هلْ سيعودُ حزبُ الاستقلال إلى التحالْف مع حزب العدالة والتنمية في حالِ بقائه في الحكومة بعد الانتخابات التشريعية القادمة؟ التطوّرات المتسارعة في مواقفِ حزب "الميزان" بعد الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة من الحكومة، ورُكونه إلى "مساندتها النقديّة"، وما تلا ذلك من ردودِ فعلٍ مُرحّبة من قيادة حزب "المصباح"، تصبُّ في اتجاه احتمال؛ عودة "الغريمين" اللدودين إلى التحالف بعد سنتيْن من الشدّ والجذب وتبادُل الاتهامات. رئيسُ الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، تحدّث، في كلمة مُطولة ألقاها في افتتاح أشغال الدورة العادية للمجلس الوطني لحزبه، بلهجة ٍ مغايرة عنِ اللهجة التي ألفَ التحدّث بها حينَ تطرّقه إلى علاقة حزبه مع قيادة حزب الاستقلال، ففيما كانَ يختارُ نعوتا قدحيّة لغريمه السياسي، إبّان مرحلة الصراع، وصفهُ أمامَ مناضلي حزبه صباح اليوم ب"الأخ شباط"، منوّها بمواقف حزب "الميزان" الأخيرة، بعْد فكِّ ارتباطه بالمعارضة. وعادَ بنكيران إلى مرحلة خروج حزب الاستقلال من الحكومة، داعيا شباطَ إلى كشفِ حقيقة دوافع حزبه إلى الانسحاب من النسخة الأولى للحكومة. "نطالبُه أنْ يقول الحقيقة للناس، مَا الذي قيلَ لك، ومَنْ قال لك اخرج من الحكومة"، يقول بنكيران مخاطبا شباط، قبْل أن يعودَ إلى التنويه بموقف "زعيم الاستقلاليين" حينَ اعترفَ بأنّ مغادرة حزبه للحكومة كان قرارا غير صائب، وقال بنكيران: "أقول لك برافو لأنّ اعترفتَ أنّ هذا القرار كان خاطئا". وفي إشارةٍ إلى أنَّ المياهَ قد بدأت تعود إلى مجاريها بين الحزبيْن، بعد سنتين من الصراع، لمْ يتردَّد بنكيران في تقديم الشكر لحميد شباط على التصريح الذي أدلى به في ندوة بمدينة الدارالبيضاء قبل أيام، وقال فيه إنّ "التجربة الديمقراطية المغربية ستتعرض لخسارة إذا سقط حزب العدالة والتنمية"، وردّ بنكيران بالقول: "التجربة لن تخسر، بل ستتعزز بامتلاك أحزاب أخرى للشجاعة للتعبير عن مواقفها باستقلالية". وفي ما يبدو إشارة إلى رغبة حزبه في الاصطفاف إلى جانب أحزاب "الكتلة"، على بُعْد بضعة أشهر من الانتخابات التشريعية القادمة، في وقت تتنامى فيه الصراعات بيْنه وبين حزب الأصالة والمعاصرة، لم يكتف بنكيران بمدِّ يده إلى شباط، بلْ "تغزّل" أيضا بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قائلا إنه بدأ "يتململ"، قبل أن يستطرد "ولكن الله يهديه"، في إشارة إلى الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر. في المقابل، وجّهَ الأمين العامّ لحزب العدالة والتنمية انتقادات لاذعة لغريمه الرئيسي حزب الأصالة والمعاصرة، خاصّة نائبُ أمينه العام إلياس العماري، داعيا قيادة حزب "الجرار"، الذي قالَ إنّه لا يشبه باقي الأحزاب الإدارية بل هو حزب من نوع خاص، (دعاها) إلى "التوبة من التحكّم"، قبل أن يتوجّه إلى إلياس العماري بالقول: "هاداك الرئيس ديال العفاريت حْنا مستاعدّين يتواجه معنا وجها لوجه، وفين مّا بغات تّْخرج تخرج". وعادَ بنكيران إلى التذكير ب"وقوف" الملك إلى جانبه لضمان استمرارية تجربته الحكومية، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن تنبيها صدرَ من القصر الملكي إلى القناة الثانية، عقبَ تناولها لموضوع إصلاح المكتب الوطني للماء والكهرباء بشكل رأى فيه بنكيران "تحريضا" ضدّ حكومته، وقال: "جاء التنبيه من القصر الملكي لكي يقول لهم لقد تجاوزتم الحدود، وصدرَ بلاغ من الديوان الملكي ينوّه بالإصلاحات التي قامت بها الحكومة، ليعرفوا أنّ هذه البلاد ليست فوضوية، وأنه لن يُسمح لهم بتهديد مستقبل البلاد". بنكيران أطلق النار في كلّ الاتجاهات، فبعد الانتقادات اللاذعة التي وجهها إلى خصومه السياسيين، ومديرة الأخبار بالقناة الثانية، ووسائل الإعلام "التي تكتبُ من محبرة واحدة"، بحسب تعبيره، صوّب مدفعيته تجاه نائب رئيس شرطة دبي، ضاحي خلفان، الذي كتب تغريدة مطلع السنة الماضية، على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، توقع فيها سقوط حكومة الإسلاميين في المغرب. وقال بنكيران: "شخص أجنبي يوجد بالخارج ادّعى أنّ حكومتنا ستسقط سقوطا مدويا، هاداك السيد زْعزعني، وكنتُ أتساءل من أوْحى له بذلك، وأترقّب ما سيحدث، لكنَّ الله لم يصدّق ظنه، ولم يقع للعدالة والتنمية سوى الخير"، وأضاف: "أنا مؤمن ومتعلق بالله سبحانه وتعالى، وما كايخلعونيش الشوافات".