منذ اندلاع أولى شرارات "الربيع العربي" تغيرت بشكل كبير الخريطة السياحية الدولية، خاصة بعد الأحداث الإرهابية التي شهدتها تونس، ولا تزال في تغير مستمر بعد إعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ بسبب انتشار فيروس "زيكا" في عدد من البلدان، خاصة في أمريكا اللاتينية، حيث حملت آخر التطورات وفاة 3 مصابين بالفيروس في كولومبيا. منذ نهاية 2015، تغيرت كثيرا الوجهات السياحية التي يقصدها الفرنسيون، حيث كانت تونس من أكثر الوجهات حظوة لديهم، وشكلت الخيار الأول في المنطقة بالنسبة للفاعلين في مجال السياحة، إذ كانت تستقبل أكثر من 900 ألف سائح فرنسي، متبوعة بالمغرب، في الوقت الذي كانت فيه كل من مصر وتركيا في المرتبتين الخامسة والسادسة في ترتيب الوجهات الأكثر طلبا من قبل الفرنسيين. بعد خمس سنوات، يؤكد الموقع الإخباري الفرنسي "لوفيغارو"، تغير هذا الترتيب بشكل كامل، إذ دفعت المشاكل التي تعرفها المنطقة الفاعلين في القطاع السياحي إلى البحث عن وجهات بديلة، "وهذه ليست مهمة سهلة بالنظر إلى تكاليف السفر لدى الفرنسيين"، وفي الوقت الذي بدأ يغير فيه الفرنسيون وجهاتهم السياحية، انتشر فيروس "زيكا"، وأعلنت حالة طوارئ عالمية بسببه. ولا يزال القطاع السياحي في الدول المغاربية يعاني .. فالهجمات الإرهابية التي تعرضت لها تونس خلال العام الماضي أثرت على توافد السياح الأجانب، ومصر لم تعد تقوى على جذب سوى عدد قليل من السياح مقارنة مع ما كانت عليه في السابق، أما المغرب فقد تضرر هو الآخر من مناخ عدم الثقة الذي تعيشه المنطقة. هذا التغيير السلبي الذي تعيشه السياحة بالمنطقة تمثل في انخفاض نسبة الحجوزات، فقد هوت بالنسبة لكل من المغرب وتونس وتركيا من 70 في المائة قبل الربيع العربي، إلى 18 في المائة خلال الصيف الماضي، كما أن البلدان الثلاث كانت تستحوذ على نسبة 35 في المائة من حجوزات "Transat France" قبل خمس سنوات، إلا أنها انخفضت هذه النسبة إلى 8 في المائة. في المقابل، استفادت بعض الدول الأوروبية من هذه الوضعية التي تعيشها دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، حيث أصبحت كل من إسبانيا وجزر الكناري تجذب المزيد من السياح الفرنسيين، وهو ما تبين من ارتفاع عدد حجوزات الفنادق خلال صيف 2015، بالإضافة إلى أن مدنا برتغالية، كبورتو ولشبونة والكارف، أضحت هي الأخرى من بين أكثر الوجهات السياحية المفضلة لدى الفرنسيين. وكان لحسن حداد، وزير السياحة، قد كشف أن القطاع السياحي بالمغرب تأثر خلال السنوات الأخيرة بالوضعية الإقليمية التي تعرفها عدد من الدول، والتي وصفها ب"الخطيرة"، خاصة مع توالي الأحداث المؤسفة التي عرفها العالم، كظهور "داعش"، و"إيبولا"، وأحداث "باردو" وسوسة التونسيتين، بالإضافة إلى هجمات "شارلي إبدو"، وغيرها. وأكد حداد أن "أداء السياحة الوطنية تأثر بالأحداث الإرهابية التي عرفتها دول المنطقة، ليس بطريقة أوتوماتيكية، وإنما بطريقة مرافقة". و"نظرا للأمن والاستقرار، فالسياحة المغربية قاومت إلى درجة أن نسبة الانخفاض في أواخر أكتوبر الماضي لم تتجاوز ناقص 0.9 في المائة"، يؤكد وزير السياحة، مشددا على أن "هناك يقظة ومناعة في إطار استباقي لجميع الأسواق، خاصة السوق الفرنسي الذي يكتسي أهمية بالنسبة للمغرب".