يا حلاوة الحلاوة.. يا حلاوتها لمّا تُكمشها وتدسها في جيبي، ويا حلاوتي لمّا أتظاهر بأنني لم أنتبه إلى يدك الكريمة وهي تكمش الورقة.. يدك الكريمة وهي تدسها في جيبي. هذا مشهد اجتماعي رائع تتجلى فيه قيمة التضامن في أبهى معانيها. الموظف يقضي الأغراض الإدارية للمواطن، والمواطن يُدخل السرور على الموظف وعلى أطفال الموظف بورقة مكمشة تسد ثقبا من ثقوب ميزانيته أو تشتري أدوية لأمه المريضة أو تؤدي فاتورة كهرباء صاعقة. دعنا نسميها حلاوة ولا نسميها رشوة تماما، كما نسميها بلادا نامية ولا نسميها متخلفة. ولو كان الفساد رجلا لقتلته ولَخرجت منها كما تخرج الشعرة من العجين.. ولن أقضي ليلة واحدة في السجن. فالظرف المنتفخ يفي دائما بالغرض ويشق لك الطريق في عرض البحر. أخي المواطن الغيور، إذا شهدتَ واقعة فساد أو رأيت من يتعاطى الرشوة فما عليك إلا ربط الاتصال بالرقم الأخضر للتبليغ عن الفاسدين المفسدين، وهي تضحية بطولية في سبيل الوطن ستُحسب لك ولن تكلفك شيئا يُذكر.. ربما تُطرد من عملك أو تفقد عينا أو رجلا. سكوت.. اِسمع هذا الخبر: قال وزيرنا المحترم "إن المشرع المغربي انتبه إلى حماية المبلغين عن الرشوة عبر تضمين المسطرة الجنائية عدداً من المقتضيات الهامة جدا"، ومن بين هذه المقتضيات توفير حماية جسدية للمبلّغ إذا اقتضى الأمر ذلك. وهل تعرف أنني لا أتحرك إلا مرفوقا بثلاثة حراس غلاظ شِداد باعتباري أحد المبلّغين عن الفساد، فقد سبق لي أن بلّغت عن رجل وامرأة فسَدا نهارا جهارا بشقة صغيرة في سطح عمارتنا، ولولا الرائحة الكريهة لفسادهما ما انكشف أمرهما، ولو أنهما دخلا الثلاجة ما فسدا. يا سعادة الوزير، أنا موظف عمومي، كنت أتعاطى الرشوة وأفسُد أحيانا، خاصة في مساءات السبت، وقد شُفيتُ تماما بشهادة الطبيب الذي أشرف على علاجي بعدما سلمته رشوة ليشرب قهوة. وأنا أدعو دائما إلى محاربة الرشوة وفضح الراشين والمرتشين، بل ركبت حصان حماسي وأسست جمعية للممتنعين عن تعاطي الرشوة. عددنا قليل ونتعرض كثيرا للمضايقات والاعتداءات من المواطنين المترددين على الإدارات العمومية. سنناضل لدفع الحكومة إلى حمايتنا كأقلية مضطهدة في المجتمع. وقد كان المجتمع يرفضنا بشدة، لكن جمعيات حقوقية عديدة اعترفت بنا وتبنّت قضيتنا. ونحن نؤاخذ وسائل الإعلام كونها لا تستدعينا إلى برامجها لتوصيل معاناتنا إلى الرأي العام. فيلم قصير مشهد 1. داخلي. شقة. صالون/ ليل الزوج (هشام)، الزوجة (عواطف). أثاث متواضع. عواطف، في أواخر العشرينات، متكئة ومغطاة بغطاء ثقيل. الجو بارد جدا. إنها تزفر وترتعد وهي تشاهد التلفزة.. مسلسل تركي. يدخل هشام، شاب في الثلاثينات، يحمل صينية بها براد وكأسان. دخان يتصاعد من أنبوب البراد. يجلس ويمد يده ليأخذ جهاز التحكم، لكن عواطف تخطفه. هشام ينظر إليها نظرة احتجاج خفيف ثم يصب الشاي في الكأس. هشام: "هانا لحبيبة ديالي.. دكيكة سخونة تدفي بيها لعظيمات. إيوا ديري لينا الأخبار نشوفو أشنو واقع". عواطف: "ما كاين ما يتشاف.. غير الكوارث بحال ديما. (بحماس) أشنو قلتي أهشام.. غتشري ليا السرتلا؟" يناولها الكأس فتأخذه. يشرب من كأسه ويتلذذ. هشام: "شوفي ألحبيبة.. غير صبري والله حتى نتهلا فيك مزيان.. ولكن حتى نديرو لاباس". تعبث بشعرها الأسود. نظرتها تنم عن عدم تصديقها لكلامه.(يُتبع) نصائح مول الكوتشي لا تخالط المتشائمين والمحبطين. حافظ على تفاؤلك دائما. سينعتونك بالساذج. تمسك بسذاجتك فهي لقاحك ضد عدواهم. بينما يهرب الناس خوفا من المطر للاختباء تحت السقف، اُخرج أنت إلى الشارع، اُركض تحت المطر، واستعد في اليوم الموالي للذهاب إلى الطبيب بارتعاش في أطرافك ودرجة حرارة مرتفعة. www.facebook.com/fettah.bendaou