ثلاثة أشهر كانت كافية لإسقاط كلّ مشاريعها، وتُنهي قصّةً كانت بدايتها صادقة وخجولة أمّا نهايتها فتبدو قاتمة ومقلقة. قبل أن تأتي إلى إسطنبول، كانت تنتظر مولوداً جديداً. الآن، لا شيئاً آخر يشغلُ بالها غيرَ عودة قريبة إلى أرض الوطن؛ فقد فقدت جنينها الذي حملته بين أحشائها فترة من الزمن، من شدة الخوفِ والقلق. فاطمة (27 سنة) مغربية من منطقة الشّمال فقدت جنينها وهي عالقة في مدينة إسطنبول التّركية منذ أكثر من ثلاثة أشهر، بسبب قرار السّلطات المغربية إغلاق المجال الجوي في وجهِ الرحلات الدّولية. الآن، تحاول هذه السّيدة المغربية، التي تقطنُ وسط إسطنبول، أن تحصي الخسائر التي خلّفتها هذه الفاجعة. "كنت أنتظرُ مولوداً كان سيحملُ اسماً عزيزاً على قلبي؛ لكنّ كل هاته الأحلام تحوّلت، اليوم، إلى هواجس بسبب عزلتنا ومصائبنا"، تقول فاطمة لجريدة هسبريس. وأردفت: "الآن، لا أريد شيئاً من وطني؛ لأنّه عندما تحلّ كارثة، فيجب أن تستعدّ وتتأقلم مع الوضع الجديد. لا نريد شيئاً غير العودة إلى الوطن". وأضافت فاطمة، التي تبدو عليها علامات التّعب والحسرة: "لن أحمّل المسؤولية للوطن الذي تركني وحدي في ظلّ هذه الظرّوف؛ لكن أشكو همّي وحزني إلى الله"، موردة أنّها "طوال فترة الانتظار العصيبة، كانت تشعر بالاختناق وضيق التّنفس ولم تكن تهنأ بحياة طبيعية". إلى جانب فاطمة التي فقدت مولودها الأوّل، هناك ثلاث نساء أخريات عالقات في تركيا ينتظرن المخاض والصّرخة الأولى بفارغ الصّبر لا يردن أن يعشن كابوساً يحوّل حياتهنّ إلى جحيم. وترفض مستشفيات إسطنبول التّركية استقبال المصابين الأجانب غير الأتراك، بدعوى أنّ كل الأطقم الطّبية معبّأة لمواجهة وباء "كورونا"، بينما يخشى المغاربة العالقون قصد المصالح الاستشفائية التركية مخافة من احتمال حمل الفيروس المنتشر بقوة في إسطنبول. ويتسمّرُ المغاربة العالقون في إسطنبول، بينهم ممرضون وأطباء وأطر بنكيون ومهاجرون، في ملازمة فنادقهم وسط المدينة التي تشهدُ هذه الأيام استنفاراً طبيا بعد تسجيل أزيد من 170 ألف حالة إصابة و4 آلاف حالة وفاة ب"كوفيد-19" في البلاد، معظمها بإسطنبول، بحسب مصادر إعلامية تركية. ويلتمسُ هؤلاء المغاربة العالقون في تركيا من الحكومة المغربية ترتيب عودتهم إلى الوطن في أقرب وقت ممكن، خاصة أنّهم يعيشون متنقّلين بين الفنادق وبدون مأوى، وغالبيتهم لم يعد يتوفّر على المال الكافي لقضاء حوائجه. ولم يتمكن عدد من المغاربة من العودة إلى ديارهم بسبب قرار السلطات إغلاق الحدود الجوية بشكل تام قبل أسابيع، ويطالبُون بإخضاعهم جميعاً للحجر الصحي وفقا للمعايير المعمول بها دولياً للتأكد من عدم إصابتهم بفيروس كورونا المستجد، حفاظاً على الصحة والسلامة العامة.