يعتقد أَدْعِياءُ "العَلْمانيّة" بيننا أنّ نظامَ "الإرْث" في الإسلام مُجْحِفٌ جدًّا بحقّ المرأة باعتبار أنه يَقُوم، كما يُظَنّ عُمومًا، على تَطْبيق آليّ لمبدإ «للذَّكر مِثْل حَظّ الأُنْثيَيْن». ولذا، فإنّ كُلّ من يَتصوّره كذلك لا يَتردّد عن المُطالَبة بإلغائه كنظام لا يَخفى تَعارُضه الظّاهر مع المبدإ الأساسيّ في الدِّمُقْراطيّة القاضي ب«المُساواة في الحُقوق والواجبات الأساسيّة بين كُلّ المُواطِنين». وإذَا كان الاعتراضُ على "الإرْث" في الإسلام لا يَصِحّ إِلَّا إِذَا أُخِذ هذا النِّظامُ في سياقه الكُلِّيّ المُحَدَّد بنَسقٍ شَرْعيّ وفقهيّ لا يَقْبَل أن يُفْصَل فيه بين البُعد التَّعبُّديّ-الخُلُقيّ والبُعد الاجتماعيّ-الاقتصاديّ، فإنّ التّرْكيزَ على قضية "الإرْث" كما لو كانت المدخلَ الأَنْسب لتفعيل "المُساواة" المطلوبة في المُجتمعات ذات الأكثريّة المُسْلمة يُعَدّ تَضْليلًا بَيِّنًا على الأقلّ من جهتَيْن: أُولاهما، كَوْنُ تَوْزيع "الإرْث" يَرْجع أساسًا إلى حَقّ الأفراد في التّصرُّف الحُرّ في مُمْتلَكاتهم الخاصّة بما يَرْتأُونه صوابًا (من حقّ "المالِك" الشَّرْعيّ في أَيِّ مُجتمع حُرّ أنْ يُبَذِّر أموالَه أو يَهَبَها أو يُوصيَ بها كما يشاء!)؛ وثانيتُهما، كَوْن «المُساواة في الحُقوق والواجبات الأساسيّة» كُلًّا لا يَقْبَل التّجْزِيء وواقعًا أعقد بكثير مِمّا يُمَثِّله نظام "الإرْث" الإسلاميّ (حقّ الأقرباء في "الإرْث" لا يأتي أبدًا قبل ما يجب لهم، قانونيًّا، بصفتهم مُواطِنين مُتساوِين في حُقوق "المُواطَنة" و"التّعْليم" و"السَّكَن" و"الصّحة" و"الشُّغْل" وغيرها من "الحُقوق" و"الواجبات" الأساسيّة). وفي المدى الذي لا يَصْعُب على المرء أن يُدْرِك أنّ المُعْترِضين على نظام "الإرْث" الإسلاميّ يَبْدُون مَيّالِين إلى السُّكُوت عن شتّى أنواع "الظُّلْم" الواقعة على كُلّ فئات النّاس بمُجتمعاتِ المُسْلِمين، فإنّ حِرْصَهم على شَدّ الانتباه فقط إلى "الإرْث" يُشير إلى شيء آخر تماما، شيء يتجاوز بشكلٍ مُضاعَف جدًّا تَحْريف أنظار عامّة النّاس عمّا يُكابدونه في الواقع المَعيش من مَظالم اجتماعيّة واقتصاديّة وسياسيّة وثقافيّة. إنه يُشير، أَوّلًا، إلى العمل على 0سْتبعاد أَيّ إِمْكان للدُّخُول الفِعْليّ في تَغْيير ذلك الواقع، كأنّه لا يُراد للمُسْلِمين والمُسْلِمات أن يَتمتّعوا ب«حُقوقهم الوَضْعيّة» إِلَّا إِذَا أَقْدَموا على الانْسلاخ من «الفرائض الشَّرْعيّة» في دينهم بحيث يَصيرُون، بوعيٍ أو من دُونه، إلى الأخذ بالمُقْتضى المُضْمَر في «الدِّين العَلْماني» الدّاعي إلى أنّ ثَمَنَ الظّفَر ب«الحُظُوظ الدُّنْيَوِيّة» في هذا العالَم لا يَتأتّى من دُون قَطْع كُلّ رَجاءٍ في المَثُوبة عن العمل ب«المَقاصد الأُخْرَويّة». ويُشير، ثانيًا، إلى أنّ 0طّراحَ نظام "الإرْث" في الإسلام يُوجب، بﭑلأحرى، التّسْليمَ بتاريخيّة كُلّ النُّصُوص الشَّرْعيّة المُؤسِّسة (قرآنًا وسُنّةً)، من حيث إنّ مَن يَجْرُؤ على تَعْطيل نُصُوص "الإرْث" المُفَصَّلة في "القُرآن" لنْ يَترّدد عن الذّهاب إلى النّتيجة الأبعد بالحُكْم عليها وعلى نَظائرها بأنّها نُصوصٌ قد أصبحتْ مُتجاوزةً وأنّها لم تَعُدْ، بالنِّسبة إلى مُقْتضيات هذا العَصْر، سوى لَغْوٍ أو سُخْف. وعليه، إِذَا 0تّضح أنّ غَرَضَ أدعياء "العَلْمانيّة" من وراء الاعتراض على "الإرْث" يَتمثّل أساسًا في التّوَسُّل به للتّمْكين لإرادتهم في تَعْطيل مجموع «الفرائض الدِّينيّة» ذات الأثر العُموميّ في الإسلام، فإنه لا يبقى خافيًا أنّ الاحتجاجَ ب"المُساواة" من قِبَلهم ليس سوى ذَريعةٍ ظَرْفيّة لتَبْرير مَسْعاهم ذاك. ويشهد على هذا كَوْنُهم قَلَّما يَجْرُؤُون على إِعْلان مُعْتقَدهم المُضْمَر القاضي بتَكْذيب "الوَحْي" تَعاقُلًا أو تَعالُمًا، بل إنهم ليُسْرِعُون - في غالب الأحيان- إلى تَعْظيمِ ومُناصَرةِ كُلّ مُسْلِمٍ يَقُوده 0تِّباعُ هَواهُ إلى مُخالفةِ أَمْرِ رَبّه أو يُؤَدِّيه سُوءُ فَهْمه إلى الاجتراء على رَدّ ما لم يُحِطْ به عِلْمًا. ومن ثَمّ، فمَنْ كان يَحْرِص بالفعل على رَفْع "الظُّلْم" عن مُخْتَلِف فئاتِ النّاس لنْ يَتوانى عن الوُقوف على جميع أنواعه التي في مُقدِّمتها نظام "الاستبداد" و"الفساد" الذي كان ولا يزال يُوَظِّف "الدِّين" نفسَه من خلال أبرز مُمَثِّليه في تَشْريعِ وتَسْويغِ كُلّ ما يقترفه المُتغلِّبون (أو المُسَيْطِرون) من مَظالم على كُلّ المُسْتويات. وإِلَّا، فلو صحّ أنّ المرأةَ المُسْلِمةَ مظلومةٌ بسبب نظام "الإرْث" في الإسلام على النّحو الذي يقتضي إصلاحَه وَفْق مبدإ "المُساواة"، لكان من الأَوْلى أنْ يُطالَب بمُراجَعةِ مصدر "الظُّلْم" نفسه الذي ليس، بالتّالي، غير «0لإسلام/0لدِّين» بما هو أُصُولٌ 0عتقاديّةٌ وحُكْمِيّةٌ يُفْترَض أنّها تدعو إلى "0لتّمْييز" وتُرَسِّخ دُونيّة المرأة. والحقّ أنّ من بين دُعاة تَعْطيل نظام "الإرْث" من يعتقد أنّ "الإسلام" - بما هو كذلك- يُمَثِّل مصدرَ كُلّ شَرٍّ في الحاضر تماما كما كان في الماضي بما يُوجب نَبْذَه جُمْلةً وتَفْصيلًا! لكنّ أهمّ جانب في الاعتراض على نظام "الإرْث" الإسلاميّ إنّما هو ذاك الذي يَتعلّق بﭑدِّعاء أنّ مَطْلَبَ "المُساواة" يُمَثِّل خيرَ تَعْبيرٍ عن 0لتَّوَجُّه "0لحداثيّ" مُتصوَّرًا كسَيْرُورة قائمة حصرًا على "التَّنْوِير" و"التَّحْرِير". ومن هذا المنظور، فإنّ مَنْ يَرُدّ "الإرْثَ" الإسلاميّ يَظُنّ أنّ من مُقْتضَيات "الحداثة" أن يَكُون الإنسانُ "سَيِّدًا" بناءً على عَقْله الآمِرِ و"مالِكًا" للعالَم بعَمَله المُحَرِّر. فلا مجال، إذًا، عند أدعياء "الحَداثة" لشيء آخر يتعارض مع التّوَجُّه "التَّسَيُّديّ" و"التَّمَلُّكيّ" في النّظَر إلى وُجُود الإنسان وفِعْلِه في هذا «العالَم الدُّنْيَوِيّ». وما يَجدُر الانتباه إليه، بهذا الصّدد، هو أنّ 0لتّوَجُّه "0لحداثيّ" لا يَقُوم كتَوَجُّه تَسْيِيديّ للإنسان في الكوْن إِلَّا بالقدر الذي يُسَلَّم أنه نُزُوعٌ مُتنكِّرٌ إلى "0لتَأَلُّه" أو "0لتَّرَبُّب"؛ من حيث إنّ إعلان «مَوْت 0لإلاه» في الفكر الحديث هو بمثابة إِيذان بظُهور «0لإنسان-0لإلاه» (وَفْق عُنوان كتاب الفيلسوف الفرنسيّ "لُوك فيري"). وإذَا كانتْ مآزقُ «مشروع الحداثة» ما فَتِئتْ تُؤكِّد لَامَعْقُوليّة الاستسلام للاختيار بين 0رْتكاس "التَّحْرير" إلى 0سْتئناس «العُبُوديّات المُسْتجدّة» (بفعل تَحَوُّل "التّنْوير" إلى تَسَلُّطٍ سنده "التّعاقُل" أو "التّعالُم" بما يفسح المَجال ل"0لتَّعْتيم" و"0لتّجْهيل" كما تتعاطاهُما، بالخصوص، وسائل الاتِّصال الجماهيريّ) وبين الصَّيْرُورة إلى قَبُول المَآل الانْتحاريّ للحضارة المُعاصرة (من خلال تَدْمير المَجال البِيئيّ-الحَيَوِيّ 0ستنزافًا أو 0سْتعلاءً)، فإنّ الانفتاحَ على آفاق تَجَدُّد الفِكْر المُعاصر في تَعقُّده وتَعَدُّده قد صار يُوجب الانْفكاك عن "النُّمْذُوج" (أو، إنْ شِئْت، "الپّارديغم") السّائد. وبقدر ما يُحَصَّل الوعيُ بذاك 0لانْقلاب في "النُّمْذُوج"، يَصيرُ من المشروع أن يُعاد الاعتبار إلى نظام "الإرْث" الإسلاميّ بصفته يَنْدرج ضمن تَوَجُّه فلسفيّ يُعارِض النُّزُوع "التّسَيُّديّ" و"التّمَلُّكيّ" بما يجعل «التّحقُّق البشريّ» في هذا العالَم غير مُمْكِنٍ إِلَّا على أساس كَوْن الإنسان مخلوقًا مُكَلَّفًا على جهة التّعبُّد "0لائْتماريّ" و"0لائْتمانيّ". فلا يَستقيم عملُ الإنسان، في الإسلام، إِلَّا بما هو هذا «0لعابد 0لمَأْمُورُ و0لمُؤْتمَنُ» في إطار عمله «0لاستعماريّ/0لاستخلافيّ» بالأرض على 0لنّحو الذي يصير به جِماع «0لتَّدْبير 0لبَشريّ» عملًا خُلُقيًّا صلاحه مَنُوطٌ بﭑلاستقامة على "0لذِّكْر" و"0لشُّكْر" تُجاه الخالق المُنْعِم والرَّبّ الهادِي، ممّا يَقْتضي دَوام "0لبَذل" إِحْسانًا في العمل ومُعامَلةً بالحُسنى. وفقط في سياق «0لنُّمْذُوج 0لجديد»، يتأتّى إِدْراكُ أنّ كونَ "التَّنْوير" و"التّحْرير" لا قيام لهما من دُون «0لعمل 0لدِّينيّ» هو ما يجعل إِصْرارَ أدعياء "العَلْمانيّة" على تَعْطيل "الإرث" يُمَثِّل سُوء فهم من قِبَلهم لحقيقة النّظام الإسلاميّ بِرُمّته. وحينما يُعايَن مدى كَوْن الاعتراض على هذا النّظام يَصْدُر غالبًا عن الخُضوع لمُقْتضياتِ «0لأمْرٍ 0لواقع» كما كَرّسَته عالميًّا مَوْجاتُ التّدخُّل الغربيّ في القارّات الثلاث على 0متداد نحو خمسة قُرون، فلا بُدّ من أن يُؤكَّد أنّه لا شيء يُوجب العمل بﭑتِّباع سُبُل "التّحْديث" الغربيّ سوى 0عتقاد أَفضليّتها في ذاتها أو الإقرار بالعَجْز عن الاجتهاد للإتْيان بما يُضاهيها على النّحو الذي يُبرِّر 0لاكتفاء بتَقْليدها 0دِّعاءً ل"الحَداثة" أو تَظاهُرًا بالتَّحُّرر من "التُّراث". وما أشدّ بُؤْسَ الذين لمْ يَبْقَ بين أيديهم من حُجّة غير «تَقْليد 0لغالِب» أو الارْتهان للكَسَل الفكريّ! ومن أجل ذلك، فإنّ مُناهَضةَ أدعياء "العَلْمانيّة" ل«0لإسلام/0لدِّين» تحت مِهْماز الصِّراع الفِكْرَوِيّ (أو الإديولوجيّ) لا تُقِيمُهم بصفة العامِلين حقًّا على "التّنْوير" و"التّحْرير"، من حيث إنهم لا يَفْعلُون شيئا آخر سوى أنّهم يستبدولون سلفَ غيرهم مكان سَلَفهم الخاصّ بما يُتيح لأحدهم حفظ مظهر «الإصلاحيّ المُجدِّد» أو «التّقدُّميّ الثّائر»، بل إنّهم لا يَرَون ضَيْرًا في أن يَكُون سَيْرُهم فقط بما يُرْضِي السّادةَ في الخارج ووُكلاءَهم في الدّاخل؛ كما أنهم لا يَجْرُؤُون على الانْفكاك عن جِماع «0لأَمْر 0لواقع» القائم على تَقْسيمٍ عالميٍّ للشُّغْل يَجعلُ الشُّعُوبَ المُسْتضعَفة في مَقام الخادم التّابع والعبد المُطيع. والحال أنّ النُّهُوض بمُقْتضَيات "التّنْوير" و"التّحْرير" لا يَكُون إِلَّا بﭑلعُكُوف على بالغ 0لاجتهاد في تَحْصيل كُلّ الوسائل الكفيلة بحِفْظ 0لاستقلال لإقامة "العِلْم" و"العمل" 0شتراكًا في شُروط "0لمعقوليّة" و"المسؤُوليّة". ولأنّ «0لإسلام/0لدِّين» يَقُوم على وُجُوب الخُروج من عبادة كُلّ الآلهة الزّائفة والتّحرُّر من كُلّ الأغلال المُقيِّدة، فإنه لا يَقْبَل أن يَكُون «0لتّأْنيس/0لتّأنُّس» في حُدود الخضوع لشُروط هذا «0لعالَم 0لدُّنْيَوِيّ» بما يَؤُول إلى حَصْر هَمّ الإنسان في "0لتّملُّك" و"0لتّسَيُّد". ولهذا، فإنّ نظامَ "الإرْث" – إلى جانب «0لزّكاة» و«إنْفاق 0لعَفْو»– تَوْزيعٌ للثّرْوة يُنْصِف المَحْرُومين ويُحَرِّر المَحْظُوظين بمُجتمعٍ يُفترَض فيه أن يَكُون النِّساءُ شقائقَ الرِّجال الذين أُخِذَ عليهم أن يَكُونوا قَوّامِين عليْهنّ بالقِسْط وأن يَسْتَوْصُوا بهنّ خيرًا. فليس المُجتمعُ بمُنْصِفٍ للنِّساء ما دام يَفْرِض عليهنّ أن يَطْلُبْنَ "0لتّحرُّر" بمُغالَبةِ الرِّجال في كُلّ الميادين حيث يَسُود "التّفاوُتُ" وراثةً طبيعيّةً أو 0جتماعيّةً. وما أشدّ وَهْم "0لتّحَرُّر" على النِّساء حينما يُرَسَّخ 0ستغلالُهنّ بِنْيَوِيًّا خارج البيت وداخله، فلا يبقى أمامهنّ من خيار سوى الانسلاخ عن "الأُنُوثة" كبقية من ماضٍ (يُنْظَر إليه كأنه مُورِسَ فيه «0لتَّطْبِيعُ 0لتّاريخيُّ» للفُرُوق الاجتماعيّة) أو كأَثَرٍ من واقعٍ حاضرٍ يُراد أنْ يُمَكَّن فيه ل"0لتّثْقيف" بما يُؤَمَّل أن يَمْحُو «0لتّمْيِيزَ 0لجِنْسيَّ» تَخْنِيثًا وتَبْخِيسًا لتلك "0لفُحُولة" التي طالما مَثَّلتْ مَعْقل «0لسَّيْطرة 0لذُّكُوريّة» وقَرِينها البِنْيَوِيّ «0لعُنْف 0لرّمْزيّ»! وهكذا يَثْبُت أنّ "الإرْث" في المُجْتمعات ذات الأكثريّة المُسْلِمة ليس سوى مُشْكلة زائفة يُراد بها إخفاء واقع مُزْدوِج يَتمثّل، من جهة أُولى، في 0نْعدام البناء القانونيّ والمُؤسَّسيّ لنظام «المُساواة في الحُقُوق والواجبات بين مجموع المُواطِنين»؛ ويَتمثّل، من جهة أُخرى، في كَوْن أدعياء "التَّنْوير" و"التَّحْرير" لا يجدون وسيلة أنجع للتَّغْطيَة على عجزهم الظّاهر في مُواجهة واقع "الظُّلْم" سوى إِلْقاء المسؤوليّة على "الآخر" الذي يَظُنّونه قابعًا كشبح في ماضي "المُسْلِمين" المُتَّهَمِين عادةً ب"التّزَمُّت" و"التّعصُّب" أو ماثِلًا كخَطرٍ داهِمٍ في حاضرِ "الإسلاميِّين" المَوْصُومين عُمومًا ب"التّطرُّف" و"العُنْف". ولعلّ التّحدِّي القائم الذي على أدعياء «الحداثة المُتعلْمنة» أن يُبادروا إلى رَفْعه حتّى يُصدِّقَهم جميعُ النّاس في 0عتراضهم على نظام "الإرْث" إنّما هو أن يُقيموا بُرْهانَهم على أنّ النِّساء في مُجْتمعاتِ المُسْلِمين لم يَعُدْ من حَقٍّ مُضَيَّع لهُنّ سوى نَصيبهنّ الكامل في "الإرْث" بما يُفيد أنّهُنّ قد صِرْنَ يَتمتَّعْنَ بكُلّ حُقوقهنّ الأساسيّة في "التّعْليم" و"الصِّحّة" و"السَّكن" و"الشُّغْل" و"الزّواج" أو أنّهُنّ وَحْدَهُنّ اللَّائي لا يَزَلْنَ يُعانِين هَضْم حُقوقهنّ تلك. ولأنّ هُواة "التّضْليل" لنْ يَستطيعوا الإتْيانَ بمِثْل ذلك البُرْهان في واقعٍ يَنْزِلُ بأَثْقالِ ظُلْمه على أكثريّةِ المُواطِنين لرُسوخ بِنْيات "الاستبداد" و"الفساد" فيه، فإنّ أمرَهم يَصيرُ مفضوحًا بما يُؤكِّد أنّهم يَبْحثُون عن تَحْقيقِ نَصْرٍ معنويّ خاصّ على من يَعُدُّونهم حُماةَ مصدرِ أكبر شَرٍّ في العالَم المُعاصر، وهو الذي ليس (بالنِّسبة إليهم كما بالنِّسبة إلى رُعاتهم وداعِميهم عالميًّا وإقليميًّا) سوى «0لإسلام/0لدِّين». ولَيْتَ مَنْ كان هذا حالَه يُعْلِن نِيّاته الحقيقيّة صريحةً ومَرّةً واحدةً حتّى يُعْرَف من أَيِّ مَوْقعٍ لا يَفْتَأُ يَتفانى في 0لتَّدْليس و0لتَّشْغيب على مَساكينِ "0لمُسْلِمين" و"0لمُسْلِمات"!