يبرر مراقبون سياسيون تحفظ بعض الأحزاب السياسية من إجراء انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة في المغرب، نتيجة تخوف الساسة المغاربة من استمرار ظاهرة العزوف السياسي للمواطنين، وبالتالي تراجع نسبة المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة التي تسعى وزارة الداخلية لتنظيمها في السابع من أكتوبر المقبل، لإيقاف احتجاجات حركة 20 فبراير المعارضة. كما يربط المراقبون التحفظ، بعدم الاستعداد الميداني للأحزاب السياسية في المغرب لخوض غمار انتخابات مبكرة، نظرًا لغيابها الكبير والفعلي عن الساحة، داخل الأوساط الشعبية للمواطنين، مشيرين إلى أن الأحزاب السياسية في المغرب اعتادت الإعداد وتهيئة الأجواء للاستحقاقات التشريعية بشكل موسمي ومنتظم. وأكدوا أن وزارة الداخلية قررت في هذه المرة تنظيم انتخابات مبكرة، وهذا لا يخدم مصالح الكثير من الأحزاب السياسية المغربية، وبالتالي يفسر معارضة غالبيتها لإجرائها مبكرًا جدًا. وكانت أولى المفاجآت على الساحة السياسية المغربية، الموقف الرسمي المعارض لحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي يعتبر ثالث قوة سياسية في المغرب بعد حزب الاستقلال اليميني، والعدالة والتنمية الإسلامي، لإجراء انتخابات مبكرة. وقد قام الحزب بتمرير موقفه الرسمي المعارض عبر افتتاحية جريدته الناطقة باسمه، حيث انتقد بشكل صريح المشاورات التي تجريها وزارة الداخلية للحصول على توافق مع الأحزاب السياسية حول إجراء انتخابات مبكرة. واستعمل الحزب الاشتراكي تعبيرات حادة في انتقاده لوزارة الداخلية المغربية، حيث جاء في الافتتاحية "إن المشاورات الجارية بين بعض المكونات السياسية، والتي ما هي في الواقع إلا توزيع لرموز الماضي، وتوافق ضمني على إعادة انتشارهم، وتبديل مواقعهم من حزب لآخر." وطالب حزب الاتحاد الاشتراكي المشارك في الحكومة المغربية الحالية التي يقودها حزب الاستقلال اليميني، بإعادة فتح اللوائح الانتخابية للتسجيل، وإسناد رئاسة اللجان الإدارية المشرفة على الانتخابات إلى القضاة، داعيًا إلى ضرورة التوافق على "إحداث آلية مراقبة صارمة تشارك فيها منظمات حقوقية ومجتمع مدني ومراقبون أجانب". وصرح عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي حسن طارق، بأنه لا يعترف بشيء اسمه تحديد التاريخ، وقال"علينا أن نتحصل أولًا على الضمانات الكفيلة في إجراء انتخابات نزيهة"، مضيفًا أنه لا يمكن ضمان انتخابات نزيهة في الوقت الذي بدأ فيه رؤساء بعض الأحزاب في تصيد برلمانيي بعض الأحزاب الآيلة للسقوط". وقال مسؤول سياسي، إن الداخلية تهدف من وراء استعجال عقد انتخابات تشريعية مبكرة، إيقاف سلسلة الاحتجاجات التي تقودها حركة 20 فبراير المعارضة. وانتقد هذا المسؤول، موقف حزبي الاتحاد الاشتراكي حليفه في الحكومة، والعدالة والتنمية الإسلامي المعارض، وهذا الأخير الذي وجه قادته سيلًا من الانتقادات لوزارة الداخلية التي ترغب في تحديد موعد مبكر لعقد الانتخابات التشريعية. وقال الحزب في بيان رسمي إن إجراء انتخابات مبكرة من شأنه أن يؤدي إلى استمرار الأزمة السياسية الحالية التي يمر بها المغرب، في إشارة إلى تزايد وتيرة الاحتجاجات التي تشهدها العديد من المدن المغربية. وجاء في موقف سياسيي الحزب الإسلامي، أن التسرع في عقد انتخابات برلمانية، قد يدفع بالكثير إلى الالتحاق بحركة 20 فبراير، في تهديد ضمني باحتمال إلحاق حزب العدالة والتنمية إلى الحركة الاحتجاجية الشبابية. وكان موقف حزب الاستقلال الحاكم أقل صرامة، حيث ربط تحديد إجراء انتخابات مبكرة بضرورة إجراء تغييرات على رأس المحافظات المغربية. وطالب رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين محمد الأنصاري، وزارة الداخلية بالكشف على وجه السرعة عن مشروع التقطيع الانتخابي الجديد وإخراجه إلى حيز الوجود. وقال مسؤولون من حزب الاستقلال "نحن مع إجراء انتخابات مبكرة في الموعد الذي حدده مستشار الملك محمد معتصم، لكن كل ما نطالب به، هو الشفافية، ونعتقد أن هذا المعطى يمكن توفيره، نظرًا لتوافر الإرادة السياسية لدى أعلى سلطة في البلاد، كما أننا حزب تاريخي له هياكل منظمة، ونحن لا نخشى إجراء هذه الانتخابات مبكرًا. *عن "العرب اليوم"