّتي المُصحف- كلامُ ٱللّه لفظًا ومعنًى. ولأنّه تنزيلٌ من ٱللّه على قلب عبده ورسوله محمد بْنِ عبد ٱللّه (صلى ٱللّه عليه وسلّم)، فإنّه مُنزَّهٌ عن أيِّ نقص أو عيبٍ. إنّه، بالجُملة، مُقدَّسٌ بشكل يَستلزِم عَقديّا وشرعيّا تكفير من يقول بخلاف ذلك. فالقُرآن وحده مُقدَّسٌ على ذلك النّحو، وفقط لأنّه «كلام ٱللّه» الذي لا يَأْتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولا يَستطيع المرءُ أنْ يقول بخلاف هذا إلا إذا أنكر أنْ يكون "ٱلقرآن" كلامَ ٱللّه أو كان ممّن يَجحد النُّبُوّات أصلا أو كان مُلْحدًا يُنكر "ٱلأُلوهيّة" بإطلاق. وهكذا، فما دام المرءُ مُؤمنا بأنّ "ٱلقرآن" كلام ٱللّه المُنزَّل على عبده «بلسان عربيٍّ مُبينٍ»، لن يكون بِوُسعه إلا التّسليم بكماله المُطلَق. غير أنّ النّاس يختلفون، بعد ذلك، في تقدير كل المُقتضيَات المُترتِّبة على كون "ٱلقرآن" جاء بلسان العرب وليس بلسانٍ غيره. ويَنبغي أن يُلاحَظ، بهذا الصدد، أنّ مُعظم الأقاويل عن علاقةِ "ٱلقُرآن" باللِّسان العربيّ إنّما هي شُبُهات تُلْقِي بظلالها على «أصلِ ٱلإيمان» ويُراد لها أن تَرقى إلى مُستوى ٱلِاعتراض المُوجَّه «باسم ٱلعَقْل» في مَقامٍ لا يَنفع فيه إلا التّصديق تسليمًا وإيقانًا. ذلك بأنّه لا يَصحّ ولا يُعقَل من لَدُن المُسلم المُؤمن - بعد أن شَهِد وسلَّم- أن يَعترض على ربِّ ٱلعالمين لماذا ٱختار هذا «ٱللِّسان ٱلعربيّ» ليَكُون لسانَ وحيه في "ٱلقُرآن"، ولا لماذا تكفّل بحفظ كتابه هذا من دُون كل الكتب السابقة، ولا لماذا خصّ «لسان ٱلعرب» بفضلِ حَمْلِ رسالته إلى ٱلعالَمين كافّةً. وإذا لم يَجُزْ أيٌّ من تلك الاعتراضات، فهل يُقبَل ذاك الذي يَرى أصحابُه أنّ إنزالَ "ٱلقُرآن" باللِّسان العربيّ لم يَكُن إلا ٱستجابةً لكون مُحمد بن عبد ٱللّه رسولا بُعث في قومه من العرب («وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليُبيِّن لهم.» [إبراهيم: 4])، وأنّ الأمرَ لا يَتعلّق بتفضيلِ هذا ٱللِّسان على غيره لأنّ كل ٱلألسن آيةٌ ربانيّةٌ كما ذهب "ٱبن حزم الأندلسيّ" (994-1064م) رحمه ٱللّه في وُقُوفه ٱلمَذْهبيّ عند ظاهر الآية؟ أجَلْ، كان يَجُوز ذلك لو لم يَكُن "ٱلقُرآن" هو «ٱلوحيَ ٱلخاتم»، ولو لم يكنْ مُحمد (صلّى ٱللّهُ عليه وسلّم) هو «خاتم ٱلنّبيِّين» و«رسول ٱللّه إلى ٱلعالَمين أجمعين» (إنسيِّهم وجنيِّهم). ولهذا، لا يَستمرّ في تَقْليب ذلك الاعتراض إلا من غاب عنه معنى «ٱلِاصطفاء ٱلِاستثنائيّ» في أنْ يكون محمد بن عبد ٱللّه - من دون آلاف الأنبياء والرُّسُل- «خاتمَ ٱلنّبيِّين» و«رسول ٱللّه إلى ٱلعالَمين كافّةً» وأن يكون لسانُه «لسانَ ٱلوحي ٱلخاتم» و«حُجّة ٱللّه ٱلبالغة»! فهل «خاتم ٱلنّبيِّين» و«سيِّد ٱلمُرسَلين» كأيِّ نبيٍّ أو رسول مِمّن بُعثوا في أقوامهم بألسنتهم الخاصة حتّى يكون لسانُه كأيِّ لسان من أشقّائه التي سبق أن أُنزل بها الوحيُ أو التي لم يُوحَ بها قطّ؟! أمُجرَّد ٱتِّفاقٍ أن يكون «ٱللِّسانُ ٱلعربيّ» آخرَ لسان يُوحى به في سلسلةِ ألسن تنتمي كلُّها إلى نفس المجموعة ٱللُّغويّة، بدءا بصُحف إبراهيم ومُرورا بزَبُور داود وأسفار موسى، وٱنتهاءً بإنجيل عيسى؟! أيَكُون ثَمّة تفضيلٌ أو تشريفٌ للبَشر «حامِل ٱلوحي» من دون أن يَكُون مِثلُه لِلِّسانِ «ناقِل ٱلوحي»؟! وهل كُرِّر نعتُ «لسان ٱلوحي» هذا بأنّه «مُبينٌ» (بعد الصفة النَّسَبيّة "عربيّ"!) من دون أيِّ قصدٍ لتَخصيصه بالبَيان إلى غايةِ الإعجاز لكل حيِّ ناطق يُعلَّم البيان بلسانه الخاص ويُتحدّى بأنْ يَأتي «بمِثْل هذا ٱلقُرآن» إنْ ٱستطاع إليه سبيلا؟! وهل التّحدي، المُوجّه إلى أفراد الإنس والجنّ بأنّهم لن يَستطيعوا أنْ يَأتُوا «بمثل هذا ٱلقُرآن» ولو كان بعضُهم لبعض ظَهيرًا، كان بلسانٍ طبيعيٍّ وعاديٍّ مثل أيِّ لسان آخر أمْ أنّه بلسانٍ لا أفضل ولا أشرف منه في تبليغ مُراد ٱللّه تعالى من وحيه إلى ٱلعالَمين كافّةً؟! حَسْبُ المرء جوابًا عن كل تلك الأسئلة أنْ يَقف عند أمرٍ لافِتٍ وعجيب يَتمثّل في أنّ المُسلمين من غير العرب تعرَّبُوا فوجدوا أنفسهم يَعكُفون بَداهةً على ٱلتّبحُّر في «ٱللِّسان ٱلعربيّ» ليس بصفته «لسانَ قومٍ»، بل بما هو «لسانُ ٱلوحي ٱلخاتم»! تُرى، لو لم يُؤمن أمثال "سيبويه" و"ٱبن جِنّي" و"ٱلزمخشري" و"ٱبن أجروم" و"ٱلجزولي" و"ٱلمختار ٱلسوسيّ" بأفضليّة ٱللِّسان ٱلعربيّ، أكانوا سيَتفانون في ٱلِاهتمام به وخِدمته إلى الحدّ الذي أهملوا فيه ألسنتَهم الخاصّة وصاروا يَبُزّون العرب في لسانهم هذا؟! هل كان هؤلاء ضحايا سُوء الفهم والغَفْلة إلى حدٍّ يَجوز للمُبطلين أن يَنعتُوهم بالمُستَلَبِين؟! إنّ كونَ الوحي الإلاهيّ في «ٱلقُرآن ٱلكريم» لا يَقبل أن يُفْصَل عن «ٱللِّسان ٱلعربيّ» أمرٌ يَنْزِلُ ثَقيلا على كلِّ من يَجِدُ صعوبةً في قَبُول أنّ كونَ ٱللّه أنزل وحيَه الخاتم على سيِّد رُسله باللِّسان العربيّ وأنّ جَعْلَه "ٱلقُرآن" مُعجزةً بَيانيّةً وحِكْميّةً فيه يَستلزِم إيمانيّا ومنطقيّا أنّ هذا ٱللِّسان ٱلمُصطَفى هكذا ليس كمثله من الألسن! وليست المُشكلةُ أبدًا في الاعتراض على ذلك الأمر، وإنّما هي في كيفيّة سَوْق هذا الاعتراض. ذلك بأنّه لا سبيل إلى جَعْلِه ٱعتراضًا مُوجَّهًا إلا برفض الأساس الذي يقوم عليه إيمانُ المُسلم: أنّ ٱللّهَ - بِمُقتضَى إحاطته المُطلَقة بالعالَم عِلْمًا وإرادةً وقُدرةً- يَفعلُ ما يشاء ويَصطفي من يشاء من خَلْقه، ومَشيئتُه هذه لا تُردّ لأنّه «لا يُسأَل عمّا يَفعل وَهُمْ يُسأَلون!» (الأنبياء: 23). ومن سَمَا به عِلْمُه أو قُدرتُه إلى رفض هذا الأساس، فما عليه إلا أن يَستدلّ عَقْليًّا على خلافه. وأنّى له ذلك وقد ثَبَت بما لم يَعدْ يَتطرّق إليه الشّك أنّ عقلَ الإنسان لا يَملك أن يَخوض فيما وراء ظواهر هذا العالَم إلا أن يَتعدّى كل أطواره فيَصير إلاها مُتحكِّمًا رغم ثُبوت عجزه عن ٱلِانفكاك عن أخصِّ أهوائه وبَلْهَ ٱقتداره على إخضاعها لمُطلَق أمره! أوَليس من العجز الفاضح لأدعياء "ٱلعَقْل" ألّا يُحيطوا حتّى بأسرار البيان في هذا ٱللِّسان الذي يَعدُّونه بشريًّا محضًا ويَحرِصُون على تنقُّصه تشهِّيًا وتحكُّمًا؟! أليس من العيب الشّائِن أن يَتغافل المرءُ عن بالِغ جهله وبادِئ عِيِّه فيَتمادَى في ٱلسُّخْف تقوُّلا وتعاقُلًا؟! ولك أن تَعجب، أكثر من ذلك، كيف أنّ من يَحتجّ بقوله تعالى «ومن آياته خَلْق السّماوات والأرض وٱختلافُ ألسنتكم وألوانكم.» (الرُّوم: 22) لا يَغْفُلُ فقط عن أنّ مَثَل خَلْق الألسنة والألوان في ٱختلافها كمَثَل خَلْق ٱلسّماوات والأرض في سَعتها، فكلاهما خَلْقٌ يَدُلّ على «عَظمة ٱلخالِق» و«كَرَم ٱلمُنْعِم» و، من ثَمّ، ظُهور ٱبتلائه لعباده في ٱنصرافهم جُحودًا وكُفْرانًا! بل يبدو أشدَّ غفلةً عن حقيقةِ أنّ نُزول "ٱلقُرآن" مُعْجِزًا باللِّسان العربيّ أكبرُ آيةٍ تجلّتْ فيها عظمةُ ٱللّه خالِقًا ومُبْتلِيًا، إذْ جعل وحيَه الخاتم في هذا ٱللِّسان الخاص بهؤلاء القوم وأرسل به عبدَه بَشيرًا ونذيرًا إلى النّاس كافّةً! فكيف يُصدِّق الجاحدُ أنّ كلام ٱللّه مُعجزٌ في كتابه دون أنْ يُصدِّق أنّ نُزولَه بذلك ٱللِّسان آيةٌ عُظمى؟! وهل يَقبل المُرتابُ أنّ كونَ هذا ٱللِّسان صار ٱلنّاطقَ ٱلمُبين بالمُراد الإلاهيّ يُعطيه أفضليّةً يُبْتلَى بها النّاس ٱبتلاءً إلى يوم القيامة؟! إنّ الذين يَلُوكون وَصْمةَ "ٱلتّقديس" في وجهِ كل من يَعتزّ باللِّسان ٱلعربيّ صنفان من النّاس: أولئك الذين لا يَجرُؤُون على توجيهِ التُّهمة مُباشرةً إلى "ٱلقُرآن" بما هو، أولا، النّص المُؤسِّس والمُقدَّس في "ٱلإسلام" وبما هو، ثانيًا، معيار البيان في ٱللِّسان ٱلعربيّ كُلِّه وبلا مُنازِع ؛ ثُمّ أُولئك الذين لا يُريدون أن يَفتضحَ كُرهُهم للتّفضيل الذي حَظيَ به «ٱللِّسان العربيّ» أَنْ كان لسانَ حضارةٍ عالميّة صارت تُعرَف ب«ٱلحضارة ٱلعربيّة/ٱلإسلاميّة». ولا يَخفى أنّنا بصدد فئتين تجمعُهما إرادةُ ٱلتّنقُّص إمّا في ٱتِّجاه "ٱلإسلام/ٱلدِّين" باسم "عَلْمانيّةٍ" مُتعاقِلةٍ وإمّا في ٱتِّجاهِ "ٱلثّقافة ٱلعربيّة" باسم "شُعوبيّةٍ" مُتواقِحةٍ! ولا تجتمع هاتان الفئتان على إرادة ٱلتّنقُّص تلك إلا لأنّها تُمثِّل، في ظنِّهما، أنسبَ سبيل إلى "تَشْريع" (أو، إن شئت، "شَرْعنة") ما تَدَّعيه كل منها من تنويرٍ "مُتحادِث" (يَتظاهر ب"ٱلحَداثة" كعقلانيّة وعَلْمانيّة) أو تحريرٍ "مُتشاعِب" (يَتظاهر بخدمة قضية "ٱلشَّعْب")! ومن المُفارَقة أنّ إرادةَ التّنَقُّص تلك لا تُهاجِمُ "ٱلتّقديس" المزعوم للِّسان ٱلعربيّ إلا وهي تَستهدفُ "تدنيس" ما كان الأصل فيه، أيْ نص "ٱلقُرآن" كمعيار للبيان في "ٱللِّسان ٱلعربيّ". وأشدُّ من هذا أنّ ذَيْنِك الصنفين من خُصوم "ٱللِّسان ٱلعربيّ" يَغفُلون، وهم في غَمْرةِ تهجُّمهم عليه، عن أنّ "ٱلتّقديس" في ذاته ليس حُجّةً، وإنّما هو إحالةٌ إلى من له «ٱلحُجّة ٱلبالغة» ومن تَستمدُّ منه الأشياء قيمتَها. فليس "ٱلقرآن" مُقدَّسًا فقط لأنّه كلامٌ بلسان عربيّ، بل لأنّه «كلامُ ربِّ العالَمين» الذي أَنطق كل شيء ؛ وليس مُحمدٌ بمُقدَّس لأنّه نبيّ، بل لأنّه «رسولٌ قد ٱصطفاه ٱللّه ليكون سيِّدَ ٱلمُرسلين وخاتم ٱلنبيِّين». فليس، إذًا، للعرب ولا لِلِسانهم ولا لنَبيِّهم من الأمر شيءٌ، وإنّما الأمرُ كلُّه للّه سُبحانه وتعالى عمّا يَصف "ٱلمُبطِلُون"! ولأنّ من له «ٱلحُجّة ٱلبالغة» قد شاء أنْ يَجعل كلامَه إلى العالَمين «بلسان عربيّ مُبين» وبلاغًا ممّن أُرسل للنّاس كافّةً ورحمةً، فالمُقتضَى المُباشر أنّ ٱصطفاءَ «نَبيٍّ خاتمٍ» و«لسانٍ مُبينٍ» تفضيلٌ ممّن يَعلم حيث يَضع رسالته. ولن يُدرِك سرَّ هذا التّفْضيل إلا من عَرف أنّ ٱللّه جعل "ٱلقُرآن" مُصدِّقًا لما بين يديه ومُهيمنًا عليه إلى يوم القيامة. فهو تفضيلٌ قائمٌ على أنّ ٱلمُراد ٱلإلاهيّ لَمْ يُبلَّغْ في كماله وإعجازه إلا في هذا ٱللِّسان الذي هو «لسانُ ٱلوحي ٱلخاتم» والذي هو "ٱلمَرجِع" و"ٱلفُرقان" بالنِّسبة لكل لسان آخر يُريدُ تَعرُّفَ ذلك ٱلمُراد في أكملِ صُورةٍ مُمْكنةٍ في لسان بشريٍّ. وإنّ من يَأبى إلَّا أنْ يَرى في ذلك ٱلتّفْضيل تقديسًا ليَدُلّ، بوعي أو من دونه، على عجزه عن فَرْض تفضيله الخاص بمثل القُوّة التي يَفرِض بها نفسَه تفضيلُ ٱللّه تعالى لبعض مخلوقاته وآياته. ومن كان هذا حالَه، فإنّ ما يَتراءى له حُجّةً ليس في الحقيقة سوى «حُجّةٍ داحِضةٍ» تَعترضُ على حُكْم ٱللّه وحِكْمته في جعل بعض النّاس سِخْريّا لبعضٍ وتفضيل بعضهم في ٱلرِّزق. أليس "ٱلقُرآنُ" كلامَ ٱللّه ووحيَه الخاتم؟ فكيف يُعقَل، يا من لا يَكُفّ عن ٱدِّعاء "ٱلعَقْل"، أنْ يُلْقَى كلامُ ٱللّه غير ٱلمُتناهِي في لسانٍ مُتناهٍ من دون أن تكون لهذا ٱللِّسان أفضليّةٌ خاصّةٌ أهّلَتْه غَيْبيّا لأن يَنقُل كلام ٱللّه بيانًا مُعجزًا وجعلته يَتوّسط موضوعيًّا بين المُراد الإلاهيّ ومُختلف الألسن حُجّةً بالِغةً؟! وهل يكون "ٱلقُرآنُ" مُصدِّقًا لما بين يديه ومُهيمنًا عليه من دون أنْ تَتعدّى رُوحُه هذه إلى ٱللِّسان الذي أُنزل به؟! بل كيف يَصحّ أنْ يكون "ٱلقُرآنُ" مُعْجِزًا من دون أن يكون ٱللِّسانُ الذي أُنزل به قد بَلغ الغايةَ في ٱلِاقتدار على الدّلالة على إعجازه ٱلبَيانيّ؟! إنّ الذين يُؤمنون بأنّ ٱللّهَ لا يُعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء هم أنفسهم الذين يُؤمنون ب«أنّ ٱللّه لا يَستحِي أن يَضربَ مثلا ما بَعُوضةً فما فوقها» (البقرة: 26) وبأنّه «يَخلُق ما يشاء ويَختار» (القَصص: 68) وبأنّه إذا قضى أمرًا فلا تكون للمُؤمن الخِيَرةُ من أمره (الأحزاب: 36). فأنّى يُصرَف ٱلمُبطلون؟! إنّ "ٱللِّسان ٱلعربيّ"، بكل تأكيد، ليس لسانًا مُقدَّسًا في ذاته حتّى يَتساوى فيه كلامُ ٱللّه أو رسولِه مع كلام هذا الشّاعر الغاوِي في وِدْيانِ القول تخيُّلا وتفنُّنًا أو ذاك المُتفلسف الهائِم في أمْدَاءِ الفِكْر تصوُّرًا وتقديرًا! لكنّه، يقينًا، هو ٱللِّسان الذي نَملِكه بين أيدينا بصفته لسانًا بَشريًّا لابَسَه الوحيُ الإلاهيُّ فأخرج به للنّاس هذا الكتاب المُعجز بيانًا وحِكْمةً. وإنّه لَلِسانٌ مُتفرِّدٌ بهذا الخصوص، لأنّ شَقِيقَيْه "ٱلعبريّ" و"ٱلآراميّ" دَاخَلَتهُما أيدي البشر بتحريفاتها فأفقدتهما رُوح الوحي في كماله وصفائه. ولهذا فهو «لسانُ ٱلوحي بامتياز» مُبينًا ومُعجِزًا في هذا "ٱلقُرآن" الذي حُفِظ كتابًا مُصدِّقًا لما بين يديه ومُهيمِنًا عليه إلى يوم ٱلدِّين. وإنّ لسانًا تأذّنَ ٱللّه أنْ يَحْفَظه بحفظ «ٱلذِّكر ٱلحكيم» ليس - عند الذين يُؤمنون- كأيِّ لسان آخر. هو ذا مُقتضى ما يُؤمن به المُسلِم إذْ يَعْرِف أنّ مُلابَسةَ كلامِ ٱللّه في هذا ٱللِّسان تَفضُل مُقاربَته عن طريق أيِّ لسان آخر من الألسن التي لا تَملك، من ثَمّ، إلا أنْ تَرجِعَ إليه لتَبيُّنِ شيءٍ من حقيقةِ ٱلمُراد الإلاهيّ. ولأنّه ٱللِّسانُ الذي آلَ إليه بيانُ الوحي خَتْمًا للنُّبُوّة وتكميلا للدِّين، فهو ليس فقط مَرجعًا يُحالُ إليه ويُستغنَى عنه، بل هو ٱلفَيْصل في تحديد قيمةِ وحقيقةِ ما يَأتيه النّاس من أعمالِ الكلام تبليغًا عن ٱللّه وتدليلا على فضله بأنْ قَدَّم سبحانه تعليمَ "ٱلقُرآن" على خَلْق الإنسان وتعليمه البيان: «ٱلرَّحمان، علَّمَ ٱلقُرآن، خَلَق ٱلإنسان، علَّمه ٱلبيان.» (الرحمان: 1-4)، فبأيِّ آلاء ربِّهم سيُكذِّب بَعدُ "ٱلمُبطِلون"؟! [email protected]