يُدشّن المعهد الفرنسي بالمغرب موسمه الثقافي المتزامن مع الأزمة الوبائية الراهنة بتنظيم نشاط وطني يحمل تسمية "غدا من دابا" (Demain dès aujourd'hui)، يمتد طيلة شهريْ أكتوبر ودجنبر، وسيتضمن مجموعة من العروض الرقمية لضيوف هذه الدورة. وسيُنظم الحدث في فروع المعهد الفرنسي، أخذاً بعين الاعتبار الظروف الصحية الوقائية التي تجتازها المملكة، قصد مواصلة التفكير في التحولات التي تطرحها الجائحة؛ وذلك بحضور فنانين ومثقفين ومصممين متنوعين، سيتقاسمون مع المشاهدين تصوراتهم وأفكارهم بخصوص التغيرات البيئية. ويعد لقاء "غدا من دبا"، وفق المعطيات التي جرى تقديمها في لقاء صحافي نُظم بمدينة الدارالبيضاء، الخميس، امتداداً ل"نشيد الكوليبري"، الذي بدأ في فرنسا من لدن "حركة الكوليبري" التي أنشأها بيير رابيي وسيريل ديون، قبل أن يتم نقله إلى المغرب من قبل المعهد الفرنسي عام 2018. وسيتم إحياء الموسم الثقافي لهذه السنة عبر الوسائط الرقمية، حيث يتضمن معرض "إي-ماروك"، الذي يعد تجربة فريدة تمزج بين التصوير الفوتوغرافي والرسوم المتحركة الرقمية؛ فضلا عن حدث "نونبر الرقمي" الذي يطرح تساؤلات إشكالية حول مكانة التكنولوجيات الحديثة في المجتمعات. كما سيكون المغاربة المهتمون بأنشطة المعهد الفرنسي على موعد مع دورة "الآداب الفرانكفوني"؛ وهي عبارة عن جولة افتراضية مخصصة لكبار المؤلفين الناطقين باللغة الفرنسية، بغية اكتشاف آخر إصداراتهم، من قبيل يوسف أمين العلمي وكين بوجول وليونيل ترويو وأندريه ماكين. ويُحيي المعهد، كذلك، الموعد السنوي الشهير "ليلة الفلاسفة"، إذ ستُنظم الدورة السابعة في نونبر المقبل بصيغة رقمية، وستتمحور حول تيمة "بوابة إلى عالم آخر"، إلى جانب نشاط "فآب لاب"، الذي سيتيح مساحات للعمل التعاوني والإبداعي التي تطورت في الدارالبيضاء ومراكش ومكناس والرباط؛ ناهيك عن حدث "أستوديو التداريب الموسيقية"؛ وهو أستوديو جديد مخصص للموسيقى في الرباط. وبالنسبة إلى النشاط الافتتاحي للموسم الثقافي، المعنون ب "غدا من دابا"، فسيكون عبارة عن لقاءات مع فاعلين ثقافيين وفنيين مختلفين، بينهم "فتومة الجراري بن عبد نبي"، بوصفها عالمة اجتماع شاركت في تأسيس جمعيات عدة، تعمل في إطار تعزيز الزراعة المستدامة والإيكولوجيا الزراعية. أما اللقاء الثاني فسيكون ضيفه "رودي بور"، الذي يدعو إلى تصميم مدني ومتعدد التخصصات، إذ يعمل على القضايا المتعلقة بتحديد الهوية والتوجيه والسينوغرافيا والتصميم الحضاري؛ فيما سيُخصص اللقاء الثالث ل"جين بورغات غوتال"؛ وهي مدرسة معتمدة في الفلسفة، تدربت على تدريس "اليوغا" أيضا. واللقاء الرابع سيكون مع "فريدريك لونوار"، فيلسوف وعالم اجتماع، تخرج من مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية؛ في حين سيكون اللقاء الخامس مع المؤلفة والملحنة "أوم". يضاف إلى ذلك اللقاء الخامس مع "أرنو موريير"، حيث سيتم عرض شريط معنون ب"في مدح الجفاف، هناك حديقة أخرى ممكنة". ويستضيف المعهد الفرنسي معرضا للمصمم "رودي بور"، اختير له اسم "وفجأة تجمَّد العالم"، حيث سيُقدم رسوما توضيحية من مذكراته الخاصة التي أنجزها في فترة "الحجر الصحي". كما ستُعرض كبسولات تسلط الضوء على مبادرات المجتمع المدني المغربي بخصوص التحديات البيئية. وفي هذا الإطار، قالت كليليا شوفريي كولاكو، المديرة العامة للمعهد الفرنسي بالمغرب، إن "الموسم الثقافي الحالي يختلف كثيراً عن الأعوام السابقة، بالنظر إلى تداعيات الجائحة العالمية"، مستدركة: "لكننا قمنا بإدراج الوسائط الرقمية في مختلف العروض المقترحة لهذه السنة". وأضافت شوفريي كولاكو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "المعهد الفرنسي يوظف الآليات الرقمية منذ سنوات في أنشطته الثقافية، لكننا سنعتمد عليها بشكل كلّي هذا الموسم"، مبرزة أن "المشاهدين سيكونون على موعد مع أحداث فنية ذات نفس إبداعي". وأوضحت المسؤولة عينها أن "المعهد يفتح أبوابه في ظل احترام تام لجميع الإجراءات الصحية الموصى بها من قبل السلطات المعنية في جميع الفروع"، ثم زادت مستدركة: "نتمنى استقبال المزيد من الجمهور لدينا، حيث نتوفر على مشاريع إبداعية وابتكارية متنوعة، تروم جعل الثقافة محورا أساسيا في المجتمع". من جهته، أفاد مارتان شينو، مدير المعهد الثقافي الفرنسي بالدارالبيضاء، بأن "المعهد تكيّف مع الظروف الصحية القائمة، من خلال إعداده بشكل جيّد للموسم الثقافي الحالي"، مردفا: "نستضيف مجموعة من الكتاب والفنانين والمغنين، أغلبهم ينحدرون من المغرب". وشدد شينو، في حديث مع هسبريس، على أن "الأنشطة ستتاح عبر المنصات الرقمية، إذ سيتتبعها المشاهدون عن بعد"، مبرزاً أن "الحدث الافتتاحي 'غدا من دبا' يهدف إلى التحسيس بأهمية الحفاظ على البيئة، لاسيما في ظل الجائحة التي تسائل عالم الغد"، ولافتا إلى أن "الحدث سيظهر المجهودات الكبيرة للمجتمع المدني المغربي في مجال حماية الطبيعة".