قبل أن تأتي إلى إسطنبول، كانت تنتظر مولودها الأوّل بشغفٍ كبيرٍ بعد رحلة زواجٍ دامت سنتين.. سميّة مغربية عالقة في تركيا، تخشى أن يأتيها "المخاضُ" وهي في أرض بعيدةٍ جاءتها بغرضِ السّياحة ولاقتناء بعض بدلات الصّغير الذي يسكنُ بطنها، والذي ربّما سيأتي إلى العالم حاملاً صفة "عالقٍ" مثلَ والدتهِ. تحاولُ سمية (27 سنة)، التي تقضي أيّامَ "الأسر" في أحد فنادق إسطنبول، أن تزجي وقتها في مراقبة حركية المارة في الخارج، وفي أحايين كثيرة في إجراء اتصالات مع عائلتها في المغرب، لا تريدُ هذه السّيدة المغربية أن تضعَ مولودها في تركيا، ولذلك فهي تطالبُ بالعودة إلى وطنها قبلَ "الصّرخة" الأولى. ليست سمية وحدها التي تنتظر مولوداً خلال الأسابيع المقبلة؛ فهناك ثلاث نساء أخريات في إسطنبول حوامل لا يعرفن متى يأتي "المخاضُ" العسيرُ، كما أنّهن يجْهلن الإجراءات التي يجبُ إتّباعها، في حالة ما وضعن مواليدهن على أرضٍ تركية. وترفض مستشفيات إسطنبول التّركية استقبال المصابين الأجانب غير الأتراك، بدعوى أنّ كل الأطقم الطّبية معبّأة لمواجهة وباء "كورونا"، بينما يخشى المغاربة العالقون قصد المصالح الاستشفائية التركية مخافة من احتمال حمل الفيروس المنتشر بقوة في إسطنبول. ولا تريدُ فاطمة (اسم مستعار)، وهي مواطنة مغربية قدمت إلى إسطنبول لغرض السّياحة، أن يأتيها "المخاضُ" هنا في تركيا. غالبتها الدّموع؛ لكنّها قرّرت استجماعَ قوّتها مرةً أخرى، لتصرخ عالياً: "نريدُ العودة إلى المغرب. أسرتي تنتظرُ عودتي. لا نريدُ البقاء هنا في تركيا". ويتسمّرُ المغاربة العالقون في إسطنبول، بينهم ممرضون وأطباء وأطر بنكيون ومهاجرون، في ملازمة فنادقهم وسط المدينة التي تشهدُ هذه الأيام استنفاراً طبيا بعد تسجيل أزيد من 146 ألف حالة إصابة وألفيْ حالة وفاة ب"كوفيد-19" في البلاد، معظمها بإسطنبول، بحسب مصادر إعلامية تركية. ويلتمسُ هؤلاء المغاربة العالقون في تركيا من الحكومة المغربية ترتيب عودتهم إلى الوطن في أقرب وقت ممكن، قبل إعلان السلطات التركية "حالة الطوارئ" في البلاد، خاصة أنّهم يعيشون متنقّلين بين الفنادق وبدون مأوى، وغالبيتهم لم يعد يتوفّر على المال الكافي لقضاء حوائجه. وقال أمين متحدثاً إلى جريدة هسبريس الإلكترونية: "نريد العودة إلى الوطن (...) مبغيتش نضيع هنا لفلوس، مبقاوش ليا، والوالدين مخلوعين علينا، بغينا نرجعو بحالنا"، مناشداً الملك محمدا السادس السماح لهم بالعودة إلى المغرب؛ "لأن الوضع في تركيا صعب للغاية". ولم يتمكن عدد من المغاربة من العودة إلى ديارهم بسبب قرار السلطات إغلاق الحدود الجوية بشكل تام قبل أسابيع، ويطالبُون بإخضاعهم جميعاً للحجر الصحي وفقا للمعايير المعمول بها دولياً للتأكد من عدم إصابتهم بفيروس كورونا المستجد، حفاظاً على الصحة والسلامة العامة.