تعتبر التغذية أحد المحددات الأساسية للصحة، وعاملا رئيسيا في تقليص معدل وفيات الرضع، التي يمكن أن تنخفض بنسبة 25 في المائة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسيف، وهي النسبة التي يمكن بلوغها من خلال مكافحة اضطرابات الأكل، وبنسبة 13 في المائة عن طريق تشجيع الرضاعة الطبية المثلى، وبنسبة 6 في المائة من خلال تعزيز التغذية التكميلية المناسبة، في حين يمكن أن يتقلص المعدل ذاته بنسبة 2 في المائة عبر مكافحة نقص فيتامين «أ» . وقد أظهرت نتائج المسح الوطني للسكان وصحة الأسرة لسنة 2011 ، أن نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية مزمن «قصر القامة»، قد وصلت إلى 14.9 في المائة، وهي نسبة وإن تقلصت مقارنة بالنسبة التي تم تسجيلها خلال سنة 2004 والتي بلغت آنذاك 18.1 ، إلا أنها تحتاج إلى مزيد من التعبئة وتظافر الجهود من أجل مواجهتها والعمل على تقليصها إلى مستويات أدنى، خاصة بالوسط القروي حيث ترتفع هذه النسبة بشكل صارخ، فبالرجوع إلى نتائج نفس المسح الخاص بسنة 2011، سيتبين أن النسبة في المناطق القروية بلغت 20.5 في المائة مقارنة بالوسط الحضري حيث لم تتجاوز نسبة 8.6 في المائة. وفي السياق ذاته فقد أكدت وثيقة، هي نتيجة لدراسة قامت بها وزارة الصحة في مجال الصحة العمومية وتتوفر «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منها» ، أن الاضطرابات الغذائية تمثل إشكالية صحية عمومية في المغرب، ينضاف إليها تراجع الرضاعة الطبية وانتشار فقر الدم بسبب نقص الحديد بين النساء الحوامل وذلك بنسبة 37.2 في المائة عند ثلث الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 أشهر و خمس سنوات، وعند النساء في سن الإنجاب، مشيرة إلى نقص الفيتامينات « أ « و « د «، ينتشر تباعا عند طفل واحد من بين أربعة اطفال، وعند طفل من بين عشرة أطفال. وفي السياق ذاته أكد نفس المرجع أن إشكالية التغذية هي من القضايا التي تعرف تدخل العديد من القطاعات، مما يستوجب إتباع نهج شمولي يستدعي التزاما سياسيا على المستوى الحكومي لمعالجتها، مشيرا إلى الإستراتيجية الوطنية للتغذية خلال الفترة ما بين سنة « 2011 و 2019 « التي وضعتها وزارة الصحة، لما أسمته ب «دورة الحياة بأكملها»، والتي من المرتقب أن تعمل على تحسين صحة السكان عن طريق العمل على أحد محدداتها الرئيسية والمتجسد في التغذية. وارتباطا بمجال الطفولة والشباب، فقد بينت الأبحاث والدراسات التي اجرتها وزارة الصحة خلال العشر سنوات الفارطة، بأن هناك عدة عوامل قد تؤثر سلبا على المسار الدراسي وعلى صحة آلاف الأطفال والشباب المتمدرسين والطلبة، وهو ما أكده في نفس السياق البحث العالمي حول صحة التلاميذ ما بين 13 و 15 سنة، الذي أنجز بتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومركز مراقبة الأمراض بأطلنطا، والذي خلص إلى أن 10 في المائة من التلاميذ مدخنون، وأكثر من 14.6 في المائة يعانون من زيادة الوزن، و 8.3 في المائة يعانون من سوء التغذية، وأكثر من الثلثين من التلاميذ لاينظفون أسنانهم بعد الوجبات الغذائية،و 17.6 في المائة يعانون من اضطرابات نفسية، وأكثر من 80 في المائة من التلاميذ لايزاولون نشاطا بدنيا بانتظام، الأمر الذي يستوجب تعزيز البرنامج الوطني للصحة المدرسية والجامعية، سيما أن شريحة التلاميذ والطلبة تمثل خمس الساكنة، أي حوالي 7 ملايين تلميذ وطالب، وتحتاج هذه الفئة إلى احتياجات كبيرة خاصة في المجال الصحي، كما تتميز أيضا بهشاشتها أمام العديد من التحديات والمخاطر التي قد تؤثر سلبا على صحتها الجسدية والعقلية، وبالتالي على مستقبلها الاجتماعي والتربوي. وكانت وزارة الصحة وخلال تقديم مشروع الميزانية للسنة المالي 2012 قد تعهدت باتخاذ مجموعة من التدابير التي من شأنها تحسين التكفل بالحالات التي يتم الكشف عنها بالوسط المدرسي والجامعي وتنمية برامج النهوض بنمط العيش السليم والوقاية من أمراض الفم والأسنان، وذلك من خلال إحداث مراكز مرجعية للصحة المدرسية والجامعية نموذجية بأربع جهات، وإعداد مخطط للتواصل لمحاربة السلوكيات غير الآمنة بالوسط المدرسي والجامعية ولدى الشباب، مع مصاحبة برنامج «اعداديات وثانويات بدون تدخين» ...، وتقوية ودعم فضاءات الصحة للشباب.