كانَ المشهدُ "قاسياً" قد لا تراهُ إلا في محطات اللجوء عند الحدود الأوروبية.. سيّدة حامل في عقدها الثّالث ترفعُ أنفاسها إلى أقسى استطالتها ثمّ تصرخُ: "نريدُ العودة.. نريدُ العودة".. عبارة تتردّدُ كثيراً على ألسن المغاربة العالقين في تركيا، الذين قرّروا صباح اليوم الخميس، اللّجوء إلى مقرّ قنصلية البلاد للاحتجاج على الوضع. لا تريدُ فاطمة (اسم مستعار)، وهي مواطنة مغربية قدمت إلى إسطنبول لغرض السّياحة، أن يأتيها "المخاضُ" هنا في تركيا. غالبتها الدّموع؛ لكنّها قرّرت استجماعَ قوّتها مرةً أخرى، لتصرخ عالياً: "نريدُ العودة إلى المغرب. أسرتي تنتظرُ عودتي. لا نريدُ البقاء هنا في تركيا". في مقرّ القنصلية المغربية بإسطنبول، اختارَ البعض افتراشَ الأرض علّهُ يحظى بقليلٍ من الدّفءٍ على أرضِ اللجوء. بينما اختارَ الآخرون الاحتجاجَ على الوضع بإطلاق صافرات الاستهجان والصّراخ عالياً "بغينا طيارة.. بغينا طيارة". لاحتواء الوضع، قرّرت قنصلية الرباط بالعاصمة التّركية نقل المغاربة العالقين إلى بعض الفنادق ضواحي إسطنبول. وبينما رحّب المهاجرون الذين يعيشون بدون مأوى وسط شوارع إسطنبول بالإجراء المؤقت، رفضَ آخرون خطّة القنصل: "نحنُ لا نريد فنادق. نحن نريد طائرات لضمان عودتنا إلى المغرب". ويوجدُ حوالي 820 مواطنا مغربيا عالقا في تركيا تعمل قنصلية المملكة في إسطنبول، بالتنسيق مع السّفارة وخلية الأزمة في الرباط، من أجل ضمان عودتهم؛ بينما يؤكّد مصدر رسمي أنّه "لا توجد أيّ قرارات مؤكّدة، إلى حدود اللحظة، بشأن ترتيب هذه العودة". وضمن العالقين يوجد فريق يضمّ ممرضين وتقنيين مغاربة قدموا إلى إسطنبول لغرض الاستجمام، قبل أن تقرّر السلطات المغربية إقفال الخط الجوي الرابط ما بين إسطنبول والدار البيضاء ليتأجّل موعد العودة إلى المغرب إلى تاريخ آخر. ويوجدُ في قلب العاصمة التّركية مئات المواطنين المغاربة يعيشون وضعاً صعباً عقبَ قرارِ السّلطات المغربية إغلاق المنافذ الجوية في وجهِ العالم؛ فمنهم من قدمَ لغرضِ السياحة كما هو حال إيمان، وهي إطار في وزارة الصّحة المغربية، قدمت إلى هذا البلد الأسبوع الماضي في إطار رحلة جماعية مع فريقٍ يضمّ ممرضات وتقنيين. وفي هذا السّياق، أكّد محمد افريقين، القنصل العام للمغرب في إسطنبول، أنّ "القنصلية تتابع وضع المهاجرين المغاربة العالقين في تركيا، خاصة الذين يعيشون في ظروفٍ صعبة"، مبرزاً أنّ "هناك أرقاما مفتوحة على مدار اليوم لاستقبال طلبات المواطنين المغاربة واحتياجاتهم". وعاينت جريدة هسبريس الإلكترونية توافد عدد كبير من المواطنين على مقرّ القنصلية المغربية، مطالبين بترتيب العودة إلى الوطن أسوة بما فعلته عدد من الدّول؛ بما فيها تركيا وفرنسا وبريطانيا، التي قامت بإجلاء مواطنيها من المغرب وبتخصيص رحلات استثناء لنقل رعاياها العالقين في مطارات المملكة.