انخراط المغرب بشكل سريع في عملية "عاصفة الحزم"، التي تقودها المملكة العربية السعودية، بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية، لضرب معاقل جماعة "أنصار الله" باليمن، المدعومة من طرف إيران، دفع إلى طرح تساؤلات بخصوص مدى تأثير هذه "العاصفة" على العلاقات التي بالكاد تم استئنافها بين الرباطوطهران. وذهب محللون مغاربة تحدثوا إلى هسبريس إلى أن مشاركة المغرب في عملية "عاصفة الحزم"، التي استهدفت جماعة الحوثيين في اليمن، لن تؤثر سلبا على العلاقات الثنائية بين المغرب وإيران، وهي العلاقات التي عرفت أخيرا بعض الدفء، تمثل في المصالحة بين البلدين، بعد قطيعة دبلوماسية منذ مارس 2009. وكان المغرب قد وافق على اعتماد الدبلوماسي الإيراني المخضرم، محمد تقي مؤيد (يسار الصورة)، سفيرا لطهران في الرباط، في أواخر شهر يناير المنصرم، ما تم اعتباره مؤشرا على بداية استئناف عملي للعلاقات المغربية الإيرانية، فيما يُرتقب أن يتم تعيين سفير مغربي في طهران خلال وقت قريب. يلوح: لن تتأثر.. ولكن الدكتور رشيد يلوح، الباحث في الدّراسات الإيرانيّة بمركز الإمارات للسّياسات، استبعد أن يكون لمشاركة المغرب في "عاصفة الحزم" تأثير على مسار استئناف العلاقات مع إيران، بالنظر إلى أن الطرف المتضرر في اليمن، أي جماعة "أنصار الله"، هو حليف استراتيجي لطهران، ومن الأدوات الأساسية للمشروع الجيوسياسي الإيراني في المنطقة. وسرد يلوح عددا من العوامل التي تجعل تأثر العلاقات بين الرباطوطهران مستبعدة بسبب العملية العسكرية التي تقودها السعودية لضرب الحوثيين، منها أن "المشاركة المغربية في التحالف تندرج ضمن اتفاقيات أمنية وعسكرية عديدة أبرمها المغرب مع دول "مجلس التعاون الخليجي". وثاني تلك العوامل، وفق يلوح، أن طهران تعي جيدا أن الشراكة المغربية الخليجية إستراتيجية، علما أن التهديد الإيراني للبحرين كان من أسباب قطع المغرب لعلاقاته مع طهران سنة 2009، مبرزا أن حكومة حسن روحاني ستكون حريصة على استمرار وتطوير العلاقات مع المغرب. وأورد المحلل أنه "من بين الأهداف المعلنة للحكومة الإيرانية فك العزلة الدبلوماسية والاقتصادية، والانفتاح على المجتمع الدولي"، مشيرا إلى حرص طهران أيضا على استمرار علاقاتها مع كل الدول العربية المشاركة في "عاصفة الحزم"، وهي دول تربطها بإيران علاقات سياسية أو اقتصادية أكثر عمقا من تلك القائمة حاليا بين طهرانوالرباط". وبالرغم من تصاعد الخطاب العدائي الإيراني ضد الدول المشاركة، يضيف يلوح، فالإستراتيجيون في طهران يتفهمون جيدا دوافع "عاصفة الحزم" العربية، ويعلمون أنه بإمكان هذه العاصفة أن تذهب بعيدا، لأنها رد فعل طبيعي على ما أحدثته طهران من اختراقات خطيرة في المجال التاريخي والاستراتيجي العربي". واعتبر الباحث أن العلاقات بين إيران والدول العربية المُتحالفة، ومن ضمنها المغرب، لن تتأثر بشكل مباشر، لكنها لن تكون كما كانت عليه قبل هذا التّحالف، إذ من المحتمل أن يلجأ النظام الإيراني إلى سياسات ناعمة وغير ناعمة داخل هذه الدول لتقويض فُرص تحالفها ضده مستقبلا". واسترسل المحلل بأن "التناقضات والمداخل الهشة في الوضع العربي الراهن ستكون هي الثغرات التي يُتوقّع أن تستثمرها تلك السّياسات، وهذا يفترض بناء إستراتيجية متكاملة توحِّد الموقف العربي، ولو في حده الأدنى، تجاه إيران، إذ سيكون الحل الأمني والعسكري جزء فقط من هذه الإستراتيجية". وأكمل يلوح بأن هذه الإستراتيجية ينبغي أن تجيب على الكثير من الأسئلة التاريخية والثقافية والسياسية، وترسم للعرب معالم خريطة طريق واضحة في التّعامل مع إيران، وفي غير هذه الحالة فإنّنا سنواجه في المستقبل صدامات وحروب دامية مع إيران أو حلفائها وأدواتها في أماكن مختلفة، وستكون الطائفية أحد أهم ملامح هذه الحروب". الحسني: المغرب وعاصفة الحزم ومن جهته قال عصام حميدان الحسني، عضو مؤسسة "الخط الرسالي"، في اتصال مع هسبريس، إن المغرب بحكم أولوياته وخصوصية موقعه الجغرافي البعيد نسبيا عن الشرق الأوسط، كان يفترض فيه أن يكون البلد المنفتح على كافة المحاور الإقليمية والدولية، كي يتيح لنفسه حرية الحركة والمناورة بما يخدم قضايا الوطن ومصلحة البلاد". واستطرد الباحث في الملف الشيعي بأن "المغرب حاول ضبط التوازنات، وفتح المجال أمام تنويع الشراكات غربا وشرقا، مع أمريكا وأوروبا، ومع روسيا والصين، ومع مجلس التعاون الخليجي، ومع إعادة العلاقات مع إيران وترميمها كما عبرت عن ذلك رغبة الملك في رسالته للرئيس روحاني". ولفت المتحدث إلى أن "المشكلة اليمنية أطرافها يمنيون، والتدخل العسكري الخارجي لا يحل المشكلة، كما أنه لا يوجد دليل يثبت أن الصراع الداخلي اليمني شكل تحديا وجوديا لأمن الدول الخليجية، ومستقبل الملاحة البحرية في باب المندب الذي ظل ولا يزال يعمل بحرية حتى بعد الإعلان الدستوري". وبرأي الحسني، فإن "التدخل الخارجي في اليمن يفتقد للشرعية القانونية الدولية، فليس هناك عدوان خارجي، ولا تفويض من مجلس الأمن تحت البند السابع"، مضيفا أنه كان حريا بالدول المتحالفة أن تتدخل في إصلاح ذات بين اليمنيين، بعيدا عن فرض الشروط والإصرار على استتباع اليمن وضرب استقلاله" وفق تعبيره. وخلص المتحدث إلى أن "ملف العلاقات المغربية الإيرانية لن يتأثر بالخطأ الاستراتيجي المتمثل في دخول حرب فاقدة للشروط القانونية والمقتضيات الدينية والقومية" يورد الحسني الذي أكد أن "الغرب الداعم للحملة العسكرية على اليمن مستمر في التفاوض مع إيران، وجل الدول المتدخلة لها علاقات دبلوماسية مع إيران، بما فيها السعودية نفسها ".