هل استوعب الملك المغربي الفكرة؟ هناك العديد من الأشخاص في العالم الغربي الذين يريدون التأكد من ذلك. وكان الملك محمد السادس قد ذهب الى أبعد مما فعله القادة الآخرون الذين يحاولون القيام بالإصلاحات، خوفاً من حدوث انتفاضات شعبية في بلادهم. وكانت خطة الملك تهدف الى إجراء تغييرات دستورية تؤدي الى نقل بعض من صلاحياته الى البرلمان. وكانت ردة فعل وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إزاء قرارات الملك بقوله «إنها تاريخية وشجاعة، وذات بصيرة نافذة». من جهتها، قالت منسقة السياسات الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون «إنها خطوة مهمة تمثل اشارة الى الالتزام الواضح بالديمقراطية وحقوق الانسان». وعلى الرغم من كل الإطراءات الموجهة الى المغرب فإن هذه الدولة لاتزال بعيدة جداً عن نظام الملكية الدستورية. وسيكون لدى الحكومة في ظل الدستور الجديد مزيد من الصلاحيات التنفيذية، كما ان رئيس الحكومة سيتم تعيينه من الحزب الذي يحقق أكبر عدد من المقاعد في البرلمان بعد الانتخابات (وهو أمر يرفضه السياسيون الذين يعرفون بالملكيين) ولكن الملك محمد السادس، البالغ عمره 47 عاماً، يحتفظ بالسيطرة على الجيش والقضايا الامنية والدينية. وإضافة الى ذلك فإنه سيقدم موافقته على تعيينات رئيس الحكومة، ويواصل مراقبة ميزانية البلاد لضمان السيطرة على العجز. وكما تشير مارينا عطوي من مركز كارينجي انداومنت للسلام الدولي في تعليق أخير لها، فإن الملك سيظل هو القاضي الاعلى بين القوى السياسية، الأمر الذي يعني انه يمكن أن يسيطر على القرارات المهمة اذا أراد ذلك. وقال مصطفى الرميد من حزب العدالة والتنمية الإسلامي «نحن نؤيد هذا الدستور ولكن هذا موقع بناء وينبغي أن يظل مفتوحاً». وتأتي التحديات التي تواجه الملك من حركة 20 فبراير الشبابية التي تتضمن جماعة العدل والإحسان، واليساريين الراديكاليين، والمستقلين، وناشطي حقوق الانسان، وهي لم تتوقف عن تنظيم التظاهرات وأعمال الاحتجاج في الشوارع خلال الأشهر الاخيرة . وعملت الحركة على سكب الماء البارد على الدستور الجديد، وأوضحت معارضتها لمقاربة الملك للوضع، بعد أن عين لجنة وضع مسودة الاصلاحات السياسية في المغرب. وتبدو الامراض الاجتماعية في المغرب أكثر تفاقماً مما عليه الحال في تونس حيث أطيح برئيس هذا البلد في يناير الماضي، ولكن بخلاف تونس، فإن المغرب يتمتع بتقاليد المشاركة السياسية وتحركات الناشطين، وهذا السبب الذي يوضح القدرة على احتواء حركة 20 فبراير للاحتجاجات الشعبية، فقد احتشد مئات الآلاف في الشوارع، ونظراً لذلك فإن الحركة شكلت تحذيراً وليس تهديداً وشيكاً لوجود القصر. وسواء كانت الاقتراحات الدستورية خطوة مهمة نحو المستقبل الديمقراطي أو غيره، يعتمد ذلك على النوايا الحقيقية للقصر. ولم يكن الملك في وارد تسليم جميع سلطاته للبرلمان، ولكن هل التغييرات الدستورية أخذت الشكل المناسب كي تبدأ عملية حقيقية يمكن البناء عليها، أم أنها لمجرد التخفيف من الضغوط الحالية؟ عن «فيننشيال تايمز (ترجمة الإمارات اليوم)