منذ أزيد من 20 سنة كتب المرحوم المهدي المنجرة ينبه إلى أن ثورة الأمم لن تعود تعتمد على المواد الأولية، وأن الاستثمار في الإعلام وأدوات الإعلام ينبئ عن ثورة قوامها أن الثروة ستعتمد على اللامادة. وهذا اتجاه يتكرس الآن في اقتصاديات الدول المتقدمة، حيث يحتل إنتاج الإعلام مكانة ثنائية في المداخيل أحيانا والمكانة الأولى في التصدير، يقول المرحوم العربي المساري، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، استنادا إلى المنجرة، وهو يتلو أمامنا التقرير الأدبي للجمع العام الثالث للنقابة بقاعة علال الفاسي بالرباط كان ذلك سنة 1996. فالإعلامي المسلح بالكفاءة والنزاهة الفكرية يمكن أن تكون له مساهمة رئيسية في بلورة ثقافة جديدة في مغرب جديد ناهض مؤهل لربح رهانات المستقبل، لكن هذا يتطلب أن يأتي الشباب إلى هذه المهنة وهم واثقون من أنها تضمن لهم عيشا كريما ومستقبلا مضمونا، يضيف السي العربي المساري، الرجل الذي نحن في الحاجة اليوم إلى إعادة قراءته كجزء من المستقبل وليس جزءا من الماضي فقط. لقد مرت أزيد من 40 سنة على قولة المنجرة وأكثر من 20 سنة على فكرة العربي المسارى..لقد كان الرجلان سابقين على زمانهما. ولكي نتطرق لموضوع أخلاقيات الصحافة أرى أن من المفروض أن نقوم بربط جدلي بين المتغيرات في المجال الصحافي على الصعيد الدولي بفعل ما أحدثه نظام العولمة من متغيرات، إذ تحول الإعلام وفق هذه التحولات من سلطة رابعة إلى جانب السلط التقليدية التشريعية والتنفيذية والقضائية، إلى سلطة أولى، لكن بوظائف مختلفة، وبرهانات جديدة ومتجددة. ونتيجة للتطور المتنامي في ميادين تقنيات المعلومات، أصبح الفضاء العمومي فضاء إعلاميا، تعد الصحافة داخله نموذج التواصل الطاغي الذي يمارس هيمنة شبه مباشرة على إنتاج المعنى والدلالات، وعلى مختلف التمثلات للواقع بهذا العالم، والتي لا تتم وفق التجربة الفردية والانتظارات، بل انطلاقا من الرؤية والزاوية التي تقدمها وسائل الإعلام لجموع المستقبلين لرسائلها جاهزة ومؤدلجة. أخلاقيات المهنة وحرية التعبير: محاولة في المفهوم والمرجعية وفي خضم هذه السياقات الإعلامية وانعكاسا لذلك، يطرح مفهوم حرية التعبير وأخلاقيات المهنة العديد من الإشكالات، خاصة تلك المرتبطة بالممارسة الصحافية، إذ من الملاحظ أن هذه الإشكالات تكون أحيانا ذات طبيعة فقهية وقانونية وأحيانا أخرى ذات صبغة فلسفية ومنهجية . وتزيد التباسات هذه الإشكاليات حينما نعلم أن العلاقة بين المنظومة الإعلامية ومنظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية، حسب العديد من الدراسات، هي علاقة جد معقدة ومتداخلة أيضا، اعتبارا لأن وسائل الإعلام هي وسائط تتولى مهام نقل أنماط التفكير والمعرفة والقيم. إلا أن أخلاقيات مهنة الصحافة مع كل ذلك ترتبط بمدى التزام الصحافية والصحافي بخطوات وضوابط المهنة وبحرفيتها، سعيا إلى معرفة الحقيقة ونشرها وتعميمها على الملأ، لتكون في متناول الجمهور بعيدا عن أي أهداف مصلحية أخرى. وتستند أخلاقيات مهنة الصحافة، التي تتباين في تفاصيلها من بيئة إعلامية إلى أخرى ومن مؤسسة صحافية إلى أخرى، إلى قواعد محددة، وهو ما يجعل "الديونطولوجيا" في منزلة بين الأخلاق التي تعتبر ترجمة فعلية لها، وبين القانون الذي تتخذ صبغته على مستوى القواعد. وبإطلالة تاريخية سريعة وعرضانية على مواثيق أخلاقيات ممارسة الصحافة، فإنها جاءت كنتيجة حتمية للتطور الهائل الذي عرفته الصحافة المكتوبة خلال النصف الثاني من القرن 19. وكانت النرويج قد اعتمدت أول ميثاق على الصعيد العالمي سنة 1912. وتستند غالبية مواثيق الأخلاقيات على إعمال قواعد الموضوعية والنزاهة والمسؤولية، وإخبار الجمهور والبحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع. أخلاقيات الصحافة وحرية التعبير وجهان لعملة واحدة يعود الاهتمام بقضية أخلاقيات المهنة بالمغرب إلى بداية تسعينيات القرن الماضي، خاصة بعد المشاكل الناجمة عن خرق أخلاقيات المهنة، في ظل تنامي ظاهرة ما سمي آنذاك "صحافة الرصيف"، التي أغرقت السوق المغربية بهذه الإصدارات، وهي أسبوعيات يضاف إليها دائما السياسي، وتتولى نشر موضوعات لا علاقة لها بالعمل الصحافي ومن مميزات هذه "الصحافة الصفراء" اختلاق الأخبار، وإطلاق الإشاعات، والنهش في أعراض الناس، واعتمادها على أسلوب الابتزاز والتضليل لخلق الضبابية في مجالات الصحافة والإعلام. وهذا جعل الجميع أمام إرهاب من نوع جديد يمارس عن طريق الصحافة، يستعمل سلاح شتم الأعراض والقذف والتشويه، وهي ممارسات لا تختلف في مضمونها "عما كان يمارس في مخافر الشرطة وأقبية التعذيب". كما أنه إذا كانت الصحافة قد ركزت انشغالاتها منذ الاستقلال على الجوانب المرتبطة بقيام صحافة وطنية ومحاربة الصحافة الاستعمارية ممثلة في صحافة "ماص"، ومواجهة الرقابة والدفاع عن حرية التعبير والرأي، والترافع من أجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية وتكريس المهنية، فإنه أضحى الانشغال ينصب ويتجه شيئا فشيئا خلال التسعينيات صوب مجالات جديدة فرضتها السياقات الدولية والوطنية والتغيرات في اهتمامات الجسم الصحافي، من بينها قضية أخلاقيات المهنة، إلى جانب قضايا النوع الاجتماعي في الإعلام، والحق في الحصول على المعلومات، والولوج إلى مصادر الخبر، ودمقرطة وسائل الإعلام، وديمقراطية التحرير، واستقلالية الصحافة والصحافي. وفي ظل هذا الوضع بادرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، في مارس 1993، السنة التي انتخب فيها المساري كاتبا عاما للنقابة، إلى إنشاء "لجنة آداب المهنة"، تضم شخصيات إعلامية وزانة مهمتها السهر على إعمال "ميثاق الشرف" الذي اعتمدته النقابة منذ ذلك التاريخ. ويضم ميثاق الشرف هذا تسعة بنود، مستمدة من المبادئ الكونية لحرية التعبير وحقوق الإنسان، وكذلك من مقومات العمل الصحفي الهادف إلى الإخبار الصادق والنزيه والموضوعي ، وواجب التضامن المهني. وأصبحت بذلك بطاقة العضوية تحمل إلى جانب المعلومات الشخصية للمنخرط نص الميثاق للتعريف به وتأكيد التزام الأعضاء المنخرطين باحترامه. وقررت نقابة الصحافة بعد ذلك خلال مؤتمرها الثالث المنعقد في 23 و24 سنة 1996، الذي انعقد تحت شعار "احترام أخلاق المهنة وتحسين أوضاع الصحافيين، شرط للنهوض بالصحافة"، إحداث لجنة دائمة ضمن لجانها، تعنى بموضوع الأخلاقيات، تركز عملها الأساسي في الدراسة والرد على الشكاوى والتظلمات، من الممارسات المخلة بشرف المهنة، والتي تباشرها بعض المنابر الإعلامية ويرتكبها بعض الصحافيين. ودأبت النقابة أيضا على تتبع وتقصي ظاهرة الإخلال بأخلاقيات المهنة، وتضمين كل تقاريرها السنوية جردا وتشخيصا لهذا الانحراف الخطير، باعتبار أن ذلك يهدد شرف المهنة ومصداقيتها لدى الرأي العام.. الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير: تجربة للتنظيم الذاتي مجهضة وتوج هذا المسار بتأسيس هيئة وطنية تهتم بأخلاقيات المهنة بحرية التعبير في 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة المنعقد خلال السنة نفسها، وهي المبادرة التي شكلت حينها حدثا بارزا في تاريخ الصحافة المغربية والعربية والإفريقية، بالنظر لأهمية تواجد إطار من هذا النوع لحماية الصحافة من الانزلاقات، والمساهمة في تطوير الأداء المهني للصحافيين، والدفاع في الوقت نفسه عن حرية التعبير، باعتبار أن أخلاقيات مهنة الصحافة وحرية التعبير وجهان لعملة واحدة ولا تناقض بينهما. وشكل تأسيس هذا الإطار المدني تحت اسم "الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير" مرحلة متطورة في مجال أخلاقيات المهنة على المستوى الوطني والإقليمي أيضا. كما اعتبر في حينه تقدما نحو معالجة هذه المسألة بطريقة أكثر نجاعة، تستلهم تجارب الدول الديمقراطية، وأيضا نحو معالجة قضايا الصحافيين انطلاقا من تعهداتهم والتزامات يعملون بأنفسهم على احترامها، دون إتاحة الفرصة لأطراف أخرى خارج المهنة لتبرير توجهات تناقض مع مبادئ حرية التعبير. ولم يكن تشكيل هذه الهيئة التي تم تنصيب أعضائها يوم 19 يوليوز 2002 بالرباط يسيرا، بل تطلب تأسيسها جهدا ووقتا طويلين بالنظر للطموح الذي انطلقت منه الذي كان يهدف إلى خلق إطار مستقل، تمثل فيه الهيئات المدنية الأكثر حضورا وتمثيلية ومصداقية داخل المجتمع بشكل يجعل من معالجة أشكال أخلاقيات الصحافة مسؤولية مشتركة أولا للنقابة، وثانيا بين مختلف منظمات المجتمع المدني. الهيئة آلية لرصد خروقات أخلاقيات الصحافة لحماية وتمنيع الأداء المهني والتصدي التلقائي لانتهاكات حرية التعبير وتتحدد الوظيفة الأساسية للهيئة في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير. وتكتسي قرارات الهيئة ومواقفها قيمة اعتبارية مستمدة من الثقة ومن الإجماع اللذين تحظى بهما من طرف المهنيين والفاعلين ومكونات المجتمع، وذلك بوصفها سلطة أخلاقية ومعنوية داخل أسرة الصحافة. وتتوفر الهيئة على دورين رئيسيين: حمائي وجزائي؛ الأول يتمثل في حماية وتمنيع وتحصين الأداء المهني عبر أمرين اثنين هما: حرية الممارسة والالتزام بأخلاقيات المهنة. على أن ميثاق أخلاقيات المهنة لا يمثل سوى الحد الأدنى الذي لا يستساغ تجاوزه من القيم الأخلاقية الإنسانية العامة: النزاهة، المروءة، الشرف، الأمانة. ويتعلق الدور الثاني الجزائي للهيئة برد الاعتبار للمستهدفين من كل تصرف مخل بأخلاقيات وآداب مهنة الصحافة. وإذا كانت الهيئة وميثاقها يؤكدان على أنها ليست بديلا عن وظيفة القضاء الذي لا تلغي وظيفته ولا تحد من صلاحيات الهيئة بوصفها إطارا مستقلا بذاته، فهي غير تابعة لأي جهة سياسية أو حزبية، ولا لأي وصاية حكومية أو من طرف أي جهة كانت. تمثيلية واسعة لأسرة الصحافة والمجتمع الحقوقي والمدني وتتألف الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير من المنظمات التالية: النقابة الوطنية للصحافة المغربية ممثلة بكل من الصحافيين فاطمة الوكيلي وبناصر بنوهاشم، من القناة الثانية، وعبد الله العمراني والطيب العلمي من الإذاعة والتلفزة المغربية، وفاطمة بوطرخة وجمال المحافظ، عن وكالة المغرب العربي للأنباء، ومصطفى الزنايدى وشفيق اللعبي من الصحافة المكتوبة. وفيدرالية ناشري الصحف بالمغرب، ويمثلها محمد الادريسي القيطوني، مدير جريدة لوبينيون، وعبد المنعم دلمي، الرئيس المدير العام لجريدتي "ليكونوميست" و" الصباح"، ومحمد البريني، مدير جريدة "الأحداث المغربية"، ومحمد السلهامي، مدير أسبوعية "مارك هيبدو"، وفاطمة الورياغلي، مديرة جريدة "فينناس نيوز. وعن الجمعيات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني، تمثلها جمعية هيئات المحامين بالمغرب النقيب عبدالرحيم بن بركة، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان النقيب عبد الرحمان بن عمرو، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، عبد الله الولادي، والعصبة المغربية لحقوق الإنسان، عبد الصمد المرابط، ولجنة الدفاع عن حقوق الإنسان، أحمد أبادرين، واتحاد كتاب المغرب، نجيب خداري، ورشيد الفيلالي المكناسي عن الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة "ترانسبارانسي المغرب". وثلاث شخصيات مستقلة مشهود لها بالنزاهة والكفاءة هي محمد المشيشي العلمي الادريسي رئيسا، والكاتبة الصحافية زكية داوود، والصحافي الإذاعي الخضير الريسوني. وتستند الهيئة التي انتخبت مكتبها برئاسة الأستاذ العلمي مشيشى الادريسي، والمقرر العام جمال المحافظ، في عملها، على ميثاق للأخلاقيات يستمد مقوماته من المبادئ الكونية لحقوق الإنسان، ومن بنود الدستور الذي ينص على حرية التعبير والرأي. وتتضمن ديباجة ميثاق الهيئة تجديد الصحافة المغربية إرادتها والتزامها بمواصلة النضال من أجل تعزيز حرية الرأي والتعبير وإقرار حق المواطن في إعلام تعددي حر ونزيه، تام وقائم على قواعد احترافية عصرية، باعتبار ذلك أحد الشروط الأساسية لبناء حياة ديمقراطية مستقرة. ويتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل. وبصفة عامة، فإن ميثاق الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات المهنة وحرية التعبير يجعلها حسب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، آلية تساهم في حل المشاكل التي تطرحها الممارسة الصحافية وممارسة حق التعبير داخل المجتمع خلال تقديمها لوجهة نظر الجمعية أمام دينامية الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع سنة 2010. تعثر الهيئة لتقاعس بعض مكوناتها وطرح مشروع المجلس الوطني للصحافة وقد شهدت الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تعثرا في مسارها، بالنظر للعديد من العوامل، من أهمها "تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية"، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ثالث ماي 2012. إلا أن "تعثر الهيئة" تزامن مع طرح مشروع "المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 في الدقائق الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، ووزير الاتصال نبيل بنعبد الله، وتم ربطه آنذاك بإصلاح قانون الصحافة والنشر وقانون الصحافي المهني، وهو المشروع الذي توقف بشكل نهائي منذ ذلك التاريخ في ظل الخلاف الناشئ بين الحكومة والنقابة، خاصة حول العقوبات السالبة للحرية وبعض مضامين قانون الصحافي المهني. فالخلاف حول المجلس الوطني "كان قويا" حول نقطتين، أولهما الجهة المؤهلة لاقتراح أسماء الأعضاء من خارج الصحافيين المهنيين، وثانيهما، من له صلاحية وضع ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة؟. وقد تم تجميد هذا المشروع طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، لكن سرعان ما حاول وزير الاتصال خلال تلك الحكومة التقدم في الأشهر الأخيرة للحكومة، بعد تبني دستور 2011، لمبدأ تشجيع التنظيم الذاتي للمهنيين، لتتقدم الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، المقرر أن يرى النور خلال الولاية الحالية للحكومة التي يقودها سعد الدين العثماني، والذي يطرح الجسم الصحافي المهني تساؤلات حول نجاعته ومساطر وآليات تفعيله. الديونطولوجيا وحرية التعبير وجهان لعملة واحدة هل سيشكل المجلس الوطني للصحافة إذا ما رأى النور لبنة إضافية ليس فقط في التنظيم الذاتي والتقنين، ولكن أيضا في النجاح في التعاطي مع أخلاقيات المهنة بأفق يصون حرية التعبير، باعتبار أن الديونطولوجيا وحرية التعبير وجهان لعملة واحدة؟. كيف يمكن للصحافيين بصفة عامة أن يتولوا حماية المهنة وتحصينها – بالاعتماد على أنفسهم – ومواجهة كل الممارسات التي تهدف إلى التقليص من حرية الصحافة بدعوى احترام قواعد أخلاقيات المهنة؟ هل الصحافيون في حاجة إلى ميثاق لأخلاقيات المهنة؟ أم في حاجة إلى قضاء نزيه؟ هل تمكن الصحفيون في ظل رسالتهم التي تقتضي البحث عن الحقيقة من التحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع، والالتزام بالضوابط الأساسية لممارسة مهنة الصحافة، وضمان الاستقلالية؟ هل يميز الصحافي بين التعليق والخبر وعدم الخلط بين العمل الصحافي والإشهار ويتجنب استغلال المعطيات والأخبار المتوفرة لديه بغرض الإثارة؟ ما مدى احترام قرينة البراءة في معالجة القضايا المطروحة أمام المحاكم؟ إلى أي حد يلتزم الصحافيون بالتضامن وتجنب استغلال منابرهم الإعلامية بغرض تصفية الحسابات مع زملائهم؟ *كاتب صحافي باحث في القانون العام ****من المداخلة التي ألقيت في اليوم الدراسي حول "أخلاقيات الإعلام: القيم والرهانات" التي نظمها كرسي العربي المساري لأخلاقيات الإعلام والاتصال بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط