أيها الإخوة المواطنون بعد خطابي الثاني؛ اختليت بنفسي بعيدا عن سرير سوزان، أطفأت الأنوار، و اضطجعت على جنبي الأيمن مطبقا آداب السنة النبوية في النوم، واضعا خدي على كفي، فقلت لنفسي؛ سأحاورك دونما تذكر لمواقف أمريكا و إسرائيل، سأنسى هاتف أوباما و اتصالات الإسرائيليين، ومساندة بعض أصدقائي من الحكام العرب، دون أن تغيب عن ذهني مسيرة ميدان التحرير المليونية التي طالبت برحيلي. أيها الشباب المصري صدقوني، هكذا فعلت ليلة البارحة، و إن لم تصدقوني، فانظروا إلى عيني المحمرتين، و وجهي الشاحب من قلة النوم، إنني وقفت مع نفسي وقفة محاسبة و مراجعة، جعلتني أبلل ثوب وسادتي بالدموع الغزيرة، حتى وصل صدى نحيبي إلى مدام سوزان مبارك، فأسرعت الخطى إلي، فوجدت رأسي غارقا بين يدي، ظنت أنني أصبت بمس من جني شرير، فأخذت برأسي، و طفقت تتلو علي الفاتحة، دون أي نتيجة، فاحتضنتني إلى صدرها، فما زادني ذلك إلا بكاء، حتى يئست من حالتي، فاتصلت بشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، فحكت له حالتي، فجاء مسرعا، و معه مجموعة من حفاظ القرآن من طلبة الأزهر، فبدأوا في ترتيل القرآن، من سورة إلى سورة ، و من آية إلى آية، فأتوا على قراءة كل ما يحمل معاني إبعاد الشر و الشياطين من الإنس و الجن، و بكل صدق و صراحة، قمت من سريري، فصرخت في وجه أحمد الطيب، وقلت له؛ يا عالم العلماء، كفاك نوما، وغيابا على واقع البلد، ألا تعلم أن المصريين خرجوا مع عائلاتهم إلى ميدان التحرير بالملايين، ألا تعلم أن هؤلاء الشباب يطالبون برحيلي من الحكم، ألا تعلم أنه قتل من هؤلاء الشباب العشرات، ماذا تعلم إن لم تكن تعلم ما يجري في بلدك؛ إن الذي أصابني يا سوزان و يا الطيب، هو أن الشعب المصري أصبح يكره وجودي على رأس السلطة في مصر، و يطالب برحيلي إلى السعودية، للإقامة بجوار صديقي بن علي. رجال مصر و نساء مصر إنني أتحدث معكم بهذه اللغة، لأنكم تعرفون عني أنني أتميز بالعفوية و الدعابة والحديث الحميمي، دون حاجز بيني و بينكم، فانا رجل بسيط؛ ليس لي من التكوين السياسي و الفكري، إلا ما يمدني به مستشاري من ذوي الخبرات الطويلة في التحايل على إرادة الشعب، فأنا رجل عسكري، أحب الحكايات و لا أجيد التحليلات، فأرجوكم أن تفهموني. شباب مصر العظيم بعد هذا الذي وقع مع سوزان و الطيب، قررت الخروج من قصري، و التوجه إلى ميدان التحرير، للوقوف على ما يجري هناك عن قرب، إلا أن زوجتي، أقسمت بالأيمان المغلظة أن لا أخرج، لأن هذا ليس من شيم الحكام و الرؤساء، لأنهم سيفقدهم الهيبة و السطوة، فقلت لها، اقسمي بما شئت فأنا متجه إلى المتظاهرين و المعتصمين، فرد علي شيخ الأزهر أحمد الطيب، ياريس أتريد أن تحنث زوجتك، إن فعلت ستصوم ثلاثة أيام متتالية، فلم أبالي بهما، و توجهت إلى غرفة الملابس، ارتديت زيا متنكرا، وخرجت من قصري، و وليت وجهي شطر ميدان التحرير، و كلما اقتربت منه إلا وأسمع هدير الشعارات:" إيرحل إيرحل إيرحل "، وعند احتكاكي بأول المتظاهرين، وجدت أسرة تجلس على الرصيف، تضم الأب و الأم و الأبناء، و معها أكلها و شرابها وفراشها، رأيت بعيني الأطفال يحملون صوري مكتوب عليها ارحل، رأيت الشباب، الأمل يتطاير من عينيه، رأيت فناني مصر، و علماءهم و دعاتهم، التقيت بكل الشرائح الاجتماعية، فهمت أن المسيحيين و المسلمين على كلمة واحدة لأول مرة، ارحل يا مبارك، و شاهدت الجيش الذي أنا قائدهم الأعلى يحيطون بالمتظاهرين يحمونهم، و المتظاهرون يسلمون على الجنود و يعانقونهم . يا ثوار مصر خرجت عندكم، ففهمتكم الآن، و علمت أنني مجرم و مستبد، و علمت أنني علي أن أرحل، لأن هذا الشعب العظيم، يحتاج لرئيس يكرم المصريين، إنني أعلن أمامكم في هذه اللحظة التاريخية.. أنني استق......... آذان الفجر الله أكبر الله اكبر ... و نوض أداك الراجل تصلي Fr.foshaton@hotmail www.bougarne.blogspot.com