قال المرصد الوطني للتنمية البشرية، وهو مؤسسة رسمية، إن فئة من الأطفال المغاربة مازالوا يعانون من سوء التغذية وتأخر النمو، ناهيك عن ضُعف معدل الاكتفاء بالرضاعة الطبيعية. جاء ذلك في تقرير أصدره المرصد، الأسبوع الجاري، بعنوان: "وضعية الأطفال في المغرب: تحليل مبني على مقاربة الإنصاف"، أعده بتعاون مع "يونيسف المغرب" والمرصد الوطني لحقوق الطفل. وحسب التقرير، يبلغ عدد الأطفال في المغرب سنة 2019 نحو 11.2 مليون طفل، منهم حوالي 5.5 ملايين من الإناث و5.7 ملايين من الذكور. وقد بلغت نسبة الأطفال من السكان حوالي 31.4 في المائة، بعدما كانت تصل إلى 33.5 في المائة سنة 2014. وحسب التقرير، يُشير الانخفاض في عدد الأطفال إلى مرحلة جديدة في تطور البنية الديموغرافية، تميل إلى انقلاب متدرج في هرم الأعمار، ما يؤكد التحول الديموغرافي الذي يعرفه البلد. وتفيد معطيات المرصد الوطني للتنمية البشرية بأن المؤشرات الخاصة بتغذية الأطفال مازالت مثيرة للقلق، فمازال تأخر النمو (سوء التغذية المزمن) ثابتاً في الوسط القروي، كما أنه يتدهور في الوسط الحضري. وبينما تتراجع معدلات النقص في الوزن في الأوساط الحضرية، فهي في ازدياد في المناطق القروية، كما أن معدل الاكتفاء بالرضاعة الطبيعية الحضرية مازال منخفضاً، ولا يمثل أكثر من 35 في المائة على المستوى الوطني. وأفادت معطيات التقرير بأن 22 في المائة من الأطفال فقط يتمتعون باستشارة طبية بعد الولادة، كما مازالت معدلات الزيادة في الوزن مستقرة في 10.8 في المائة، وهو ما يؤكد على ضرورة الاهتمام بهذه المشكلة في المجتمع المغربي. وأورد المرصد الوطني للتنمية البشرية ضمن التقرير أن محددات سوء التغذية في المغرب تتضمن "الممارسات الخاطئة في ما يخص الأطعمة وسوء العناية وضعف مستويات النظافة الصحية وصعوبة الولوج إلى الخدمات الصحية". أمام هذا الوضع، "يتمثل أحد التحديات أمام المغرب في ضرورة وضع وتنفيذ أنظمة الصحة الأهلية، التي وإن كانت تُشكل هدفاً طموحاً لكنها أساسية لتطوير الممارسات الأسرية ومساعدة الآباء على العناية بصحة الأطفال"، حسب التقرير. وشدد المرصد على أن صحة المراهقين تتأثر بمشاكل الإدمان (التبغ والمخدرات)، وكذلك الإشكاليات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية والصحة الذهنية، مضيفا أن هذه الإشكاليات تتفاقم بعوامل الضعف الاقتصادي وتبني أنماط عيش وسلوكيات خطيرة تزداد فداحةً بسبب نقص المعلومات وقلة الوعي بالمخاطر الصحية. ومن فئات الأطفال المعرضة بشكل خاص للمشاكل الصحية الأطفال في وضعية إعاقة. وتظهر التحليلات، حسب المرصد الوطني للتنمية البشرية، أن الرصد المبكر للإعاقة لدى الطفل يعد عنصراً أساسياً لتحسين وضعيته. ثلاثة تحديات يطرح التقرير ثلاثة تحديات أساسية يُواجهها الحق في البقاء بالنسبة للأطفال، تتمثل في الولوج غير المنصف إلى الخدمات الصحية، والقصور في جودة خدمات الصحة الإنجابية وصحة الأطفال، وعدم كفاية الخدمات المتخصصة في صحة المراهقين. كما رصد التقرير أيضاً غياب إستراتيجيات للتعامل مع الأعراف الاجتماعية وتغيير السلوكيات، إذ تبرز أهمية مرافقة الآباء لدعمهم لتبني سلوكيات تعمل على ازدهار وتنمية الأطفال. وذكر المرصد أن "سوء التغذية المزمن والمعدلات الضعيفة للإرضاع الطبيعي والتردد القليل على الرعاية ما بعد الولادة، وتنامي الأمراض غير المعدية والمزمنة، يُظهر ضرورة تجاوز التدخل الطبيعي المعتاد وتطوير إستراتيجيات من أجل تغيير مستدام لممارسات وسلوكيات السكان". ويُقر التقرير بأن المغرب أحرز تقدماً ملموساً في إعمال حقوق الطفل، وهو ما ينعكس على تحسن المؤشرات الرئيسية المتعلقة بظروف المعيشة والصحة والتربية، وكذلك في مجال حماية الأطفال ومشاركتهم على مستوى الأسرة والمدرسة والحياة الاجتماعية. في المقابل، أورد التقرير أن هذه الإنجازات تعرف تطوراً يتفاوت وفق الحالة الاقتصادية للأسرة والمستوى التعليمي لعائلتها. كما يرتبط أيضاً هذا التفاوت بالوسط الذي تعيشه فيه الأسرة. ومازال الأطفال في الأوساط القروية المعزولة وشبه الحضرية في وضعية شديدة الهشاشة. وإضافةً إلى العوائق المادية هناك عوائق متصلة بالأعراف الاجتماعية وعدم المساواة بين الجنسين، لاسيما بالنسبة للفتيات والأمهات، وفق المصدر ذاته.