"أؤكد لكم حرصي على مواصلة العمل سويا معكم من أجل الدفع قدما بعلاقات التعاون القائمة بين بلدينا"، كانت هذه جملة من رسالة التهنئة التي بعث بها الملك محمد السادس إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني، بمناسبة العيد الوطني لبلاده، المصادف للذكرى ال39 للثورة الإسلامية بإيران، وهي الرسالة التي تحمل بين ثناياها إشارات واضحة لتقارب الرباطوطهران وسط أجواء إقليمية ودولية متوترة. ترقب بعد العودة وكان الترقب يسود العلاقات المغربية الإيرانية، التي عادت إلى طبيعتها مطلع سنة 2015 بتعيين السفير الإيراني، محمد تقي مؤيد، ثم استقبال الرئيس الإيراني لسفير المغرب المعتمد لدى طهران حسن حامي، بعد قطيعة بدأت منذ مارس من العام 2009، إلا أن الرباط نهجت مسلك التدرج في إعادة تطبيع العلاقات مع بلاد فارس. ورغم أن الساحة الإقليمية تعرف انقساما حادا تجاه إيران، بل وعداء واضحا تتبناه وتتزعم حلفه المملكة العربية السعودية، الحليف الخليجي القوي للمملكة المغربية، التي تتهم طهران بزعزعة استقرار دول المنطقة، إلا أن الرباط لم تعبّر في الآونة الأخيرة عن مواقف واضحة ضد إيران، رغم العلاقات الوطيدة جدا بين المغرب ودول الخليج التي تخوض حربا باردة ضد طهران. تقارب تدريجي من أبرز السمات التي طبعت التقارب المغربي الإيراني الاستقبال الذي حظي به وفد مغربي، ترأسه عبد الواحد الأنصاري، نائب رئيس مجلس النواب، من طرف رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، علي لاريجاني، على هامش مؤتمر اتحاد برلمانات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المنعقد مؤخرا في طهران، حيث عبر المسؤول المغربي عن "ارتياحه لتطوير العلاقات مع إيران في شتى المجالات". وفي نحو أسبوع واحد فقط، بعث الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني، الذي يتزامن مع الذكرى 39 للثورة الإيرانية، تضمنت عبارة: "أؤكد لكم حرصي على مواصلة العمل سويا معكم من أجل الدفع قدما بعلاقات التعاون القائمة بين بلدينا، بما يستجيب لتطلعات شعبينا الشقيقين"، ورسالة تعزية، اليوم الثلاثاء، إثر تحطم طائرة ركاب إيرانيةجنوب محافظة أصفهان أودى بحياة ركابها. توتر إيراني خليجي ارتفعت في الآونة الأخيرة حدة التوتر بين إيران والسعودية. هذه الأخيرة تؤكد دوما على "الانتهاكات الإيرانية في الدول العربية عبر أذرع موالية لها في المنطقة"، وتتهم طهران بالتورط المباشر في تسليح جماعة الحوثيين، التي تدعمها بمعية حزب الله اللبناني، وتوجيه التنظيم الشيعي لعدة صواريخ بالستية صوب الأراضي السعودية. ودعا وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في آخر أيام مؤتمر الأمن بميونخ الألمانية، إلى زيادة "الضغط" على إيران التي اتهمها بأنها مصدر كافة المشكلات التي يشهدها الشرق الأوسط حاليا، متهما إياها ب"ممارسة سياسة توسعية في المنطقة" من خلال دعمها لحزب الله اللبناني، وحركة حماس الإسلامية بالأراضي الفلسطينية، والرئيس السوري بشار الأسد، والمتمردين الحوثيين في اليمن، معتبرا أن "أصل كل النزاعات الحالية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط هي الثورة الإسلامية التي اندلعت في إيران عام 1979". الكنبروي: لا توتر ولا تأثر استبعد الباحث المغربي ادريس الكنبوري حصول تأثر أو توتر في العلاقات المغربية الخليجية بسبب هذا التقارب مع إيران، موضحا أن نهج الدبلوماسية المغربية مختلف "لأن هناك نوعا من الاستقلالية"، مضيفا أن الخطاب الملكي في آخر قمة مغربية خليجية عقدت في الرياض "كان خلاله الملك محمد سادس واضحا وصريحا بأن هناك التزامات دولية وإقليمية لدى المغرب الذي له أولويات ومصالح ولا يمكن أن يضحي بها لصالح أولويات خارجية لدى دول أخرى". وتابع الكنبوري، في تصريح لهسبريس، أن السياسة الخارجية المغربية إن "كانت تتناقض مع مصالح دول أخرى فإنها لن تسعى وراء ذلك، لأن الدبلوماسية المغربية واعية جدا بأن العلاقات الخارجية هي بحث عن فرص ومصالح"، مشددا في الوقت ذاته على أن علاقات الرباط مع دول الخليج استراتيجية، "بينما مع إيران لا تتجاوز كونها علاقة مع دولة إسلامية عضو في منظمة التعاون الإسلامية ولجنة القدس". ويرى الباحث المغربي أن السياسة الخارجية للدول العربية ينبغي أن "تُبقي على الهوامش المتاحة مفتوحة"، لأن حالة العداء بين بعض الدول "ليست نهائية وستعود العلاقات ولا بد أن يكون هناك وسطاء لإعادة هذه العلاقات"، معتبرا أن "هذا هو الدور الذي يجب أن يلعبه المغرب"، وفق تعبيره.