يعتبر المغرب إلى جانب مصر من الدول الإسلامية القليلة التي تولي اهتماما خاصا لعيد المولد النبوي وتحيطه بكل مظاهر الحفاوة والاحتفال. وقد سبقت مصر المغرب في الاحتفال بهذا العيد، نظرا لأن الفاطميين بعدما استولوا على حكم البلاد عملوا على الاحتفال بعيد المولد النبوي لما يختزنه من رمزية دينية تكرس شرعيتهم السياسية من خلال انتمائهم للبيت النبوي. فقد "وجد الاحتفال بالمولد النبوي منذ عهد الفاطميين بمصر، حيث كانوا يحتفلون ضمن ستة مواليد: مولد الرسول، مولد آل البيت علي بن أبي طالب، والحسن والحسين وفاطمة الزهراء والسادس مولد الخليفة الحاضر". وكما أسهم الفاطميون في سن الاحتفال بهذا العيد بمصر، أسهمت الأسر الحاكمة التي تعاقبت على حكم المغرب منذ القرن ال13 م على ترسيخ الاحتفال بعيد المولد النبوي بهذا البلد. وكان المرينيون أول من سن هذه الاحتفالات بالمغرب؛ حيث "كان السلطان يعقوب بن عبد الحق أول من احتفل بعيد المولد النبوي بفاس ثم عممه ابنه يوسف على جهات المغرب". ويمكن تحديد العوامل التي كانت وراء اتخاذ الحكم المريني لهذا القرار في الدوافع التالية : - افتقاد الحكم المريني لأية شرعية دينية بخلاف الحكم المرابطي أو الموحدي. - تنامي نفوذ الشرفاء الأدارسة بفاس، خاصة بعد اكتشاف قبر المولى إدريس. - ظهور قوى سياسية منافسة للحكم المريني مرتكزة إلى المشروعية الشرفاوية كالزوايا، والأسرة السعدية، والأسرة العلوية فيما بعد. لذا، فقد اهتم السلاطين المرينيون بتنظيم مراسيم خاصة للاحتفال بعيد المولد النبوي من خلال إظهار الزينة أو إقامة الولائم. "ففي ليلة العيد يأمر والي المدينة أصحاب الصناعات بالاستعداد فيتزينون ومع كل طائفة من الصناع علمهم ورمز صنعتهم ويبيت الناس خارج المدينة فإذا ركب السلطان لصلاة العيد في الصباح الباكر اصطف الناس صفوفا يستعرضها السلطان وهي تمشي أمامه ثم يركب السلطان ويركب العسكر معه ميمنة وميسرة ومن خلفه الخدم والأعلام منشورة والطبول خلف الموكب تدق حتى يصلي السلطان ويعود فينصرف أصحاب الأسواق والمهن إلى بيوتهم ويحضر طعام السلطان خواصه وأشياخ الدولة". كما دأب السلاطين المرينيون على إقامة الحفلات داخل القصر تدعى لها صفوة النخبة السياسية لكل هؤلاء الأعضاء؛ وتقدم فيها صنوف الأطعمة والأشربة، ويستمع فيها إلى ضروب الإنشاد والأمداح النبوية. وهكذا وصف ابن مرزوق في "المسند الصحيح الحسن" أحد هذه المجالس الذي أقيمت في عهد السلطان يوسف بن يعقوب المريني كما يلي: "إن هذا السلطان دأب أن يقيم ليلة حضرا وسفرا، ويستعد لها بألوان المطاعم والحلويات وأنواع الطيب والبخور مع إظهار الزينة والتأنق في إعداد المجالس، حتى إذا حلت الليلة وأدى السلطان صلاة المغرب ونافلتها، قصد إلى مجلسه في مكان الاحتفال، حيث يستدعي الناس للجلوس حسب مراتبهم ويأخذون المجالس على طبقاتهم، فينتظمون في أحسن زي وأجمل شارة، ثم يقدم الطعام على ترتيب مخصوص يتلوه من الفواكه الطرية ما يوجد في إبانه، وبعدها يؤتى بالفواكه اليابسة. ثم الكعك والحلويات وأخيرا أصناف السكر، وجميع ذلك على أعجب ما يتحدث به: كثرة وحسنا، وربما اختلفت العادة في التوالي مرة وفي الفترة أخرى وقد يقع الإطعام بعد العشاء الآخرة. فإذا استوت المجالس وساد الصمت، قام قارئ العشر، فرتل حصة من القرآن الكريم، ويتلوه عميد المنشدين فيؤدي بعض نوبته، ثم يأتي دور قصائد المديح والتهاني بليلة المولد الكريم: من نظم شعراء المملكة والزائرين، فتلقى على نظام محفوظ وترتيب محكم، على قدر المنازل والرتب والمناصب وبعد هذا تسرد المعجزات النبوية، وتكثر الصلاة على الرسول سيدنا محمد (ص)… فإذا قضيت صلاة الصبح تقدم ألوان الطعام المختصة بهذا الوقت وجميع ما يفضل من بخور وشموع يقتسمه الفقراء المسافرون على قدر استحقاقهم، فيجتمع لهم من ذلك العدد الكثير... في صباح يوم سابع المولد، يجلس الكتاب لتوزيع العطاء على الأشراف وأعيان الفقهاء والأئمة والخطباء والقضاة الواردين، فيعطى كل على قدره: كسوة تخصه وإحسانا". ومن مظاهر هذا الاحتفال، كانت تنظم مباراة لاختيار أجود القصائد المولدية التي تلقى أمام الملك من فوق منصة عالية، تتولى لجنة مكونة من رجال أكفاء من العلماء تحديد الفائز بها، فيشمله العاهل بجوائز تقديرية، ويخلع عليه الكسوة التي يكون لابسا لها". من خلال هذا يلاحظ أن اهتمام السلاطين المرينيين بالاحتفال بهذا العيد كان لا يقتصر فقط على إقامة المآدب، وإطلاق كل أنواع الطيب والبخور، وتنظيم مباريات في الإنشاد والمديح، بل كان يتم الحرص فيه أيضا على ضرورة ارتداء أحسن الألبسة سواء تلك الخاصة بالسلطان أو تلك المتعلقة بمكونات (صفوة النخب المخزنية) من أشراف وأعيان وفقهاء وأئمة وخطباء وقضاة الذين كانوا ينتظمون حول السلطان في (أحسن زي وأجمل شارة). كما أن هذا الاحتفال يكون مناسبة لإظهار السخاء المخزني من خلال توزيع العطاء الذي كان لا يقتصر فقط على المال بل يتم توزيع الكسى على أفراد هذه النخب وفق الهرمية المخزنية المتبعة. وهكذا حظي الفقهاء والعلماء بكرم الدولة، خاصة خطباء جامع القرويين بمدينة فاس، حيث كان السلاطين المرينيون يبعثون إليهم بكسوة سنية، تشتمل على برنس، وبدن، كلاهما من الصوف، وإحرام للتردية، ومنديل للتعميم، ودراعتين، وقبطية. وكانت من فاخر المنسوجات. كما تولت الدولة في أوج الحكم المريني مصاريف وكسوة طلاب المدرسة البوعنانية الذين سيشكلون بعد تخرجهم نخبا في خدمة الدولة .ولترسيخ شرعيتهم الدينية والسياسية، استغل السلاطين المرينيون تنظيم جلسات المديح والسماع خلال هذا الاحتفال، لإهداء الكسوة التي كانوا يرتدونها خلال هذا الحفل لمن حظي بالفوز من المنشدين دلالة على توثيق عرى الترابط بين السلطة المرينية التي لم تقم على أساس عقائدي أو مذهبي أو منحدر شريفي والنخب الدينية التي هي في أمس الحاجة لها لتدعيم شرعيتها الدينية والسياسية. وهكذا يُذكر في هذا السياق "أن السلطان المريني كان يقيم حفلا بهذه المناسبة يستدعي له رجال العلم والأدب، وأن الشعراء كانوا يلقون القصائد أمامه فيُنعم على الفائز الأول بمائة دينار وفرس ووصيف وحُلَّتِه التي يكون لابسا في هذا اليوم ويمنح سائر القراء خمسين دينارا لكل واحد". وقد ترسخت مراسيم الاحتفال بعيد المولد النبوي في عهد الحكم السعدي خاصة مع السلطان المنصور الذهبي الذي دأب على إقامة مجالس فخمة ومآدب كبرى بهذه المناسبة تستدعى إليها كل مكونات الطبقة السياسية والعسكرية والعلمية في البلاد. وقد وصف لنا الفشتالي إ=لأحد هذه الاحتفالات بكل المظاهر البروتوكولية والمراسيمية التي تخللتها، وفق ما يلي: "هذا الموسم الكريم النبوي ومشرق أنوار الطلعة النبوية ومجلى عروس الكون ومظهر كنز الله في العالم وسره المنتقل في أصلاب النبيئين عليهم السلام من آدم خير من طلعت عليه الشمس صلى الله عليه وسلم صلاة يتهادها فم إلى فم وقلم إلى قلم حتى تظلنا من أعسر من عنايته الرأية والعلم هو مطرح الهمة الكريمة الإمامية النبوية الشريفة المنيفة ومرمر اعتنائها وعظيم اهتبالها واحتفالها وإكراما والإجلال ولئن كان الخلفاء رضوان الله عليهم لم يجدوا أيامهم ومددهم من أحياء سنته التي ثابروا عليها خلفا عن سلف والاحتفال لوليمته العظمى التي تحضرها ملائكة الرحمان ويهتز لعظيم شأنها الملوان فلقد أربى عليهم مولانا الإمام أمير المؤمنين أيده الله تعالى في صنيعها الجسيم والاحتفال لليلها العظيم ويومها الكريم بمقدار ازدياد بحره الطليق على نهرهم وامتداد باعه الرحيب على فترهم حياها الله من همم هاشمية – وشيم نبوية ونفوس كريمة علوية كم لها من فخار عظيم ومآثر تلوح غررا في جباه الأيام وهي كمأثرة يرضون بها الرب في كل عام وتقر بصنيعها عين المصطفى خير الأنام عليه أطيب الصلاة وأزكى السلام والرسم الذي جرى به العمل لاحتفال هذا الموسم النبوي الكريم أنه إذا طلعت طلائع ربيع الأول طلائع هذا النبي الكريم صلوات الله عليه سلامه توجهت العناية الشريفة إلى الاحتفال له بما يربى على الوصف ويقف دونه همم الحاسب فيصير الرقاع إلى الفقراء أرباب الذكر على رسم الصوفية من المؤذنين النعارين في السحر بالأذان وأصوات رهبان فيهوون للدعوة من الأماكن النائية ويعكف على خدمة رياض الشموع التي تجلو المحاسن هذه الجهابذة الذين يبارون النحل في نسج إشكالها لطفا وإدماجا حتى إذا كان ليلة الميلاد الكريم وقد أخذت الأهبة وتم الاستعداد وتناهى الاحتفال وأقصى مبالغ الكمال وتلاحقت الوفود من مشايخ الذكر والإنشاد وحضر وقت زفاف العاري في رياض الشموع إلى الأبواب العلية الشريفة وحضرت الآلة الملوكية والأفلاك المؤلفة من الأخشاب لحمل جذوعها يحملها أساري الدولة وأولو الطرق من الصحافيين المحترفين بحمل خدور العرائس عند الزفاف يتقدمهم عريف الأشغال بالباب العلي مصلحا لشأن أفلاكها ومعدلا لسيرها. مشايخ الوزعة وخدام الشرطة ومشايخ البلد انتظم عالم من النظارة سماطين بحافي الطريق من أبواب الخلافة العلية إلى حيث مثوى الشموع من منزل أولى صنعها وخدمتها قد جللوا جنبتي الطريق وركبوا الأسوار والأسطاح وبرزت ربات الحجال من أعلى المنازه والصروح فضخمت الجملة وعظم الزفاف وبرزت جذوع الشموع كالعذارى يرفلن في حلل الحسن والضخامة والجلال واحتملت على أفلاكها يقفوا بعضها بعضا في عدد كثير كالنخيل فارتفعت أصوات الآلة وقرعت الطبول وضج الناس بالتهليل والتكبير والصلاة على النبي الكريم وتتصاعد على الوصف من الزي العظيم والزفاف الجليل حتى تستوي على منصات الشهرة بالإيوان الشريف ثم يقع البيات على التغليس لحضور المشهد الكريم فإذا حضرت صلاة الفجر برز مولانا الإمام أمير المؤمنين أيده الله فيصلى بالناس ثم يقتعد أريكة قبته وسرير ملكه وعليه خلع البياض شعار الدولة الكريمة وقد ازدهى المحفل وضخم الحال وتناهى الجلال واصطفت أمام القبة جذوع الشموع المبارية للمآذن والنخيل ضخامة أجرام وطموح أعناق واصطفاف العذارى المختلفة الأوان فمن بيض كالدمى وحمر جليت في ملابس أرجوان وخضر سندسية الغلائل وقد تقسمت طول جذوعها قباب مستديرة بها استدارة أركان المآذن وتفننت فيها الصناع نسجا وقادت بين الأرجل الضخمة والأفلاك المضاعفة تنوء بها العصبة أولو القوة متعددة المواقد والمشاكى كأنها هضاب نرجس نهر". إن هذا النص يكشف عن مظاهر احتفاء السلاطين السعديين، خاصة السلطان أحمد المنصور، بالمولد النبوي الشريف والاهتمام بالتنظيم الدقيق بالاحتفال به، والذي كان لا يشمل فقط دعوة كل مكونات الطبقة الدينية من علماء وفقهاء، وشيوخ الزوايا ومتصوفة، ومنشدين وهم يرتدون أبهى الحلل التي تليق بهذه المناسبة، وصنع كل أنواع الشموع بمختلف أشكالها وألوانها وأحجامها ...، بل كان يتركز بالأساس على الحضور الفعلي للسلطان بكل مظاهر أبهته الملوكية والتي كان من بين أهم مظاهرها، بالإضافة إلى (سرير ملكه) اللباس السلطاني الذي كان يغلب عليه (البياض) اللون الرسمي للدولة بما كان يضفيه ذلك من هيبة سياسية وتكريس للمشروعية الدينية. ويبدو أن نظام الاحتفال الذي تكرس مع السلاطين السعديين قد تطور وازدهر في عهد سلاطين الأسرة العلوية، حيث عرفت تقاليد واحتفاءات واحتفالات، فصل في بعضها مؤرخو هذه الأسرة الحاكمة، والذي كان من أبرزهم المؤرخ عبد الرحمن بن زيدان في كتابه "العز والصولة" الذي وصف بشكل مدقق مظاهر إشراف السلاطين العلويين على تنظيم هذا الاحتفال من دعوة للطبقة المخزنية، والاستماع للمنشدين والوعاظ. وفي هذا الصدد، أشار إلى ما يلي: "فإذا استوت الورود، واصطفت الصفوف وتقاربت الأجناس وتآلفت الأشكال، ورضيت مقاعدها السراة (...) تقدم أهل الذكر والإنشاد يقدمهم مشائخهم من بعد أن يفرغ الواعظ من قراءة ما يناسب المقام من الاستفتاح بفضائل النبي صلى الله عليه وسلم وسرد معجزاته والثناء على شريف مقامه وعظيم جلاله، واندفع القول لترجيع الأصوات بمنظومات على أساليب مخصوصة في أماديح النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يخصها العرف باسم "المولديات" نسبة إلى المولد النبوي الكريم، قد لحنوها بألحان تخلب النفوس والأرواح، وترق لها الطباع وتبعث الانشراح في الصدور والأشباح، وتقشعر لها جلود الذين يخشون ربهم، يتفننون في ألحانها على مذهب تفننها في النظم، فإذا أخذت النفوس حظها من الاستمتاع بألحان المولديات الكريمة، تقدمت أهل الذكر المزمزمون بالرقيق من كلام الشيخ أبي الحسن الششتري رضي الله عنه وكلام غيره من المتصوفة أهل الرقائق. كل ذلك تتخلله نوبات المنشدين للبيتين من نفيس الشعر يتحينون به المناسبة بينها وبين ما يتلى من الكلام عند الإنشاد". بالإضافة إلى وصف هذه المظاهر، ركز ابن زيدان على الحضور السلطاني والأجواء التي تحيط بهذا الحضور، حيث كتب ما يلي: "المشهد الفريد في العالم الإسلامي حيث يجلس أمير المؤمنين على البساط في رفعة المتواضعين وعليه سيما المحبين، معه كبار رجال الدولة والعلم والشرف وسفراء مختلف البلاد الإسلامية، محاطا بالذاكرين والمادحين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يرددون بحضرته، في جو رباني وأفق ذكري ملائكي كله خشوع وهيبة وألق ومحبة؛ يرددون مدائحَ جده المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويتغنون بشمائله وخصائصه ومكارمه وسيرته؛ محفل ديني يُنقل عبر مختلف وسائل الاتصال ليشع بمعانيه وإشاراته على العالم، واشجا ببهاء بين الجلال والجمال، بين الروحانية والاغتباط، بين الفرح والنسك، بين الحسن والإحسان... وقد تعطر المقام والحضور برفيع العود والبخور، وازين الفضاء ببديع الفرش ووحدة الملبوس ونفيس الإهاب ورائق الأنفاس".. لكن إلى جانب هذه العوائد السلطانية الرسمية التي واكبت الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف تميز السلاطين العلويين باتباع ثلاث عوائد خاصة تهم بالأساس : -الاحتفال بوضع القصب وجريد النخل على البيوت، حيث دأبت "القصور السلطانية ومضافاتها على عادة" استمرت إلى عهد الحماية. "حيث تستعد قبل حلول طلعة المولد النبوي الشريف إلى أخذ زينة من القصب الأخضر وسعاف النخل فتوضع في البيوت على شكل مخصوص ويستمر ذلك طيلة أسبوع للعيد، ثم يستغنى عنها"؛ -الاحتفال بتوزيع كمية وافرة من السمن والعسل والسميد على سائر القصور السلطانية ومضافاتها يطبخ ذلك السميد طبخا بالغا ويوضع عليه بعد نضجه السمن والعسل" فيتهيأ من ذلك أكلة العصيدة الشهيرة. ويبدو أن هذه العادة ظلت جارية إلى حدود سنوات الحماية. حيث "كان الجناب العالي يصدر أمره الشريف بالكتب لأمناء الصائر بتصيير ما يلزم لأطعمة هذه الليلة الغراء وأطعمة أيام عيد المولد السعيد"؛ - الاحتفال بتوزيع الملابس الفاخرة: حيث يقوم السلطان بتوزيع الملابس الفاخرة ليلة هذا العيد النبوي وصبيحته على سائر أعيان العائلة المولوية" بمنحهم "قفطان الملف وبرنوس منه أيضا، وكساء، وفرجية، وقميص، وسروال، وعمامة، وقلنسوة". وكان ملابس منها "تنقصها العمامة والكساء". كل فرد من أعيان العائلة الملكية "على بزته القانونية، ومقدار مقامه وقرابته من السلطان". مثل ما يوزع السلطان ملابس فاخرة أخرى "على الباشوات الموجودين بالبلد الذي أدى السلطان العيد به، وكذا سائر القواد، وعموم الجيش من غير تخصيص". إلا أن "بعض الفرق من الجيش كانت تعطى" لهم "بدل البرانيس الجلابيب كل على حسب ملابسه المرخص له في اتخاذها قانونا". وهكذا، نلاحظ كيف وظف السلاطين العلويون هذه المناسبة لتكريس عادة توزيع الملابس الفاخرة على مكونات النخب المخزنية، حيث لا يعكس ذلك إهداء شخصيا لاستمالة قلوب أعضاء هذه النخب، بل كانت هذه العادة تبطن أيضا دلالة سياسية بأن السلطان هو ستر هذه النخب وملبسها، وضامن كسائها الفاخر ومكانتها السياسية.