قال وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، عبد القادر اعمارة، إن ارتفاع عدد حوادث السير التي تشهدها طرقات المملكة وتكلف سنويا ميزانية الدولة 15 مليارا، يُبين أن "عملاً كبيرا ينتظرنا من أجل المساهمة في تقليص عدد الحوادث في أفق 2025 بنسبة 50%"، مبرزاً أن "مشكل السلامة الطرقية أعقد بكثير من مجرد تطبيق القانون وزجر المخالفين". وأوضحَ المسؤول الحكومي في كلمة افتتاحية لأشغال ملتقى السلامة الطرقية بأكادير، أمام عدد من مدربي تعليم السياقة، أن "التشريعات الزجرية موجودة وحازمة ولكنها تبقى غير كافية لإيقاف نزيف الطرقات؛ فالحوادث المميتة مستمرة وهناك المئات من الضحايا الذينَ تحولت حياتهم إلى كابوس بسبب مشكل السرعة الذي يبقى هاجسا حقيقيا ومسببا رئيسا للحوادث". ويسعى المغرب، في إطار الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية (2016-2025)، إلى تقليص عدد الوفيات على الطرق ب25 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة، وب50 في المائة في أفق سنة 2025، استنادا إلى خمسة رهانات تهم الراجلين، وأصحاب الدراجات النارية، والمركبة الواحدة، والنقل المهني، والأطفال أقل من 14 سنة. وتروم الاستراتيجية أيضا تركيز الموارد المخصصة في هذا المجال على هذه الرهانات، من خلال اعتماد إجراءات واقعية وواضحة تكون كفيلة بتحقيق النتائج المرجوة، وهو الرهان الذي ينبغي أن يقوم على مضاعفة الجهد التحسيسي بأهمية انخراط كافة فئات المجتمع في إنجاحه. وفي هذا الصدد، اعتبر اعمارة أن منظومة حوادث السير معقدة نظراً لتداخل عدد من المرجعيات والمسببات التي تعيقُ تنزيل الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية، مشيراً إلى أن "الهدف الرقمي الكبير هو أننا بحلول 2026 نكونُ أمام 2000 قتيل سنوياً عوض 3845 قتيلا حالياً"، مورداً أن 27 في المائة من القتلى، أي حوالي الثلث، راجلون. وبشأن هذا المطمح الذي يبتغيه لإنقاذ أرواح المغاربة، قال اعمارة: "إذا استطعنا تحسيس الراجلين فقط سنكون قد أنقذنا حياة آلاف المواطنين، خاصة وأن العمل يجب أن ينكب على أصحاب الدراجات ثنائية وثلاثية العجلات على وجه الخصوص الذين يشكلون لوحدهم حوالي 29 بالمائة من القتلى في حوادث السير". ويرفض الوزير التعاطي مع معضلة حوادث السير بلغة الأرقام، وقال: "نحن مضطرون للحديث عن الأرقام لأننا حينما نتحدث بهذه اللغة فإننا نتحدث عن إنقاذ حياة ألف أو ألفي شخص"، مضيفا: "نحن نقوم بجهد كبير، فهناكَ حوالي 6 مليارات درهم سنويا مخصصة للطرق وحدها، كما أن هناك استثمارا كبيرا فيما يخص الطرق السيارة حيثُ إن المغرب يتوفر على 1800 كلم منها، و1200 كلم من الطرق السريعة". وأوصى الوزير العاملين في مجال تعليم السياقة ب"تزيار السمطة" واحترام القوانين المؤطرة للسلامة الطرقية، وقالَ: "سنعملُ على تزويد العاملين في مجال المراقبة ب 550 رادارا ثابتا من الجيل الجديد"، موردا في الآن ذاته أن هذه الأجهزة لا تكتفي برصد مخالفات السرعة فقط، ولكنها ستعمل على ضبط الجوانب المتعلقة باحترام إشارات وأضواء المرور. وتهدف اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير من وراء تنظيم الملتقى الوطني لمدربي تعليم السياقة إلى "تعزيز المكسبات التي راكمتها مؤسسات تعليم السياقة في مجال التربية على السلامة الطرقية والاستجابة للحاجيات التي عبرت عنها هذه المؤسسات في هذا المجال، مع حث المدربين على إيلاء أهمية كبيرة للأبعاد المرتبطة بالسلامة الطرقية عند استعراض المقتضيات القانونية والتقنية خلال الدروس النظرية والتطبيقية. كما تهدف الدورة التكوينية إلى تحيين المعارف والمعطيات المرتبطة بمجال السلامة الطرقية وتوحيد المفاهيم ولغة الخطاب بين مختلف المدربين والمرشحين، مع التركيز على العنصر البشري في مجال السلامة الطرقية والسبل الكفيلة من أجل الرفع من مستوى الوعي والمسؤولية لدى المرشحين لنيل رخصة السياقة. وهم العرض المقدم لمدراء مدارس السياقة الاحصائيات الخاصة بحوادث السير، والإطار المؤسساتي للسلامة الطرقية، والمؤشرات والاختلالات السلوكية في مجال السلامة الطرقية، ومستجدات قطاع تعليم السياقة التي تهم مسايرة مختلف التعديلات المتعلقة بالسلامة الطرقية. وينظمُ هذا الملتقى بشراكة مع الوقاية المدنية، ومديرية النقل عبر الطرق والسلامة الطرقية بوازرة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، والمركز الوطني لإجراء التجارب والمصادقة، والجمعية المغربية للأطباء المرخصين للإدلاء بشهادة القدرة على السياقة، والتمثيليات المهنية لقطاع تعليم السياقة.