بعد أن استَأثرت قضيتهن باهتمامٍ واسعٍ من لدن كبرَيات المنابر الإعلامية خارج المملكة، يتجِه المغرب إلى طي فضيحة تعرض عاملات موسميات للتحرّش والإيذاء الجنسي داخل حقول الفراولة بالجنوب الإسباني؛ فقد رفَضت الغرفة الأولى من البرلمان طلب إيفاد لجنة خاصة بمهمة استطلاعية حول طبيعة الانتهاكات التي نَقَلَتْهَا العاملات بالصَّوت والصورة لوسائل الإعلام الأجنبية، مُعللاً رفضه ب"عدم التدخل في بلد له سيادته". وأورد مجلس النواب، في بلاغ له، أن مكتبه ناقش موضوع المهمة الاستطلاعية حول العاملات المغربيات في حقول الفراولة الإسبانية، وتم رفض الطلب معللا عدم إمكانية إيفاد لجنة برلمانية مغربية للاستطلاع في بلد آخر له سيادته، إذ إن النظام الداخلي لمجلس النواب لا يسمح إلا بالاستطلاع في القضايا المرتبطة بالتراب الوطني. وأضاف المصدر ذاته أن "البرلمان لا يمكنه التحقيق في قضايا ولو كانت مرتبطة بمواطنيه في بلد آخر؛ كما أن المغرب لا يمكنه أن يقبل بلجان استطلاعية لبرلمانات أخرى". وقبل أسابيع قليلة انفجَرت فضيحة تعرض عاملات موسميات للتحرّش والاعتداء الجنسي من قَبَلِ رُؤسائهنَّ في الضيعات، الذينَ فضّلوا في البداية عَدَمَ الرد على الاتّهامات الخَطِيرَة التي حَمَلَتْهَا "نسوة الفراولة" إلى رَدَهَاتِ محاكم مدريد، قبل أن يَخْرُجوا بتصريحاتٍ صادمةٍ، يردُّون فيها على "صكِّ الاتهام" الثَّقيل الذي يُلاحِقُهُمْ، نَقَلَتْهَا عدد من وسائل الإعلام الإسباني. وكان محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، طالب البرلمان المغربي بالقيام بمهمة استطلاعية للتحقيق في ما أثير مؤخرا من تعرض مغربيات للاستغلال الجنسي من طرف مشغليهن في الجارة الشمالية للمملكة، قبل أن يردَّ عليه مجلس النواب بالرَّفض. وفي هذا السياق سجّل عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أن "رفض البرلمان المغربي تشكيل لجنة تحقيق في قضية عاملات الفراولة بإسبانيا بداعي عدم التدخل في دولة ذات سيادة هو بمثابة تهرب من المسؤولية"، مشيرا إلى أن "الأمر يتعلق بعاملات مغربيات ضحايا انتهاكات، ودوره سيكون مؤسساتيا، وقد يجري بتنسيق مع البرلمان الإسباني". وأضاف الحقوقي ذاته في تصريح لهسبريس: "نحن أمام موقف مضحك ومبك في آن واحد، فبدلا من أن تتهرب الحكومة من مسؤولية التحقيق، يتهرب نواب الأمة من مجرد التحقيق في قضية شغلت الرأي العام الإسباني والمغربي والدولي عموما"، قبل أن يتابع قوله بأن "العديد من برلمانات الدول الأوروبية وغيرها تقوم بتشكيل لجان تحقيق حول قضايا تهم مواطنيها في دول أخرى". وعبّر الخضري عن تأسفه لهذا الرفض الذي اعتبره "غير مفهوم ولا يستند إلى مبرر موضوعي"، مناشداً العاملات المغربيات اللواتي تعرضن لانتهاكات خطيرة لحقوقهن في حقول الفراولة بإسبانيا اللجوء إلى القضاء الإسباني، وزاد: "لدينا أمل كبير في ضمان حقوقهن"، دون أن يَخْفِي احتمال أن تكون "طقوس الدبلوماسية وهاجس الحفاظ على علاقات سياسية جيدة مع الجارة الشمالية من أسباب رفض البرلمان المغربي تشكيل اللجنة الاستطلاعية".