مازال "الهامش المغربي" يُكرّس قيم التضامن القروي في خضم أزمة "كورونا" الوطنية التي أرخت بظلالها على الواقع الاقتصادي لعشرات الأسر ذات الدخل المحدود، بعدما فُرض عليها البقاء داخل البيوت بفعل حالة الطوارئ الصحية المُتخذة من لدن وزارة الداخلية. وإذا كانت جلّ الأسر ذات الوضع الاقتصادي الهش في الحواضر تُكابد شظف العيش خلال هذه الظرفية نتيجة محدودية المبادرات المدنية لمساعدتها في ظل قلة التفاعل الاجتماعي، فإن ثقافة القرية القائمة على التآزر سدّت احتياجات العائلات هناك. ففي الجنوب الشرقي للمملكة، قامت عشرات الجمعيات بتوزيع قفف على الأسر المعوزة، بتنسيق مع السلطات المحلية التي أشرفت على العملية، فضلا عن تطوع أبناء مدن المنطقة لتقديم يد المساعدة للأسر بشكل مجاني، من خلال إيصال الدواء من الصيدليات إلى المنازل وجلب الحاجيات الغذائية. كما وُضعت العديد من الوحدات الفندقية في المنطقة رهن إشارة القطاعات الوزارية المعنية باحتواء فيروس "كوفيد-19"، بينما برزت مبادرات تضامنية أخرى في ظل أزمة "كورونا"، تتمثل في التكفّل بمصاريف العائلات المُعوزة داخل نطاق الحي الجغرافي الذي تقطن به. وبالنسبة إلى كبار السن والأرامل والمرضى غير القادرين على التسوق في البوادي، فقد تطوع بعض الشباب للقيام بذلك، إلى جانب تقديم خدمات مجانية مرتبطة بإصلاح بعض الأعطاب المنزلية. نتيجة لذلك، عمّ الهدوء بوادي المملكة، عكس الحواضر الكبرى، حيث التزمت أغلب القرى بالتوجيهات الصادرة من لدن أعوان السلطة، وذلك بالبقاء داخل البيوت، باستثناء الحاصلين على "ورقة الخروج" لقضاء بعض الأغراض الملحة في نطاق الأحياء التي يقطنون بها. وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت عن انطلاق عملية فرض الطوارئ الصحية بالمملكة في إطار الخطوات الاحترازية للوقاية من انتشار فيروس "كورونا" المستجد، لافتة إلى أنه سيتم منح المواطنين رخصا استثنائية للتنقل. وأكدت وزارة الداخلية أن رخصة التنقل الاستثنائية تبقى صالحة منذ تسلمها أول مرة إلى غاية انتهاء "حالة الطوارئ الصحية"؛ إذ يكفي وضع علامة على الخانة التي تتضمن أسباب التنقل خارج المنزل كلما استدعت الضرورة ذلك.