انكب المهنيون، في إطار النقابة الوطنية للصحافة المغربية، على معالجة موضوع أخلاقيات المهنة، منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، من خلال لجان ومساهمات ولقاءات على الصعيد الوطني، أثمرت الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، وميثاق أخلاقي جيد، كان نتيجة توافق واسع. وتواصل هذا العمل لتأسيس المجلس الوطني للصحافة. وقد انطلقت مختلف هذه التجارب مما عرفته المهنة من تطور، على الصعيد العالمي، حيث كان الصحافيون سباقين إلى معالجة مشاكل الأخلاقيات، في إطار توافق فيما بينهم، والاعتماد على قواعد مهنية ومبادئ أخلاقية ومهنية، قصد التصدي لما يمكن أن ينحرف بمهنتهم، بمرجعية حقوقية استمدت أسسها من مبادئ حقوق الإنسان. وعلى هذا الأساس، جاء مشروع المجلس الوطني للصحافة، الذي لم يكن سوى نتاج لمخاض طويل، شرع المهنيون في الإعداد له، خلال سنوات طويلة، وارتبط بتطلعاتهم لتطوير مهنتهم، على مختلف المستويات القانونية والأخلاقية والمهنية والاجتماعية. ويمكن القول، إن النقاش المثمر الذي ساهم فيه الجسم الصحافي، بمناسبة الحملة لانتخابات لهذا المجلس، اختار أولويات واضحة، هي التي تلخص انتظاراته؛ السهر على احترام الأخلاقيات، تنظيم المهنة، الاهتمام بالجانب الاجتماعي والاتفاقيات الجماعية والوساطة والتحكيم، والتكوين. لذلك، فإن المجلس الوطني للصحافة، سيتولى ملفات حيوية بالنسبة للمهنة والمهنيين، وهي قضايا ليست جديدة، حيث سبق أن أثيرت في كل تقارير النقابة الوطنية للصحافة المغربية ومؤتمراتها وملتقياتها، كما أثيرت بتفصيل في الحوار الوطني «الإعلام والمجتمع» الذي نظم سنتي 2009 و 2010 . ومن المعلوم أن مصلحة الصحافيين واضحة في كل هذه المشاريع، لأنهم يتطلعون إلى تنظيم مهنتهم وتحصينها وتطويرها ومعالجة مشاكلها المادية والاجتماعية، وإلى احترام حرية الصحافة والضمير المهني، داخل المقاولات والمؤسسات، بقواعد والتزامات ومواثيق متفق عليها، من خلال مجالس التحرير وغيرها من آليات التنظيم الذاتي الداخلية، التي لن يكون المجلس سوى تتويج لها. لذلك، فالمجلس ينبغي أن يكون قناعة مشتركة وثمرة تصور واضح، لتطوير المهنة، يبدأ من المقاولة الصحافية والمؤسسة الإعلامية، وليس مجرد بِنَاء فوقي، فالإرادة الجماعية يجب أن تتبلور في الأنظمة الداخلية لهذه المقاولات والمؤسسات، أولاً وقبل كل شيء.