بحضور لفيف من المثقفين والسياسيين والمهتمّين، قدّمَ الباحث سفيان أحوجيل كتابه "التأصيل المعجمي للكلمات العربية والآرامية والعبرية: من التطور الدلالي إلى القرابة اللفظية"، بقاعة الندوات في المكتبة الوطنية، سعى من خلاله إلى تحديد أصْل بعض الكلمات العربية انطلاقا من اللغتين العبْرية والآرامية، وكذا تفاعُل هذه اللغات الثلاث فيما بيْنها. وقسَم الباحث كتابه إلى أربعة محاور، قدّم فيها أصول بعض الأدوات النحوية، كالضمائر المنفصلة، وأدوات الربط العربية وعلاقتها بنظيرتها العبرية، وكذا تأصيل أسماء الأنبياء، انطلاقا من النصّ القرآني. وتوصّل أحوجيل في بحثه إلى أنَّ عددا من الكلمات العربية المُستعملة حاليا، التي خضعت لتطور الدلالة، أصْلُها آرمي، مثل كلمة "سَماء"، وكذا كلمة "عُرس"، المُشتقّة من كلمة ""عَرْسة" الآرمية، وتعني الفراش، أو ليلة الزفاف، ومنْها انبثقت كلمة "عروس". وأوردَ المؤلِّف في كتابه عددا من الألفاظ العبرية القريبة من نظيرتها العربية، مثل "حُوف"، والتي تعني بالعبرية الساحل أو الشاطئ، ويُقابلها اللفظ العربي "حافة، وكلمة "كيليف"، وتعني بالعبرية كلْب، والتي لا تختلف كثيرا عن الكلمة العربية "كلب"، وغيرها من الألفاظ والكلمات المتقاربة نُطقا وكتابة. كما توصّل الباحث إلى وجود قرابة بين مصطلحات بالعامّية المغربية وكلمات بالعبرية، فمصطلح "الطبسيل"، مثلا، أصله في العبرية هو "تفشيل"، وتشكّلت هذه الكلمة انطلاقا من فعل "بيشيل"، أو "هيتباشيل"، اللذان يعنيان طهي، أو أنطج، أو طبخ... وثمّة قرابة لفظية ودلالية بين لفظ "بيشيل" وفعْل "بسَل" بالعربية، حيث يُقال "بسَل الطعام"، أي لم يعُد له طَعم. ومن بيْن "المفاجآت" التي توصّل إليها مؤلِّف "التأصيل المعجمي للكلمات العربية والآرامية والعبرية: من التطور الدلالي إلى القرابة اللفظية"، أنّ ضمائر التملّك في الدارجة المغربية هي الأقرب من بين جميع اللغات السامية والعربية لضمائر المِلكية في اللغة الآرامية؛ فضمير "ديالي"، يقابلها بالآرمية "ذيلي"، و "دياوْلك" يُقابلها "ديلوك"... إلخ. وقال الباحث في تصريح لهسبريس إنَّ الهدف من كتابه الذي تطلّب منه بحثا معمّقا وطويلا، هو البحث في "هجرة الألفاظ"؛ حيث كان أصحاب الممالك والإمبراطوريات العظمى، مثل الملك روش، أو "ذو القرنين"، المذكور في القرآن، يملكون لغات عظيمة؛ إذ إنّ ذو القرنين فرض اللغة الآرمية على مجموع إمبراطورتيه، ومنها الإمبراطورية الفارسية. وأشار أحوجيل إلى أنَّ اللغة الآرمية قدْ تكون مقدّسة في زمانها؛ لأنَّ المسيحَ عيسى عليه السلام تحدث بها، وكذلك الشأن بالنسبة للعبرية، باعتبار أنَّ بها دُوّنت الكتبُ الخمسة من التوراة. والآن، يُردف المتحدث، آل مشعل القداسة إلى اللغة العربية، التي خضعت لتطوُّرات حتى نزل بها القرآن قبل 1400 عام، مضيفا أنها "لغة خالدة؛ لأنّها لغة القرآن، وبهَا أُخبر البشر عن أحداث آخر الزمن، بدقّة لمْ تَرِدْ في أسفار العهد القديم والأناجيل".