وحْدها الولايات المتّحدة القادرة على تغيير موازين القوى في الصّحراء، ومع اعتراف الرّئيس الأمريكي دونالد ترامب بمغربيّة الصّحراء وعزمهِ فتح قنصلية في مدينة الدّاخلة، تكون قضيّة الوحدة التّرابية قد تجاوزت "المنطقة الرّمادية"، واكتسبت "شرعية" جديدة بنيلها "اعترافاً" دولياً وإقليمياً غير مسبوقاً. ويضع قرار ترامب بتأييد سيادة المغرب على الصّحراء الولاياتالمتحدة إلى جانب القوى الدّولية التي تساندُ الرباط في هذا النّزاع الذي دام عقوداً، خاصة بعد العملية العسكرية في منطقة الكركرات وإعادة تشغيل المعبر التجاري الوحيد الفاصل بين المغرب وموريتانيا. ويحملُ القرار الرّئاسي الأمريكي بين طيّاته دلالات متعدّدة، حيث سيحوّل نزاع الصّحراء من ملفّ يتم تبنّيه بشكلٍ دوري داخل ردهات مجلس الأمن الدّولي إلى قضيّة داخلية تخصّ المغرب فقط؛ وهو المعطى الذي يخدم الوحدة التّرابية، مع استمرار تهميش حضور الانفصاليين في المنتظم الدّولي. وستكون الدّبلوماسية المغربية أمام امتحان "الحفاظ" على مشروعية القرار الأمريكي، خاصّة في ظلّ ضبابية "المشهد الدّاخلي في الولاياتالمتحدة، وفي ظلّ تشبّث كلّ طرف بموقفه حيال نتائج الرّئاسة الأمريكية، التي أعطت الفوز للدّيمقراطي جو بايدن". وللأمريكيين وزنٌ كبير في رسم معالم الحلّ السّياسي في الصّحراء، وعلى مدى أزيد من 28 سنة، حاولت بعثة المينورسو وعدد من مبعوثي الأممالمتحدة إلى الصحراء التوسط لإيجاد حل لهذا النزاع طويل الأمد، والذي يؤثر على العلاقات المغربية الجزائرية؛ في حين تركت موريتانيا النزاع جانباً، واستمرت جبهة البوليساريو في محاربة المغرب". ومع غياب "مبعوث" أممي خاص إلى الصّحراء وراهنية الموقف الأمريكي بخصوص الوحدة التّرابية للمملكة، يدخل مخطّط "الانفصال" إلى النّفق المسدود، بحيث ستبسط المملكة سيادتها القانونية والاقتصادية في الأقاليم الجنوبية، بإرساء مشاريع تنموية جديدة تؤهّل العنصر البشري وتخلق الثّروة. ومعروف أن موقف الإدارة الأمريكية من النزاع في الصحراء كان تشبوهُ ضبابية، خاصة في ظلّ وجود مستشارين لهم أفكار معادية للمغرب؛ كالمستشار الأمني السّابق الأمريكي جون بولتون، الذي كان سفيراً للولايات المتحدة في الأممالمتحدة من 2005 إلى 2006، وهو معروف بحرصهِ على تقليص حجم "بعثات الأممالمتحدة لحفظ السلام". وعلى الرّغم من أن موقف الولاياتالمتحدة من الاستفتاء في الصحراء كان مبهماً، فإنّ الإدارة الأمريكية دعمت مسار الحكم الذاتي المغربي في ظل حكم أوباما؛ بالإشارة إلى أنه "خيار ممكن"، وهو "جدي وواقعي وموثوق به". لكن الولاياتالمتحدة لم تستبعد إجراء استفتاء أيضًا.