الأغلبية مستعدة لتعديل بعض مواد الدستور إن قرر الملك ذلك، الاتحاد الاشتراكي تحديداً لا يرى مانعاً من هذه الخطوة، وأن تكون القرارات "توافقية"، لكن بعض المدافعين عن سلطات الملك الواسعة يرون أن هذا الباب إن فتح لن يغلق وقد يسقط في تنازع بين البرلمان والقصر مستقبلا، وأن توافقات الحسن الثاني مع الأحزاب التي أعطت دستور 1996 يمكن أن تعطي توافقات أخرى مع ملك آخر . الشارع يطالب بتغييرات جذرية (بطريقة مباشرة أو غير مباشرة) والملك يقول بإصلاحات وبطريقة عمل معين، وبينهما نرى النخبة منقسمة على نفسها تريد "تغييراً سلمياً" لتوزيع السلطات في المغرب. ويتساءل المراقبون : هل الاصلاحات المطروحة ذات معنى ؟ عباس الفاسي مستعد للاستقالة تذكر باستقالة اليوسفي أوضحت مصادر شديدة الاطلاع أن اتفاقاً تم بين المعتصم وعباس الفاسي حول الطريقة التي يراها القصر صالحة للمرحلة، وأن الوزير الأول ليس راغباً في السلطة إلا بما يريدها له الملك، وفي خدمة الوطن. رسائل الطمأنة حملها نقابيون عن القصر ، و العرش يخاطب النقابيين في سابقة هي الاولى من نوعها بشأن الاصلاحات السياسية، وقد احتكرت الاحزاب مثل هذا الحوار، وخوف النظام من الشباب و النقابات، ويعني تحالفهما تحريك الشارع وقد اعتبر البعض أن عائلة الفاسي ظلمت في التركيز عليها إعلاميا لإبعاد الضوء عن الملك وعن نفوذ الهمة واجتياحه الذي توقف. من جهة قال عيوش أن الملك سيبيع شركاته وينشئ صندوقاً استثماريا، ويقرض المال للأشخاص الذين يريدون خلق المقاولات، وهذا يطرح سؤالاً : وماذا عن عمل البورجوازية المتنورة والمواطنة وهل ستساعد في تعميق هذا التوجه الملكي ؟ لأن من المهم ألا تقصد المرحلة إضعاف موقع الملك المالي في مقابل بقاء صلاحياته الواسعة، لأن استفادة رأسمالية معينة من وضع الملك الضعيف اقتصاديا سيضع كل النظام تحت جناح الشركات الكبرى، ففكرة أن يكون الملك investisseur et non opérateur وأن يكون موقعه تنافسيا وليس احتكاريا في المال والسلطة هو تقدير آخر للوضع. قد تكون إشارة عيوش إلى إغلاق الشركة المكلفة بكل العمليات التواصلية والإشهارية لأونا FCAD - قبل انطلاقتها من طرف الماجيدي - كما قد تكون رسالة من النظام إلى المجتمع، لأن عيوش لا يتحرك من دون ضوء أخضر باسم الملك منذ أن طلب القصر من جطو إعطاء مليار و100 مليون سنتيم إلى (2007 دابا) ؟! الرسالة وصلت، لكنها لا تحمل جديداً، لأن تحرك القصر نحو الإصلاح هو تحرك أجنحة، وليس تحرك برنامج ملكي واحد. النظام الملكي يعاني من صراع أجنحة حول أجندة الإصلاح القصر لا يعتمد على برنامج واحد، ويعاني من صراع أجنحة حاد (حسب تقرير سري) ويسبب هذا الوضع في صعوبات في تحرك الملك بين أجنحة متصارعة تدعي كلها الإصلاح، فالهمة قرر أن يدير هذه الإصلاحات، وأجندته تتبع المحافظين الجدد سقطت بسقوط بن علي، وأحزاب الحكومة ترغب في إصلاحات تضم تعديل الدستور، بتوافق مع الملك، وهناك آراء أخرى لمستشارين آخرين. هذا التنوع وتعدد الرؤى يدفع إلى التردد والانتظارية التي يرغب فيهما القصر لكسب المزيد من الوقت. لكن تطورات الشارع العربي في مصر وتونس وشارعه قد لا تسمح له بالاستمرارية على نفس الخط. والأكيد أن تحول طاقم الملك من أصدقائه في الدراسة إلى مستشارين آخرين قد يعتبر تحولاً في الصورة نحو "المزيد من الاستقرار والتطور بما يستجيب لمطالب الشارع". المغرب يستبعد سيناريو إدارة المرحلة الانتقالية بحكومة عسكرية يرأسها الملك حكومة عباس الفاسي القادمة من انتخابات نزيهة حسب المعارضة، وإن بمستوى منخفض في معدل المشاركة، تطرح إشكالا : كيف يمكن إسقاط الحكومة ؟ ذهاب حكومة عباس يعني حكومة مهمتها إجراء الانتخابات ولكن بأي دستور ؟ هل القصر مستعد لأضعف الإيمان : تعديل حكومي يكرس الدينامية على اعتبار أن المطالب اجتماعية واقتصادية من انتفاضة العيون وإلى 20 فبراير، أم أن إقرار الإصلاحات السياسية من خلال تعديل الدستور هو آخر شيء يرغب فيه القصر، ويربطه بقبول المنتظم الدولي وجبهة البوليساريو للحكم الذاتي، وما لم يحدث ذلك فإن الدستور الحالي ورقة ضغط في المفاوضات مع الأممالمتحدة. هل يمكن رهن خيارات التقدم "الطبيعي" والتنمية السياسية بقضية الصحراء (الغربية) ؟ الفرضية الأولى : أن تعديل الدستور لن يكون بغير "حكومة دستورية" وبرلمان "مشهود" له بالنزاهة. والثانية، أن تعديل الدستور لن يكون بدون مشاركة الأحزاب، فلا يمكن تمرير تعديلات دون مشاركة الأحزاب، والأحزاب لن تستطيع أن تمرر أي تعديل دون مشاركة الملك أو التوافق معه، لكن كيف التعامل مع انتظارات الشارع ؟ الشارع إن تعقدت الآفاق أمامه سيدعو إلى إسقاط اللعبة الحالية وهذا يخاف منه جميع المستفيدين، فمن يقرر في أمر الدستور. الكل يريد حماية الملكية ولكل ملكيته ؛ وهذه الصعوبة قد تدخل الجيش على الخط، فيمكن إن تطورت الأوضاع بشكل سيء، أن يدير الملك إلى جانب جيشه المرحلة الانتقالية، كما في مصر، ويتجه إلى دستور جديد. هناك البيعة بين الجيش والملك تزيد عن كون الملك قائداً أعلى للقوات المسلحة، وفي هذا الإطار يمكن أن يقرر ويدير الجيش (التحول) المطلوب في المرحلة. سيناريو استدعاء الجيش يرفضه الكثير، لأن حل البرلمان يعني إسقاط الحكومة واستدعاء الجيش. الكرة التي أرسلها شباب حركة 20 فبراير وحلفائها أحرجت الوضع ؛ فنحن أمام خيار : حكومة عسكرية يرأسها الملك وتشرف على المرحلة الانتقالية أو حكومة تكنوقراطية تضع اختصاصات الملك الواسعة في المحك، والشباب طالب بتحديد هذه الاختصاصات بما يناسب توازن السلطات وفصلها. أما بخصوص سيناريو استمرار الحكومة الحالية فممكن، ويتطلب الوضع تعديلاً جوهرياً وواسعا على حكومة عباس لاحتواء المطالب، وإطلاق دينامية جديدة. من جهة، لأن هذه الحكومة دستورية واتبع الملك في تشكيلها ما يدعى المنهجية الديمقراطية، ومن جهة أخرى، يمكن أن يستقيل عباس الفاسي، وتظهر الاستقالة كأنها "تحت الضغوط" مما يؤكد مجدداً تدخل القصر القوي في شؤون الوزارة الأولى. كيف لحكومة أتت بمنهجية ديمقراطية في تعيين وزيرها الأول أن يسقط بدون منهجية ديمقراطية ؟ أو ينسحب الاتحاد الاشتراكي فيسقط التحالف الحكومي فيكون إسقاط الوزير الأول بإجراءات "ديمقراطية" ؟! أي يجب أن يسقط البرلمان الوزير الأول. الجيش المغربي سيكون بعيداً عن ترتيبات المرحلة الانتقالية – إلى حدود هذه اللحظة – .وضعية تَحَيَّرَ المستشار المعتصم وبعض المسؤولين في إسقاط حكومة عباس الفاسي، فيمكن عبر صلاحيات الملك التي انتقدتها تظاهرات 20 فبراير أن يسقط القصر الحكومة، ويجعل الشارع والملك وجها لوجه، ولهذا الوضع مخاطره، حيث الحكومة "بارشوك" حقيقي بين الطرفين، كي لا يكون إسقاط النظام إسقاطاً للملكية. الأمر الآخر، حكومة عباس الفاسي أتى تنصيبها من خلال ما يدعى المنهجية الديمقراطية التي أنكرها القصر في 2002 ثم عاد إليها في 2007وأصبحت عرفاً من أعرافه بعد 2007 وفي هذه الحالة يجب إسقاط الحكومة عبر نفس المنهجية (حسب المصدر). الهمة يستدعي نفسه ... دعوة أطراف معينة إلى إسقاط حكومة عباس الفاسي من خلال البرلمان عبر تقديم ملتمس رقابة لن يكون دون دعم من علي الهمة، وخصومه يرفضون مثل هذا الإجراء. والمعلوم أن بداية كل تغيير ينطلق من تراكم الأعراف الديمقراطية بدءاً مما يسمى المنهجية الديمقراطية في تنصيب الوزير الأول، والآن يمكن أن تسقط الحكومة من خلال منهجية برلمانية مكفولة في الدستور، والحال أن الأوضاع قد تؤدي إلى : - شبه حالة استثناء إن أشرف الملك على إسقاط الحكومة وتعيين أخرى خارج البرلمان، وإن من الأغلبية. - أن تشكيل حكومة انتقالية بعيدة عن الأغلبية سيضع الملك في وجه التظاهرات، وإن تحقق جزءٌ من مطالبها ستطلب من الملك اجراءات أخرى. وعزل الطبقة الحزبية والنخبة التقليدية من طرف الشارع والملك سيكون له ردود فعل "معرقلة" وهطيرة، وقد تعود الأحزاب إلى الشارع لرفع مطالب جذرية أكثر قد تمس بالنظام. نحن إذن أمام صورتين : أن ينزل الملك إلى الشارع ويعطيه ما يريد في حدود النظام قد يصل الملكية البرلمانية، أو تعود الأحزاب إلى الشارع ضد حكومة تكنوقراط تحاصر معها القصر. ولصعوبة الوضع يقترح مراقبون أن يدير البرلمان عملية إسقاط الحكومة وتعيين أخرى، ونكون قد بلغنا الملكية البرلمانية (العرفية) أو بشكل عرفي لاحتواء هبات الشارع العربي. هل يستطيع الملك أن يراكم عرفاً جديداً يدعم ما يسمى المنهجية الديمقراطية، فتعين هذه المنهجية الحكومة وتسقطها. تعيين عباس الفاسي من خلال المنهجية الديمقراطية وإسقاط حكومته من خلال تقديم ملتمس رقابة في البرلمان هو دخول للمغرب في ملكية برلمانية (عرفية) أن يبقى الدستور على ما هو عليه، وأن يعمل الملك على المنهجية الديمقراطية في تعيين الوزير الأول وإسقاط حكومة من خلال البرلمان هو انتقال مغربي إلى ملكية برلمانية عرفية غير مدسترة. يكون معها الدستور الحالي متجاوزاً وخاصاً بالإدارة الاستثنائية للبلد. تراكم أعرافٍ ديمقراطية غير مدسترة قد يشكل "توافق المرحلة" دون إعلان طبيعة النظام وتحديد معالمه. وهنا نتساءل : لِمَ لا يناقش البرلمان تعديل الدستور إن أسقط الحكومة الحالية وتمكن من تشكيل حكومة جديدة. الطبيعي أن يكون هذا الوضع امتصاصاً "قوياً" لمطالب الشارع والنخبة، وفي حال رفض الشارع للحكومة الانتقالية تكون مهمتها فقط : الإشراف على الانتخابات. عباس الفاسي نقل وعود الملك بنزاهة هذه الانتخابات، مما يطرح سؤالاً حول نزاهة استحقاق 2007 فهل القصر له رؤية أخرى لانتخابات مبكرة أم أن العمل نحو نزاهة استحقاق 2012 قد يكون باتجاه واحد : الطعن في النتائج التي وصل بها عباس الفاسي وحزب الاستقلال إلى الوزارة الأولى، ومن حق الجميع إسقاط الحكومة الحالية. ونكون أمام أمرين : هل إسقاط الحكومة أتى من الطعن في نزاهة انتخابات 2007 أم من قصور العمل الحكومي ؟ في الحالة الأولى يكون عباس الفاسي قد أبلغ عن الملك "سبب إسقاط حكومته". وخروج القصر اليوم عن الإجماع الذي تم الاتفاق عليه مع الأحزاب في 2007 "حول نزاهة الانتخابات" سبَّبَ في وضع الانتخابات الجديدة في صورة أخرى، بعد الشك الذي خالط الجميع في الانتخابات الجزئية التي فاز فيها حزب الأصالة والمعاصرة بالمرتبة الأولى. الأمر متعلق بإقصاء الهمة واستراتيجية حكمه، وأنصاره يدعون إلى اتباع المنهجية البرلمانية في إسقاط حكومة عباس الفاسي. المنهجية البرلمانية في إسقاط حكومة الفاسي بعد الدعوة إلى المنهجية الديمقراطية لتعيين الوزير الأول هناك دعوة لاتباع المنهجية البرلمانية لإسقاط الحكومة، وفي تثبيت الحالتين يكون المجتمع السياسي والمدني قد أفرغ فصولاً من الدستور الحالي، وجعل سلطات الملك واسعة "دستوريا" ضيقة "عرفيا" (من خلال الأعراف الديمقراطية) فهل يدخل المغرب في "ديمقراطية عرفية" ؟ القصر والشعب إن عزلا العمل بالدستور الحالي في انتظار تضمينه الأعراف (المتفق عليها) والمواد التي يجب تغييرها في حال تنفيذ الحكم الذاتي في الصحراء (الغربية)، نكون أمام وضع داخلي ينتظر المجتمع الدولي والأممالمتحدة لتعديل الدستور، وهذا يمس بالشعب والقصر معا. إدارة الملك لديمقراطية (عرفية) في بلده بدأت منذ زمن حيث الحريات الأساسية "منقوصة أو زائدة" حسب المزاج العام والظروف الدولية، ولم تكن يوماً من خلال تثبيت القوانين ودستور متوازن ودائم، له السند الشعبي في التأسيس وفي الاستفتاء. لأن معضلة الدستور أنه ممنوح، ويمكن أن يباشر البرلمان تعديله ويستفتي الشعب حول الدستور مجدداً ؛ وليس فقط حول مواد منه. قد يقول الدستوريون : إن باقي المواد مستفتى بشأنها، ونقول إن من حق الشعب تغيير مواد دستوره، لذلك من حقه أن يتحفظ عنها بحكم أن الشعب مصدر كل السلطات بما فيها السلطة في تغيير ما يراه. الأغلبية البرلمانية الحالية قادرة على تعديل فصول دستورية، وتنتظر قرار الملك ! حسب مصادر مطلعة، فإن القلق وسط النظام يدفع إلى استمرار الوضع على ما هو عليه. من جهة يبتعد القصر عن انتقاد رجال الأعمال، ويبتعد الشعب عن إسقاط النظام، ويقترب مستشاري الملك من احترام الدستور الحالي، والشعب قد يركز على "دستور جديد". أولا، لأن تحرك 20 فبراير لم يكن عفويا وذا زخم، فمثلا حركة كفاية ومليون توقيع سبقت الثورة في مصر، فالتحركات الشعبية ليست عفوية، كما أنها ليست بالزخم المليوني كما حدث في حالة مصر. ثانيا، أن خروج مواطنين في 53 عمالة وإقليم كشف أن النزول إلى الشارع أفقي، ويمكن أن يكون بالزخم المطلوب. ثالثا، أن المغرب لا يحتاج إلى استعراض قوة، لأن الإصلاحات التي يطلبها الشارع لا تزيد بكثير عن سقوف أحزاب مشاركة في الحكومة (الاتحاد الاشتراكي) أو التقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال نفسه ؟! الحكومة هو المكان الطبيعي للتوافق مع الملك، ويمكن أن تدير هذه الحكومة رغم ضعفها الإصلاحات المرجوة إن قرر الملك ذلك، "وترك الكتلة تعمل على أجندتها من داخل الحكومة بما ترغب وتريد". والحكومة الحالية تستطيع أن تدير الإصلاحات السياسية بتوافق مع الملك وقرار منه. حسب مصدر غربي : هناك تفكير جدي في تمرير الإصلاحات عبر حكومة عباس الفاسي بسهولة ويسر إن قرر الملك ذلك، لكن هناك من يريد تصوير القصر قائداً لهذه الإصلاحات، بأي ثمن، فقرار الإجراءات الاجتماعية : توظيف الدكاترة المعطلين أو صندوق المقاصة لا يقل عن إعلان إجراءات سياسية. الإصلاحات في عمومها تقلص سلطات الملك، ولا يمكن لحكومة جلالة الملك أن تذهب إلى البرلمان لتقليص سلطات من عَيَّنَها ؟ الشعب خاطب الملك والملك رد، والحكومة لا تستطيع أن تنحاز لمن عينها ولا لمن انتخبها، وعباس الفاسي مستعد لأي تحرك إن تقرر فعلاً دخول المغرب في إصلاحات. الملك أعد ورقة. المعتصم أعد ورقة بعد حواره مع الأحزاب، لكنها تنتظر الظرف المناسب مصير حكومة عباس الفاسي، تساؤل احتكر الكواليس، فمن جهة، لا يرغب مستشارون في إسقاط الملك للحكومة بشكل مباشر، والذين نعتوا ووجهوا أصابعهم للفاسي وعائلته تراجعوا عند سقوطه ليكون "بمنهجية لا تورط صلاحيات الملك الواسعة في هذا التقدير والقرار ". عدم إسقاط الملك لحكومة الفاسي رغم مطالب الشعب إحراج له يضاعفه إعمال هذه السلطات – المنتقدة من نفس الشارع – لإسقاط الحكومة، و "حياد الملك" إلى الحدود القصوى يخدم الملكية، واجترح المعتصم خطة لإنجاح معنى مركَّبٍ للتحول، لا يزيد من انتقاد سلطات الملك الواسعة، ويتكفل النظام الدستوري الحالي بمعالجة نفسه. المشكل في إدارة الإصلاح هو وجود مراكز نفوذ متعددة، وخارطة الوضع القائم تؤكد أن اختلاف هذه المراكز يؤثر على (وحدة مطالب التغيير والإصلاح) مما يجعل الشارع رهان البعض، في وقت يرى فيه آخرون ضرورة إشراك الجيش في أي عملية انتقال تخوضها الدولة، وهنا تكمن الخطورة. صراع أجنحة في قيادة النظام المغربي حزب مشارك في الحكومة (حزب التقدم والاشتراكية) يطرح على وزير الداخلية مناقشة التعديلات الدستورية كما تورد جريدة الصباح، ويرى نبيل بن عبد الله أن الإصلاح الدستوري ورش حكومي كباقي الأوراش، ومن حق حكومة الفاسي أن تناقش وتعدل الدستور الحالي بما تراه مناسباً للمرحلة، ويبقى للملك موقفه، وقد رفضت داخلية الشرقاوي مثل هذا الاقتراح فوراً. أنصار الهمة يدعون إلى إسقاط الحكومة من خلال البرلمان، وضع يستدعي حزب الأصالة والمعاصرة إلى لعب دور سياسي في هذه المرحلة الحرجة، ويرفض الكثير مثل هذا السيناريو ونقاشات المعتصم (مستشار الملك) مستمرة على أساس التوافق بين الأحزاب والملك. الجناح الآخر يدعو إلى إدارة الأوضاع من دينامية الملك التي تغطي عجز الحكومة، والجناح الأخير يؤكد على أن 20 فبراير ليست "مليونية ولا شعبية" بالشكل الذي حدث في مصر وتونس، ويمكن الاحتواء الأمني والقانوني لكل هذه المطالب. والاحتواء السياسي قائم، لأن الملك لا يمكن أن يسقط حكومة "اتبع بموجبها ما يدعى المنهجية الديمقراطية" وتستدعي صلاحياته الخاصة أو الواسعة. صراع بين الأجنحة ... جناح يظهر ويؤيد إدارة أمير المؤمنين للمرحلة إلى حين انقضاء المهلة الدستورية للحكومة في 2012 ويجد صداه عند أنصار بنيكران. وهناك من يدفع باتجاه التأزيم الشديد بين الشارع والملك، من خلال الدفاع المستميت عن عدم تقديم أي تنازلات، لأن مس الاستقرار يبدأ من المس بالحكومة. ومن يعلن في داخل الحكومة عن "ثورة" ملك وشعب، وقد يدخل المغرب جراءها (ملكية ثانية). إن ما يجري بين الأزمة والتأزيم، يخدم تحت جلد المخزن ولأجندات ليس بالضرورة ملكية، بل ترغب هذه الاصوات في وضع المغرب في حالة استثناء – إن تدهور الوضع وإن بقي على حاله تدافع عن الخصوصية لإبقاء الجمود. هذه الأجنحة تحمل أجندات خاصة، ولا يمكن أن يقف معها المرء لكشف تحالفاتها وآفاق عملها، لأن الخطورة تكمن في صراع أجنحة ينتظر أن تواجه فيه الملكية الشارع أو يواجهها. الكل يخدم النظام لصالحه، هذا الترتيب الوحيد الموجود، والعرش لا يجب أن يبقى رهين نفسه، أو الأجنحة المحيطة به، والتوجه الواضح نحو خط إصلاحي هو الجزء الرئيس من الأمن والاستقرار. التقارير الدولية تؤكد على "استقرار يرغب في سماع النبض الاجتماعي وليس السياسي للشارع وهو ما يمزق في صورة أولى الشارع، ولكنه قد يتطور إلى صراع أجنحة في النظام تزيد من ضعف أمنه العام. آخرهم... لا ينتبه إلى تحول خطير هناك من يريد أن نكون على موجة الفرنسيين ونقطع تأثرنا بالشارع العربي، وقد اقترح مستشار وأجهزة أن يكون تعديل حكومي واسع بعد التعديل الذي قام به ساركوزي، وبذلك يكون الإصلاح قد تمَّ في المغرب من مرجعية باريس. فكأننا ديمقراطية ولا ننتظر أن نكون ديمقراطيين، واعتماد هذه الدعاية وهذه المرجعية يفيد الاستقرار، ويبعد الرباط عن الرياح القادمة من الشرق (مصر، تونس وليبيا) ؟! والذي لا يفكر فيه هؤلاء أن التحول الفرنسي خطير : يرفض التحالف مع الأنظمة ضد الشعوب في شمال أفريقيا (حسب الخطة الجديدة لدعم ما يراه ساركوزي تحولاً تاريخيا في المنطقة بل قد تتورط فرنسا إلى جانب الشعوب لإنتاج أنظمة جديدة تدخل في دائرة تأثيرها. الذين يهربون من أمريكا لن يجدوا الملاك في باريس. واللعبة خطيرة ؟! ربح الوقت صعب إن كان هدفاً، و المصادر تؤكد حسم محمد السادس القريب و العميق و القوي، وأي ردة سيكون فيها السقوط النهائي في جدار الثقة