بعدما فشلت الحكومة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية، في إخراج "صندوق الزكاة" للوجود؛ على بعد أيام من نهاية ولايتها، عاد النقاش حول هذه المؤسسة إلى الواجهة بالتزامن مع إعداد الأحزاب السياسية لبرامجها الانتخابية، استعدادا للاستحقاقات السابع من أكتوبر المقبل. ورغم مضي أكثر من عقد ونصف من الزمان على تأكيد الملك الراحل الحسن الثاني على ضرورة إحداث صندوق للزكاة، فشلت الحكومات المتعاقبة على التدبير، ومنها "حكومة العدالة والتنمية"، في إخراجه؛ في وقت تتجه الأنظار إلى الأحزاب المحافظة على وجه التحديد، لمعرفة مدى قدرتها على وضع هذه المؤسسة ضمن برامجها الانتخابية. ورغم أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، المعني الأول بتفعيل الصندوق، أعلن في أكثر من مناسبة اقتراب صدور مرسوم يقضي بإنشائه، إلا أن الأخير لم يخرج بعد إلى الوجود، دون تقديم مبررات مقنعة لهذا التأخر، الذي جعل المغرب من بين الدول العربية القليلة التي لم تعتمد بعد صندوقا للزكاة. كمال القصير، الكاتب والمحلل السياسي، جزم بأن "الدعوة إلى إحداث صندوق الزكاة لن تكون أحد مكونات البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية المحافظة"، مبررا ذلك بكون "هذا النوع من المشاريع يدخل ضمن مساحة اشتغال الدولة، وليس متروكا للعمل الحزبي". وأكد القصير، في تصريح لهسبريس، أن "هذا الصندوق ذو طبيعة حساسة من الناحية الدينية والسياسية والاقتصادية"، مشيرا إلى أن "الأحزاب السياسية تثير هذه المسألة، لكن الكلمة الأخيرة ترجع للدولة". وسجل الباحث في العلوم السياسية أن "الدولة تفضل بلا شك أن تبعد موضوع الزكاة عن المزايدة أو أن يتحول إلى ورقة سياسية"، مستدلا على ذلك بكون هذه القضية "تشبه إلى حد كبير المسار الذي تمر منه عملية إنشاء البنوك الإسلامية، التي كانت للدولة الكلمة الأخيرة فيها". وجوابا على سؤال حول المكاسب التي يمكن أن تجنيها الدولة من هذا الصندوق في حال إحداثه، أوضح الباحث في السياسات العمومية أن "الآثار الاقتصادية كبيرة ومهمة بالنسبة للطبقات الفقيرة التي يفترض استفادتها"، مضيفا: "كذلك من الناحية الدينية، إذ ستمنح الدولة دعما قويا في حقل إمارة المؤمنين، من حيث تبني هذا الركن الديني وإخراجه من دائرة مطالبة الإسلاميين به". واستدرك المتحدث نفسه بأنه، من الناحية الإجرائية، ستكون هنالك صعوبات عديدة، لخصها في الجانب القانوني؛ وحول ما إذا كان الصندوق اختياريا أم سيتخذ صفة الإلزام القانوني للفئات القادرة على إخراج الزكاة، نبه إلى أن "هناك أسئلة أخرى عديدة حول طبيعة استخدام الأموال المحصلة وإدماجها في الدورة الاقتصادية للمملكة".