يبدو أن عمليات اعتقال وسجن عدد من المقيمين المغاربة في أوروبا بشبهة "الجهاد"، ستتواصل خاصة في الجارة الشمالية إسبانيا، إذ وضع مهاجر مغربي في الاعتقال الاحتياطي بعد الاشتباه في تورطه في تجنيد جهاديين، من أجل الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف اختصارا ب"داعش". وقد تم هذا الاعتقال أمس الخميس في منطقة سان مارتن دي لافيغا، التي لا تبعد على العاصمة مدريد سوى 30 كلمترا، وذلك بعد أن كان حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فاسبوك" يحمل اسم "اسلامي جهادي"، مما جعله ملاحقا بشبهة التنسيق بين أعضاء شبكة عراقية وسورية تابعة لتنظيم الدولة. وبحسب مصادر إسبانية، فقد جاء هذا التوقيف في إطار عملية تنسيق بين الاستخبارات الاسبانية والمغربية، هذه الأخيرة التي كانت قد اعتقلت 13 متهما بالإرهاب في عدد من مدن كالدار البيضاء وفاس والناظور والحسيمة، حيث ربط قاضي التحقيق الإسباني بين زوجة الموقوف الجديد، وبعض من الذين تم اعتقالهم في المغرب، للاشتباه في علاقة عائلية بينهم. تعاون نموذجي وتعليقا على هذا الموضوع يؤكد الخبير في العلاقات المغربية الاسبانية، نبيل دريوش، أن التعاون بين المغرب واسبانيا صار "نموذجيا"، ليس فقط في ملف الأمن والإرهاب، وإنما أيضا في ملفات أخرى كملف مكافحة الاتجار في المخدرات والهجرة، إلى درجة "عقد ندوات أمنية كتلك التي كانت في قرطبة ومراكش لفائدة خبراء عسكريين مغاربة واسبان" يضيف دريوش. ويؤكد صاحب كتاب "الجوار الحذر" في تصريحات لجريدة "هسبريس"، أن كلا البلدين صارا واعيين بمصيرهما المشترك، وضرورة محاربة الإرهاب، خاصة مع الضربات الموجعة التي كان المغرب قد تلقاها في ماي 2003، والهجمات التي تعرضت لها قطارات العاصمة الاسبانية مدريد في مارس 2004. وشدد دريوش على أنه من بين أسباب هذه العمليات الإرهابية "ضعف التنسيق الاستخباراتي بين اسبانيا والمغرب من 2001 إلى 2003"، نظرا لخلاف حكومة رئيس الحكومة الاسبانية الأسبق "خوسي ماريا ازنار" مع جارته الجنوبية. التنسيق الأقوى في المنطقة واعتبر الباحث في العلاقات المغربية الاسبانية، أن التنسيق الذي تطور بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، يعتبر الأقوى في المنطقة، وهذا ما سرع بحسبه، بتفكيك عدد من الخلايا التي كانت تنشط بين البلدين، من أجل تجنيد جهاديين جدد للقتال في بؤر التوتر ببلدان الشرق الأوسط. ويعتبر القرب الجغرافي، والتهديدات التي تواجه المنطقة، وعدد المهاجرين المغاربة في إسبانيا، من أبرز العوامل، التي يراها دريوش، مساعدة على تطور هذا التنسيق الأمني بين البلدين، وامتداده إلى مجالات أخرى.