يستمر مسلسل ضبابية الموقف الأمريكي من قضية الصحراء المغربية، بعد تواتر خطوات "إمساك العصا من الوسط"، الذي دشنته الخارجية الأمريكية في ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعززته مخرجات زيارة السفير الأمريكي بالجزائر لمخيمات تندوف، وتعيين جون بولتن "المتعاطف" مع طروحات جبهة البوليساريو مستشارا للأمن القومي. زيارة السفير الأمريكي خَرَجَتْ بخلاصة منافية للدعم الذي منحته الولاياتالمتحدة لموقف الحكم الذاتي للصحراء الذي اقترحه المغرب، بمساندتها لمفاوضات تمنح "شعب الصحراء الغربية حق تقرير المصير"، في إشارة حولتها الجبهة مباشرة إلى تحركات غير مسبوقة بتموقعها عسكريا، بجوار منطقة المحبس، على بُعد كيلومتر واحد من الجدار العازل، وبمحاذاة مدينة آسا الزاك المغربية. وفي السياق ذاته، يرى العديد من المتتبعين أن الموقف الأمريكي الضبابي ينطلق أساسا من غياب الرغبة لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية في التدخل بشكل مباشر في الملف، بعد أن لم تجد حلا للانسحاب من مناطق انتشارها التقليدية في مناطق آسيا والشرق الأوسط، زيادة على علو صوت القوى الاستعمارية القديمة للمغرب في ما يخص ملف الصحراء. من جهته، يرى عبد الرحيم منار اسليمي، رئيس مركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، أن "أمريكا داعمة للمغرب نظرا لعوامل متعددة؛ أولها أن الجهة المؤثرة في ملف الصحراء داخل امريكا هي البنتاغون الذي حسم الصراع الذي كان مع محيط أوباما في سنة 2012 و2013، وأضحى يعتبر المغرب حليفا وشريكا استراتيجيا أمنيا في منطقة المتوسط والمحيط الأطلسي". وأضاف منار اسليمي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الجزائر تعرضت لضغوطات أمريكية قوية لفتح مخيمات تندوف، والسماح بزيارة السفير الامريكي جون ديروشر للمخيمات ولقائه بساكنتها. وأوضح الخبير أن الأمر يتعلق باستراتيجية فتح المخيمات وبداية تعويم كيان يسمى البوليساريو، وهو الأمر الذي جعل الجزائر تقدم على مغامرات قادمة من الحاكمين الثنائيين للجزائر القايد صالح والبشير طرطاق الذين يدفعان البوليساريو نحو المنطقة العازلة". وأكد المتحدث ذاته أن "المؤشرات الأولى بخصوص مسودة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي سيقدم لمجلس الأمن ويُبنى عليه القرار المقبل تفيد بأن الأممالمتحدة تتجاوز البوليساريو وتتجه نحو الجزائر بصفتها الطرف الرئيسي في الصراع مع المغرب". وأورد منار اسليمي، في التصريح ذاته، أن "مسودة التقرير تدحض كل مناورات الجزائر والبوليساريو لتوسيع النزاع، سواء من خلال آلية محكمة العدل الأوروبية أو الاتحاد الافريقي، بحصرها للنزاع داخل الأممالمتحدة ورفضها بوضوح دخول الاتحاد الإفريقي في هذا النزاع". وختم الأستاذ الجامعي تصريحه بأن "مجلس الأمن سيتجه إلى الإدانة الصريحة للبوليساريو في حالة عدم تراجع مليشياتها عن الدخول للمنطقة العازلة"، مسجلا أن "مسودة تقرير الأمين العام باتت تنظر إلى مشكل المخاطر الأمنية المتصاعدة في منطقة الساحل والصحراء بعين الاعتبار، وتدري جيدا كيف تسعى الجزائر وجبهة البوليساريو إلى توسيعها نحو المنطقة العازلة". *صحفي متدرب