في تصريح لجريدة "هسبريس" بتاريخ 3 نونبر الجاري، لجأ المنار السليمي، الأستاذ الجامعي، إلى مستندات غير متينة، تعوزها المعطيات، وتفتقر إلى البحث للإحاطة بكل ما يتعلق بالنشر في الجرائد الرسمية، وعلى رأسها الجريدة الرسمية للمغرب، قبل التلويح بالتوصيفات شاردة من قبل كون لجوء المصطفى الرميد إلى مقاطعة مجلس الحكومة:" نقلا لممارسات حزبية إلى المؤسسات الدستورية". وقد أبدأ من هذه الأخيرة لمساءلة السليمي، هل تستطيع أن تقول نفس الكلام بخصوص نفس الخطوات لدى أحزاب سياسية بألوان أخرى، كالحزب الذي تناقلت وسائل إعلام كثيرة قيامه بمقاطعة جماعية لمجلس الحكومة احتجاجا على تصريحات سياسية؟ قطعا لا.. لقد تحدث السليمي فيما لم يحط به علما، فقال إن ما ينشر في الجريدة الرسمية محصور في القوانين، والحال أنه لو كلف نفسه عناء الإطلاع عليها لوجد فيها غير ذلك، فالجريدة تنشر، بالإضافة إلى القوانين، المراسيم والقرارات، ومقررات الهيأة العليا للإتصال السمعي البصري، وتقارير المجلس الأعلى للحسابات، وتقارير المجلس الإقتصادي والاجتماعي والبيئي وتقارير الوسيط، وإلى عهد قريب كانت تخصص نشرات خاصة لغرفتي البرلمان. ولو رجع إلى الفصل الأول من المرسوم المنظم للنشرات الرسمية لوجد أنها يمكن أن ينشر بها "القوانين التنظيمية ونصوص الأوفاق الدولية الموضوعة باللغة العربية، وكذلك المقررات والوثائق التي تفرض القوانين أو النصوص التنظيمية" من قبل المراسيم والقرارات الوزارية. وهو ما كان يمكن أن يهدي إلى القول بأن الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان كان ينقصها فقط النص التنظيمي المذكور. إن التوصية الواردة في الخطة الوطنية ليست شاردة، فقد وردت بعدما نهجت بعض الدول التي أنجزت هذه الخطة والبالغ عددها الإجمالي 38 دولة، نفس النهج، فقامت بنشرها في جرائدها الرسمية، ومن بينها إسبانيا والإكوادور والبيرو وبوليفيا. ولو كان دفع الأمانة العامة للحكومة هو ما دفع به السليمي لهان الأمر، ولقضي قبل أن يبلغ مداه، ولذهبت الوزارة رأسا إلى إصدار الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان اعتمادا على مرسوم، لكن الأمر أكبر مما أحاط به السلمي ومن وازاه في الرأي والموقف. ومن مناقص ما ذهب إليه السليمي القول بأن الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، وثيقة سياسية، وهو سقوط ما بعده سقوط، لأن الخطة ليست وثيقة حزبية، ولا حتى خطة حكومية، بالرغم من مصادقة الحكومة على مضامينها بتاريخ 21 دجنبر 2017، إذ أنها خطة وطنية حقوقية ذات طبيعة تخطيط استراتيجي تأتي ثمرة عمل تشاركي انطلق سنة 2008، وبعدها خضعت للتحيين بعد تبنيها في البرنامج الحكومي الحالي، وشاركت فيها الجمعيات الحقوقية والمدنية، وممثلين عن المؤسسات الدستورية والوطنية، ومشاركة الجامعات المغربية، ناهيك عن القطاعات الحكومية. إن وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، لم يقاطع المجلس الحكومي انتصارا للذات، أو حتى بغرض النشر في حد ذاته، بقدر ما كان ذلك بسبب المس بحرمة المجلس الحكومي ومصداقية قراراته الواجبة الإحترام من لدن الجميع، لأن المجلس الحكومي صادق على الخطة وهي تتضمن توصية النشر، فكانت المقاطعة دفاعا عن حرمة المجلس المذكور. ويعلم المشاركون في الحوار حول الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية لحقوق الإنسان، أن المصطفى الرميد في خطواته للذود عن الخطة يدافع عن توصية لنخبة منزهة عن العبث، اعتبرت في نشر الخطة الوطنية حجية أكبر في السعي إلى تطبيقها من قبل الحكومة بمختلف قطاعاتها، في مجالي الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكانت هذه التوصية واردة في مناقشة المجلس الحكومي بتاريخ 21 دجنبر 2017، ولم تلقى أي اعتراض من أي جهة ولا من قبل الأمانة العامة للحكومة نفسها، وهي التزام حكومي وليست التزاما للرميد وحده. *مستشار وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان