ترسم التفاصيل التي بدأت تتكشف عن الهجوم الذي راح ضحيته 50 شخصا سقطوا قتلى بالرصاص في مسجدين بنيوزيلندا صورة لعشرات كانوا يعيشون حياة عادية واختطفهم الموت فجأة بطريقة وحشية؛ فقد كان من بينهم طفل ومهندس طائرات وصاحب محل للطعام السفري (تيك أواي) وطالب طيران. كان الهجوم الذي نفذه الاسترالي برينتون تارانت (28 عاما)، المشتبه بأنه من أصحاب مذهب تفوق البيض، يوم الجمعة أسوأ واقعة قتل جماعي على الإطلاق في تاريخ نيوزيلندا في وقت السلم. ووصفته رئيسة الوزراء، جاسيندا أرديرن، بأنه عمل إرهابي. ومثل تارانت أمام المحكمة أمس السبت حيث وجهت له تهمة القتل وقررت استمرار حبسه دون أن يرد على التهمة، ومن المقرر عقد الجلسة التالية في الخامس من أبريل حيث تقول الشرطة إنها ستوجه له اتهامات أخرى. واليوم الأحد، أقيم مركز مؤقت لتقديم الدعم في مدرسة هاجلي كوليدج الواقعة على الطرف الآخر من حديقة أمام مسجد النور الذي سقط فيه أكثر من 40 قتيلا. وتوافد على المركز سيل من أصدقاء الضحايا وأقاربهم. ودخلت إحدى السيدات ومعها شطائر وفلافل. وصل مزمل باثان لتقديم تعازيه في صديقه عمران خان الذي سقط قتيلا في مسجد ثان في ضاحية لينوود. وقال باثان إن خان، المهاجر من حيدر أباد في الهند، كان يمتلك مطعما هنديا له شعبية كبيرة للطعام السفري وافتتح مؤخرا محل قصاب. وأضاف: "كان إنسانا طيبا. نتمنى لو لم يحدث ذلك. جاء إلى نيوزيلندا قبل 18 عاما وكان عمره 47 عاما فقط. وكان رجلا عصاميا". أما عبد الفتاح، وهو مهندس كمبيوتر كان في الخمسينيات من العمر، فقد قتل بالرصاص في مسجد النور، حسب ما قال صديقه الناجي من المذبحة محمد الجباوي. وأضاف الجباوي أن عبد الفتاح كان من فلسطين وهاجر إلى كرايستشيرش من الكويت قبل 20 عاما. وكان من بين الضحايا أيضا شيخ موسى الواعظ الصومالي الذي كان يعيش في كرايستشيرش، وكان في أواخر السبعينات من العمر. قال سليمان عبدول الذي فر من الصومال ووصل إلى نيوزيلندا لاجئا في العام 1993: "كان رجلا طيبا من كبار السن. وكان يحب عقد الزيجات، فقد عقد قراني على زوجتي". وقالت شركة الطيران الوطنية اير نيوزيلاند إن مهندس صيانة الطائرات ليليك عبد الحميد كان من القتلى في مسجد النور. وقال كريستوفر لوكسون، الرئيس التنفيذي للشركة، في بيان: "كان ليليك عضوا له مكانته في فريق مهندسينا في كرايستشيرش على مدار 16 عاما، بل إنه تعرف على الفريق في وقت سابق عندما عمل مع مهندسي طائراتنا في وظيفة سابقة بالخارج". وأضاف: "الصداقات التي عقدها في ذلك الوقت قادته للتقدم لوظيفة في اير نيوزيلاند والانتقال إلى كرايستشيرش. وسيحزن الفريق لفقدانه حزنا شديدا". الطفل الضحية ما زالت السلطات تعمل على تحديد هويات الضحايا، ولم تصدر قائمة رسمية بأسماء من فقدوا أرواحهم. وأصغر الضحايا في قائمة غير رسمية هو مقداد إبراهيم، ابن الثلاثة أعوام. وقال صديق للأسرة إن مقداد ولد في نيوزيلندا لأبوين من الصومال. وقال جوليد ماير، صديق الأسرة: "كانوا لاجئين سابقين. الحزن طاغ تماما بالطبع. فقد كانوا هاربين من العنف والحرب. كان من المفترض أن تكون هذه ملاذا آمنا. وهذا يجدد الصدمة". أما حافظ موسى باتل فقد كان إمام مسجد لاوتوكا في فيجي. وكان يزور كرايستشيرش مع مجموعة من مواطنيه لرؤية أصدقاء وأقارب، لكنه فقد حياته في مسجد النور، حسب ما قال صديق له وصل من فيجي لوداعه. وقال طالب طلب عدم نشر اسمه إن صديقا له سقط قتيلا. وأضاف: "كان يدرس لكي يصبح طيارا ورأيناه في الدروس الصباحية. ثم ذهب إلى المسجد كالمعتاد ... وتلقيت مكالمة من صديق حوالي منتصف الليل قال لي إنه مات". كانت غالبية الضحايا من المهاجرين من دول مثل باكستانوالهند وماليزيا واندونيسيا وتركيا والصومال وأفغانستان وبنجلادش. وقال المفوض السامي الباكستاني إن ستة من مواطنيه قتلوا، وإن ثلاثة مفقودون. وقال علي عقيل، المتحدث باسم جمعية التضامن السوري في نيوزيلندا، لموقع "ستاف" الإخباري، إن من بين القتلى في مسجد النور خالد مصطفى اللاجئ من سوريا الذي وصل مؤخرا إلى نيوزيلندا. وأضاف أن مصطفى وأسرته "نجوا من فظائع" في بلدهم "ووصلوا إلى هنا حيث الملاذ الآمن ليقتل بأبشع طريقة". وقال عقيل إن حمزة، ابن مصطفى، الذي يبلغ من العمر 16 عاما، مفقود، وإن ابنه زيد، البالغ من العمر حوالي 13 عاما، موجود في مستشفى كرايستشيرش حيث أجريت له جراحة استغرقت ست ساعات. * رويترز