بدأت انعكاسات الأزمة الصحية الراهنة تظهر على المجتمع المغربي، بعد ارتفاع نسب الفقر وتوسع رقعة الهشاشة وتفشي البطالة، في ظل "ضعف" البرامج الاجتماعية التي تستهدف الحكومة من خلالها إعانة الشرائح المتضررة من فيروس "كورونا" المستجد. وبات واضحاً التأثير الجلّي لوباء "كوفيد-19" على مختلف الفئات المجتمعية، لاسيما تلك التي تشتغل في القطاع غير المهيكل، إذ ارتمى عشرات الأشخاص في أحضان التسول، بحثاً عن لقمة العيش الصعبة في "زمن كورونا"، بعدما أصيب الاقتصاد الوطني ب"الشلل". وتنتشر ظاهرة التسول في جلّ شوارع وأحياء الدارالبيضاء، بفعل تزايد أعداد المتسولين في الفترة الأخيرة، لاسيما أن المدينة تمتاز بكثافة سكانية مرتفعة؛ الأمر الذي فاقم هشاشة بعض الفئات الاجتماعية، نتيجة توقف الأنشطة التجارية المندرجة ضمن القطاع غير المهيكل. وأثّر قرار إغلاق العاصمة الاقتصادية من لدن السلطات على الوضعية الاجتماعية لأغلب "البيضاويين"، إذ مدّدت الحكومة مدة سريان التدابير المتخذة إلى حين السيطرة على معدل انتشار فيروس "كوفيد-19" في المدينة، جراء تفشي العدوى وسط السكان، خصوصا في الأحياء الشعبية. وتعيش الدارالبيضاء استنفاراً محليا طيلة الأسابيع الأخيرة، تمثل في إغلاق المقاهي والمحال التجارية على الساعة الثامنة مساءً، والمطاعم على الساعة التاسعة ليلاً، وحظر التجوال الليلي بدءًا من الساعة العاشرة ليلا إلى غاية الساعة الخامسة صباحا، إلى جانب إغلاق بعض الأسواق الشعبية. ورغم التدابير المعلنة، مازالت المدينة تسجل أعداداً مرتفعة من الإصابات بفيروس "كورونا" المستجد، نتيجة الهشاشة الاجتماعية المتفشية في شرايين القطب المالي للمملكة، ما يدفع الأسر إلى عدم الالتزام بالإجراءات الصحية الموصى بها، بالنظر إلى بحثها اليومي عن لقمة العيش لأبنائها. ويتخوف "البيضاويون" من عودة الحجر الصحي الشامل في حالة تصاعد "عداد كورونا"، بسبب التبعات الاقتصادية والاجتماعية المكلّفة لهذه الخطوة، في ظل غياب مورد رزق قارّ يمكّن الأسر من ضمان أجرة شهرية؛ وهو ما جعل المواطنين يتعايشون مع الوباء منذ تخفيف الحجر الصحي. لذلك، أصبحت السلطات المحلية تعتمد على الحجر الصحي الجزئي، من خلال تطويق البؤر الوبائية التي تظهر في الأحياء، وإغلاق جميع المنافذ المؤدية إليها، حتى تتم السيطرة على الوضع الصحي؛ وهي السياسة المعتمدة في جميع المدن المغربية.