فشلت الحكومة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية، في إخراج "صندوق الزكاة" للوجود؛ وذلك بعد أربع سنوات من تدبيرها الشأن العام للبلاد، وبعدما لم يتضمن آخر مشروع لقانون المالية في ولايتها أي إشارة إليه. وبعد مرور أكثر من عقد ونصف من الزمان على تأكيد الراحل الملك الحسن الثاني على ضرورة إحداث صندوق للزكاة، إلا أن الحكومات المتعاقبة على التدبير، ومنها "حكومة العدالة والتنمية"، فشلت في إخراجه، وسط تساؤلات عن الأسباب وراء هذا التأخر الذي يطال صندوقا يتحدث الجميع عن أهميته ودوره. ورغم أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، المعني الأول بتفعيله الصندوق، قد أعلن في أكثر من مناسبة عن اقتراب صدور مرسوم بإنشائه، إلا أنه لم يتم إلى حدود الآن تقديم مبررات مقنعة لهذا التأخر، الذي جعل المغرب من بين الدول العربية القليلة التي لم تعتمد بعد صندوقا للزكاة. الدكتور عمر الكتاني، المختص في المالية الإسلامية، سجل، في تصريحات لهسبريس، أن هناك العديد من الإشكالات المطروحة من الناحية العملية في وجه تنزيل هذا الصندوق، الذي وصفه ب"المهم"، والذي "سيمكن الدولة من حل العديد من الإشكالات الاجتماعية التي تواجهها اليوم". وأوضح الكتاني في هذا السياق أن "السؤال المطروح أمام إنشاء هذا الصندوق هو هل ستتبناه الدولة أو الجمعيات غير الحكومية؟"، مشيرا إلى أن "المواطنين يمكن أن يثقوا أكثر في الجمعيات ذات المصداقية، بخلاف إشراف جهاز الدولة عليه". وبرر الخبير الاقتصادي ذلك بأن "صندوق الزكاة له خصوصيات بالنسبة للجباية والإنفاق، ونجاحه مرتبط باستقلاليته عن النظام الضريبي للدولة، على اعتبار أن الأصل فيه هو التطوع، وحتى لا يتحول إلى ضريبة جديدة"، مبرزا "أنه لا يجب أن يكون بالضرورة تحت الإشراف المباشر للدولة". وفي الوقت الذي شدد فيه الكتاني على ضرورة أن "يكون المشرفون على الصندوق من دافعي الزكاة"، أكد أن "القانون لن يكون كفيلا بتوفير ظروف النجاح له"، داعيا إلى البحث عن خبراء في جبايات الزكاة، لتوظيف هذه الأموال وتصريفها بشكل جيد. "لنجاح صندوق الزكاة لابد من ربط المردودية بالأدوات، وبالتالي ربطه بقطاع اجتماعي معين، عن طريق مخطط يقوم على أساس رسم خريطة للفقر في المغرب"، يقول الكتاني، الذي أوضح أن "غياب مشروع متكامل لهذا الصندوق سيجعل أسباب نجاحه ضعيفة". وقال في هذا الصدد إن "الخدمات الاجتماعية في المجتمع الإسلامي لم تكن من اختصاص الدولة، بل المجتمع المدني هو من كان يأخذ المبادرة"، مبرزا أن "غياب الصندوق في المغرب اليوم له أثار سلبية على مستوى الخدمات الاجتماعية التي تتحملها الدولة جزءها الأكبر". ويرى الكتاني أن مشكل عدم تنزيل هذه المؤسسة المالية يكمن في عدم استيعاب الدولة لمفهوم الاستثمار الاجتماعي الذي ظل عملا خيريا، واصفا ذلك ب"الخطأ"؛ "لأن المجتمع المدني له طاقات يمكن أن تساهم في هذا الأمر، مثلما يحدث في بناء المساجد والبحث عن مساحات للمقابر"، على حد قول المتحدث نفسه.