% 140 زيادة مرتب ساركوزي مشروع قانون مثير للجدل في بلد يستعد للإضرابا "" أثار اقتراح من قصر الإيليزيه برفع مرتب رئيس الدولة بنسبة 140 % انتقادات حادة من المعارضة اليسارية بالطبع، لكن أيضا من بعض نواب اليمين الساركوزي. وبموجب هذا الاقتراح الذي تم عرضه على البرلمان بعد عشرة أيام فقط من وضعه حيث جرى إقراره، فإن مرتب الرئيس المقطوع سيرتفع من 8.300 آلف يورو حاليا إلى 19 ألف يورو شهريا وفي الوقت نفسه سوف ترتفع ميزانية الرئاسة إلى 68.5 مليون يورو مقابل نحو 32.3 مليون حاليا. سياسيا الموضوع حساس وينطوي على خطورة كما أشار نائب يميني عقبمناقشة البرلمان للمسألة، مشيرا إلى أن كل ما يمس تعويضات المسؤولين المنتخبين يثير حفيظة الفرنسيين. ويضيف نائب يميني آخر إن الوقت غير مناسب لاعتماد زيادة من هذا النوع مضيفا أن من غير الطبيعي ألا يتعدى مرتب رئيس الدولة نصف مرتب رئيس الوزراء وبالتالي فإن هذه الزيادة مبررة من الناحية التقنية، لكن الأمر أصعب على المستوى السياسي وكان يتطلب تحضيرا أكبر. النائب نفسه قال إن "من الأناقة اتخاذ هكذا قرار ليتمتع به خلف الرئيس". أما المعارضة فرأت عبر أكثر من متحدث أن الوقت غير مناسب لزيادة من هذا النوع خاصة وأن الحد الأدنى للأجور ما يزال على حاله وأن معظم الفرنسيين يعانون صعوبة في إكمال الشهر حتى نهايته. أما الزعيم الاشتراكي الآخر آرنو مونتبورغ فرأى أنه قرار في غير أوانه لأن الرئيس يمنح نفسه أكثر من ضعف مرتبه فيما يشعر الفرنسيون أنهم على قارعة الرصيف ولم يقترح أي مسؤول زيادة مرتبات العاملين. خطوة عاثرة سياسية، كان حريا بالرئيس مشاطرة الفرنسيين واقعهم عبر شد الحزام، أضاف مونتبورغ.يمينا ويسارا يطرح السؤال نفسه: لماذا الآن ولماذا بهذه السرعة؟ في وقت تتحضر فيه البلاد لإضراب مفتوح قد يصيبها بالشلل ويؤثر سلبافي الاقتصاد. أزمة اجتماعية ستزداد شدة يومي 13 و14 الجاري في قطاع السكك الحديدية وفي شركتي الكهرباء والغاز. من الواضح أن شتاء فرنسا سيكون باردا وحارا في الوقت نفسه بالنسبة إلى نيكولا ساركوزي الذي يسعى إلى متابعة مختلف الملفات الاجتماعية والاقتصادية. بالطبع لن تشكل زيارة مرتبه قضية خطرة لكنها ستضاف إلى قضايا أخرى. ساركوزي من جانبه وبهدف خنق الجدل الذي بدأ حول رفع مرتبه الذي أقره البرلمان الثلاثاء الماضي، أشار عبر المحيطين به إلى أن مرتبه يبقى دون مرتباب نظرائه في ألمانيا وإيرلندا وبريطانيا والولاياتالمتحدة، ولكن أيضا أقل من سلفه جاك شيراك الذي كان يتقاضى مرتبا تقاعديا إضافة إلى مرتبه الرئاسي. الزيادة بالنسبة إلى ساركوزي هي مسألة حس سليم إذ لا يعقل أن يكون مرتبه بمستوى مرتب سكرتير دولة، فيما يحصل رئيس الحكومة على مرتب سنوي مقطوع يصل إلى240 ألف يورو. أما بالنسبة إلى معظم المراقبين وبغض النظر عن سوء التوقيت فإنهم لا يجدون الزيادة مثيرة للفضيحة شرط أن يتكفل الرئيس من الآن وصاعدا بنفقاته الشخصية التي نادرا ما كان سلفه يدفع شيئا منها من جيبه وشرط أن تصبح مصادر أموال الإيليزية واضحة وشفافة وتخضع لرقابة المحكمة الحسابية. أما زيادة ميزانية الرئاسة العامة فتتعلق بحصر دفع مرتبات المتعاملين معها بجهة واحدة، لكن السؤال هو لماذا تحتاج الرئاسة إلى ألف شخص تدفع لهم المرتبات. قضية مرتب ساركوزي دفعت العديدين إلى البحث عما ينفقه رئيس الدولة من جيبه فعلا خلال ولايته، والإجابة كانت إنه لا ينفق سوى ما يريد، كل رئيس وإحساسه الخاص بالمسؤولية. فالجنرال ديغول مثلا كان قدوة على هذا المستوى إذ وضع خطا أحمر بين حياته الخاصة والعامة، فمثلا لم يحدث أن اصطحب طباخ قصر الإيليزيه إلى دارته الخاصة، كما وضع عدادا كهربائيا خاصا بجناحه الشخصي في الإيليزيه يدفع هو فاتورته. الرئيس فرنسوا ميتران من جهته كان يمزق فواتير المطاعم بعد أن يدفعها كي يثبت لمدعويه أنه لا يضعها على نفقات القصر، لكن المقربين من كانوا يقيمون في شقق ملحقة بالإيليزيه. أما شيراك فنادرا ما كان يخرج في المدينة وبالتالي كان يعيش كامل وقته في الإيليزيه حيث المطبخ مفتوح للرئيس نهارا وليلا. وإذا أراد الرئيس الذهاب في عطلة يمكنه حجز فندق على نفقته، لكن إذا أراد الاستراحة في مقر إقامة رسمية أو كان مدعوا من أصدقاء في الولاياتالمتحدة مثلا فإن الفاتورة تكون شبه معدومة حيث تتم إعارته ملابس ويتلقى كتبا ويدعى إلى السينما أو المسارح. هذا ما دفع الاشتراكي رينية دوزيير المختص بتمويل الإيليزية للقول إن مرتب الرئيس مكرس لمصروفه الشخصي. يبقى أن دخل ساركوزي الشهري بعد هذه الزيادة سيضعه في النصف الثاني على قائمة نظرائه الأوروبيين والأميركيين، قائمة يتصدرها رئيس الحكومة الإيرلندي بمرتب يصل 25.833 يورو بعد زيادة حديثة بلغت 14%، يليه جورج بوش بمرتب 23 ألف يورو وبالتساوي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي يتوزع مرتبها بين نحو 16 ألف مرتب كمستشارة وعلاوة بقيمة ألف يورو ومرتب نائبة بقيمة 3500 إضافة إلى تعويض يصل إلى2700. أما رئيس فيدرالية ألمانيا فيحصل على 199 الف يورو سنويا. ثم يأتي رئيس الحكومة البريطاني جوردون براون الذي يتقاضى 22.469 يورو منها 15.250 كمرتب لمنصبه والباقي مرتبه كبرلماني. وفي أسفل القائمة يأتي بعد ساركوزي رئيس الحكومة الإيطالي رومانو برودي بمرتب 16.371 يورو مقطوع، علما بأن برودي قرر في أكتوبر 2006 تقليص مرتبه بنسبة 30% وكذلك مرتبات الوزراء في إطار موازنة العام الجاري. أما رئيسة الجمهورية الإيطالية من جهتها فتتقاضي مرتبا سنويا يصل إلى 210 ألاف يورو. ودائما على القائمة نفسها يتقاضى رئيس الحكومة السويدي 13.704 يورو بعد زيادة 4% حديثا وأخيرا رئيس الحكومة الإسباني مرتبه الرسمي يقارب 7400 يورو شهريا. وتجدر الإشارة إلى أن المعارضة الفرنسية انتقدت ساركوزي إبان فوزه بالرئاسة حين قضى عطلة قصيرة على متن مركب فاخر في قبرص يملكه أحد أكبر رجال الأعمال الفرنسيين، كما انتقدت إقامته المبذرة في الولاياتالمتحدة أثناء الإجازة الصيفية. ومثل هذه الانتقادات معتادة في الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية، إذ واجه الرئيس الأسبق فاليري جيسكار ديستان من انتقادات بسبب تلقيه هدايا قدمها له الرئيس الأفريقي بوكاسا كما واجه الرئيس جاك شيراك انتقادات مختلفة بسبب الشقة التي اشتراها في باريس حين انتخب رئيسا أو حتى حين كان رئيسا لبلدية باريس وسرت أخبار وشائعات كثيرة حول حساب سري يكون يملكه في أحد المصارف، بل طالت الانتقادات زياراته السياحية المجانية في بعض الدول ومنها عمان والمغرب، كما ثار جدل بعد قراره السكن في شقة باريسية فخمة يملكها آل الحريري الذي تربطه بهم صداقة حميمة.