منذ الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات التشريعية للسابع من أكتوبر 2016 أعلن حزب الاصالة والمعاصرة عن موقعه الرسمي بكل حرية في المعارضة، انسجاما واحتراما لمواقفه المعلنة وأديباته الفكرية والسياسية وقواعده الشعبية. وتحقيقا للوضوح السياسي و مساهمة منه في تخليق المشهد السياسي الوطني، لذلك فان قرار التصويت بالمعارضة على قانون المالية 73.16 يأتي منسجما مع موقفه السياسي المبدئي كحزب معارض ,ولاعتبارات موضوعية وواقعية تبتعد عن منطق التدافع السياسوي المشروع وتنتصر لإرادة البناء الجماعي لمغرب افضل يتسع للجميع واهم تلك الاعتبارات والدوافع؛ أولا: لأنه مشروع قانون ترقيعي خال من أي بعد استراتيجي يستحضر حساسية الملفات الاستراتيجية الكبرى للدولة المغربية (العودة الى الاتحاد الافريقي، ملف الصحراء، الشراكات الاقتصادية مع الأقطاب والمحاور الدولية و الإقليمية الكبرى.....) وتحكمت فيه عوامل تدبير اللحظة السياسية بعد ست اشهر من التعثر الحكومي في غياب تام لأي برامج وتوجهات حزبية واضحة كما يعكس في مضمونه وعناصره عدم الانسجام الحكومي و الاضطراب الواضح على مستوى الرؤية و منهجية العمل. ثانيا: لأنه مشروع قانون ارتكز على فرضيات غير واقعية وغير صحيحة كنسبة النمو التي حددت في4.5% عكس العديد من المؤسسات التي تشير الى ان نسب النمو لن تتراوح ما بين 3% و4.2%. كالمندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب. ثالثا: لأنه مشروع قانون لا يعكس سوى مصالح بورجوازية منسحبة من مهامها ووظائفها الوطنية، ومصالح بيروقراطيات إدارية وحزبية ضيقة وبعض المصالح الدولية التي تمتلها شركات عابرة للقارات ولوبيات اقتصادية. رابعا: لأنه مشروع قانون يعكس توجها ليبراليا متوحشا يضرب أسس الدولة الاجتماعية و يسعى الى ضرب العمق الاجتماعي للدولة المغربية وهو ما يظهر من خلال الانخفاض المستمر في الميزانيات المرصودة للقطاعات الاجتماعية (التعليم، الصحة، الشغل، الشباب....-) والتي تعيش اليوم انهيارا كليا و افلاسا حقيقيا. خامسا: مشروع قانون خال من أي إجراءات استثنائية لانقاد القطاعات الاجتماعية التي تعيش أزمات خانقة مما سيزيد من التفاوتات المجالية والجهوية والمجتمعية خصوصا على مستوى الاستفادة من الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم والشغل و التمدرس. غير ان حزب الاصالة والمعاصرة ومن منطلق وعيه الوطني بمهامه التاريخية والسياسية في تطوير العمل البرلماني من خلال الأدوار الدستورية للمعارضة التي منحتها الوثيقة الدستورية الجديدة 2011. مارس دوره كحزب مسؤول عبر توجيه النقد البناء للحكومة والوقوف عند مكامن الخلل مع الايمان بضرورة طرح البدائل والتصورات الجديدة التي من شانها ان تساهم في تطوير العمل التشريعي والرقابي للمؤسسة التشريعية ومد الحكومة بجملة مقترحات للأسف الشديد لم تأخذها بعين الاعتبار. فقد تقدم الفريق النيابي للحزب بأكبر حصة من التعديلات حيث طرح ما مجموعه 61 تعديلا تعكس كلها توجهات وقناعات الحزب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية وتعكس تصوره لبنية السياسات العمومية التي تنهل من قيم الديموقراطية الاجتماعية القائمة على الانتصار لقيم العدالة الاجتماعية والكرامة والمواطنة والحداثة، كما انها تعديلات تمحورت جلها حول تعزيز البعد الاجتماعي والمسالة الاجتماعية في السياسات العمومية الحكومية والتي غابت للأسف الشديد في مشروع قانون المالية والبرنامج الحكومي. لكن للأسف الشديد لم تقبل الحكومة من ذلك الجهد الفكري والسياسي والتقني القانوني سوى ثلاثة تعديلات مما يجعلنا نتساءل عن مستقبل الديموقراطية التشاركية وحقوق المعارضة كمقتضيات دستورية ورغبة الحكومة في الاستفادة والتفاعل مع اجتهادات المعارضة. فعلى المستوى السياسي و المؤسساتي فقد ذهب حزب الاصالة والمعاصرة الى ضرورة تعزيز وتقوية دور السلطة التشريعية في مجال المراقبة المالية عبر اجبار الحكومة على اخبار لجنتي المالية بالبرلمان بكل استعمال للاذن . (المادة الأولى) وكذلك من خلال حصر الترخيص البرلماني وتقنينه في حالات محددة.(المادة الثانية). كما اقترح الحزب جملة من الإجراءات التي من شانها تعزيز وتقوية مكانة الجهة ولعب أدوارها التنموية عبر تخصيص 5% من حصيلة الضريبة على الشركات (قانون الجهات). والتنصيص على مادة جديدة تروم تحديد 1% من حصيلة الضريبة على الشركات من مبلغ النفقات المأذون بها للجهات للالتزام بها مقدما خلال سنة 2017 وصرفها 2018. . اما بالنسبة للتعديلات ذات البعد الاقتصادي فقد اقترح الحزب ادخال تعديلات جوهرية على مدونة الجمارك تتوخى تحقيق العدالة الضريبية وحماية المستوردين والمستهلكين في نفس الوقت وكذلك حماية المنتوج الوطني وتوحيد سعر الضريبة (الفصل 285 من مدونة الضرائب) وتشجيع الاستثمار والتشغيل (المادة10) و (المادة 19) من المدونة العامة للضرائب، ورفع سعر الضريبة على المنتوجات الفاخرة المستوردة %30. اما على المستوى الاجتماعي فقد ثم تقديم مقترحات تهدف الى تشجيع الاقتصاد التضامني والاجتماعي من خلال اقتراح الغاء تطبيق ضريبة الشركات على التعاونيات (المادة 7 من المدونة العامة للضرائب)، كما اقترح في إطار الخصوم من مجموع الدخل الخاضع للضريبة خصم %45 من نفقات التمدرس بالقطاع الخاص (المادة28). وكذلك تحديد سقف 5000درهم معفى من الضريبة على الدخل .المادة ((56 وكذلك اقتراح مقتضيات من شانها الرفع من قيمة التعويض لتمكين المقاولة من جذب الأطر و التقليص من البطالة عبر ادراج التعويض الشهري الإجمالي في حدود 7000درهم والمدفوع الى المتدرب خريج التعليم العالي او التكوين المهني معفى من الضريبة على) الدخل المادة57( وكذلك إضافة طلبة الماستر من تلك الإعفاءات الضريبية، كما تم رفع مبلغ الخصم من الأعباء العائلية من 360 الى 600درهما وحده الأقصى من 2160الى 3600 درهما لتتناسب مع واقع تلك الأعباء التي تعرف ارتفاعا مضطردا المادة 74من (المدونة العامة للضرائب ), و الإبقاء على اعفاء الدراجات النارية الثنائية و الثلاثية العجلات لكونها تستعمل من طرف شريحة وسعة من الفئات الشعبية محدودي الدخل المادة (260). كما اقترح الحزب إضافة القطاعات الاجتماعية الى لائحة القطاعات التي تستثنى من حذف المناصب الشاغرة على اثر إحالة الموظفين على التقاعد المادة 22 من القانون المالي. كما اقترح الحزب العديد من التعديلات والتي تتوخى تعزيز البعد البيئي وحمايته وتثمين مكتسبات المغرب في المجال البيئي (المادة 10م.ع.ض). وطرح الاعفاء من الضريبة على المركبات والسيارات الخاصة ذات المحرك الكهربائي في حدود 50% من مبلغ الضريبة لتشجيع استعمال السيارات غير الملوثة. *رئيس لجنة السياسات العمومية والديموقراطية التشاركية بحزب الاصالة والمعاصرة