بعد الانتقادات المتواصلة من طرف الجمعيات الحقوقية لاستمرار تزويج الفتيات القاصرات في المغرب، يبدو أن الحكومة عازمة على وضع حد لهذه "الظاهرة"، وذلك بإسقاط الفصل الذي يخوّل للقضاة تزويج القاصرات في حالات استثنائية بناء على سلطتهم التقديرية. محمد بنعبد القادر، وزير العدل، لم يُخف رفضه لاستمرار تزويج القاصرات في المغرب، وقال في لقاء نظمته "المؤسسة الدبلوماسية" بالرباط، مساء الأربعاء، أمام عشرات السفراء والدبلوماسيين الأجانب بالمغرب: "نحن نعتقد أنه لا داعي لوجود هذا الاستثناء". ومّهد بنعبد القادر لجوابه على سؤال طُرح عليه بخصوص تزويج القاصرات بالقول إن مدونة الأسرة التي جرى العمل بها سنة 2004، "أعطت نفسا قويا لرد الاعتبار للمرأة المغربية وإدماجها في التنمية وتحريرها من كثير من القيود"، مستدركا: "لكنّ الاستثناء الذي تركته المدونة لتزويج القاصرات لا يمكن أن يتحوّل إلى قاعدة". وأضاف وزير العدل أن "مدونة الأسرة أعطت للقاضي سلطة تقديرية بالتساهل في بعض حالات تزويج القاصرات، ولكن حين نقول القاصر، فإن الأمر لا يتعلق بفتاة تبلغ اثنتي عشرة أو ثلاثة عشر سنة، بل بعُمر يقترب من ثمانية عشرة سنة، لأن معدل الزواج في المغرب تأخر بفعل التمدّن والتمدرس". وتنص المادة 20 من مدونة الأسرة على أن لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سنّ الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 من المدونة، بمقرر معلّل يبيّن فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي. hedويبدو أن هذه المادة التي كانت محطّ دعوات مستمرة إلى الحكومة لإلغائها ماضية نحو الزوال؛ إذ كشف وزير العدل أمام عدد من السفراء المعتمدين بالمغرب أن "هناك رفضا لتزويج القاصرات ناجما عن تطور المجتمع الذي يستعد لتصحيح السلطة التقديرية الممنوحة للقاضي"، على حد تعبيره. واسترسل قائلا: "نحن نعتقد أنه لا داعي لوجود هذا الاستثناء، ونقول بأن يكون سن الزواج هو سن الرشد القانوني، أي ثمانية عشر سنة"، معتبرا أن التطور الذي يشهده المجتمع المغربي سيساعد على الحد من تزويج القاصرات، موازاة مع العمل الذي يقوم به المشرّع، ذلك أن المواطنين في المدن الكبرى، يردف المتحدث، "لا يتزوجون إلا في خمسة وعشرين سنة فما فوق". وطمْأن وزير العدل المغربي السفراء الأجانب بأنّ المغرب ماض نحو القطع مع تزويج القاصرات، قائلا: "آن الأوان لفتح النقاش حول مدونة الأسرة، ونسعى إلى تجويدها لكي تستطيع الفتاة أن تذهب إلى المدرسة وليس إلى بيت الزوجية إذا كانت قاصرا"، واعتبر أن "الأمور واضحة ولا تطرح أي مشكلة. نحن نتحه إلى مراجعة مدونة الأسرة". وبخصوص عقوبة الإعدام، قال بنعبد القادر إن المغرب يمضي نحو إلغائها "وفق منهجية متدرّجة هادئة"، مشيرا إلى أنّ "المهم هو أنه منذ سنة 1993، لم تطبق عقوبة الإعدام في المغرب، وليس هناك أي رد فعل من المجتمع على عدم تنفيذ هذه العقوبة، وهذا يعني أن المغاربة لم يَعتبروا أن تجميد تنفيذ عقوبة الإعدام شيء سلبي".