أكد مشاركون في ندوة نظمت الجمعة بالرباط حول موضوع «إشكالية أخلاقيات مهنة الصحافة والدور المرتقب للمجلس الوطني لصحافة» على أهمية استقلالية هذا المجلس وتمكينه من وسائل العمل الضرورية حتى يضطلع بدوره على الوجه الأكمل. وفي هذا الصدد اعتبر نقابيون وإعلاميون وحقوقيون شاركوا في هذه الندوة ، التي نظمتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية ومعهد التنوع الإعلامي، أن النقاش الدائر حول القوانين المتعلقة بالصحافة والنشر بما فيها قانون إحداث المجلس الوطني للصحافة والقانون الخاص به، « يتقدم»، لكنهم أعربوا في الوقت ذاته عن أملهم في أن تتماشى هذه القوانين مع روح الدستور، الذي نص على أن الدولة تشجع التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة بكيفية مستقلة وديمقراطية. وتم أيضا خلال هذه الندوة التطرق لجوانب تتعلق بأخلاقيات المهنة، من حيث التنظير لها وإعمالها في مختلف الإنتاجات اليومية للصحافيين، مع الإشارة إلى أن الالتزام بالأخلاقيات، كما هو متعارف عليها في أدبيات الصحافة، يعود في جانب كبير منه للضمير المهني، في إطار ما اصطلح عليه بعض المتدخلين «الرقابة الذاتية». وأبرز يونس مجاهد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أنه في ظل دستور سنة 2011 انطلق العمل في أفق إحداث المجلس، لكن القانون الخاص به لم ير النور بعد ، مشيرا في هذا السياق إلى أن اللجنة العلمية المكلفة بإعداد مشروع مدونة الصحافة وصلت إلى خلاصات «شبه نهائية». وذكر في هذا الصدد بالجهود التي بذلت من أجل تأسيس الهيأة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير منذ سنة 2002 ، مشيرا إلى أنه بالرغم من «تعثر هذه التجربة لأسباب ذاتية وموضوعية»، لكن الأهداف التي سطرتها الهيأة ظلت حاضرة وسط مختلف مكوناتها ووسط الجسم الصحافي وباقي المكونات الديمقراطية. وفي معرض تطرقه للجانب المتعلق بالأخلاقيات، أوضح مجاهد أن أغلب مواثيق أخلاقيات المهنة عالميا، والتي لم تأت للحد من حرية الصحافة والتعبير، تركز بشكل خاص على الرقابة الذاتية والاستقلالية والنزاهة والضمير المهني والسر المهني والتضامن وحقوق الغير. واعتبر نور الدين مفتاح رئيس فدرالية ناشري الصحف بالمغرب، أن الهدف من كل النقاش المتعلق بالصحافة والنشر في المغرب ، هو الوصول بشكل خاص إلى «صحافة الامتياز»، التي تقدم منتوجا جيدا وتلتزم بأخلاقيات المهنة ، مع الحرص على عدم خداع المستهلك والقارئ . وفي معرض تطرقه لعلاقة القانون بالأخلاقيات، أوضح مفتاح أن الممارسة الصحافية تظهر أن هناك أشياء ترتبط بالضمير المهني أكثر من ارتباطها بالمخالفات التي يعاقب عليها القانون، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هناك «كثيرا من الناشرين الذين لا يحترمون الحقوق، في مقابل وجود الكثير من الصحافيين الذين لا يحترمون أخلاقيات المهنة». وبعد أن أشار إلى أن إشكالية أخلاقيات مهنة الصحافة «متجددة باستمرار»، اعتبر أن المهنية ليست وحدها كافية لانتاج صحافة تستمد مشروعيتها ومصداقيتها من الجمهور، مادام المنتوج الجيد يتطلب توفر عدة عوامل منها الضمير المهني. وفي سياق متصل، شدد محمد النشناش رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان على ضرورة تنظيم مهام المجلس الوطني للصحافة وفق قانون «متطور ومنفتح». وبعد أن أشار إلى أنه لا ديمقراطية بدون حرية التعبير والصحافة، أبرز أن ممارسة مهنة الصحافة وفق أدبيات أخلاقيات المهنة لا يتعارض مع المصالح الاقتصادية. وأكد النشناش على الأهمية الكبيرة التي يكتسيها التكوين المستمر بالنسبة لتطوير أداء الصحافيين، كما هو الشأن بالنسبة لكل العاملين بالمؤسسات والهيئات التي تتطلع إلى تطوير منتوجها. ومن جهته، أبرز دومينيك فون بورغ رئيس مجلس الصحافة بسويسرا، على ضرورة توفر عامل الاستقلالية في عمل مجالس الصحافة ، مع تمكينها من كل الوسائل المادية والبشرية حتى لا تجد نفسها في وضع يفقدها استقلاليتها ومصداقيتها. واعتبر أن بيت القصيد في العمل الصحافي برمته هو الحصول على مادة خبرية ومعالجتها بطريقة مهنية ومستقلة وتحظى بمصداقية وتنتج عنها مادة جيدة. وركزت مداخلة سعيد خمري عن جمعية «عدالة» على مختلف الأنشطة التي نظمتها الجمعية لفائدة الصحافيين ، ومساهمتها في النقاشات التي تهم قضايا الصحافة والنشر.