على بعد سنة ونصف من انتهاء عمر الحكومة الحالية بات من الواضح أنها لم تهتدي بعد إلى طريق لحل مشكل البطالة أو على الأقل التقليص من نسبتها، فمازالت الاستراتيجية الوطنية للتشغيل تراوح مكانها ولم يتم الإعلان عنها إلى الآن، وحتى إن تم إصدارها فإن تطبيقها يتطلب مدة أطول من المدة المتبقية لحكومة عبد الإله بنكيران. وبلغة الأرقام فقد أكد مركز الظرفية الاقتصادية في مذكرته التي أصدرها حول سوق الشغل بالمغرب أن نسبة البطالة قد سجلت ارتفاعا خلال السنة الماضية ب0.7 نقطة على الصعيد الوطني، وكانت أكثر الفئات تضررا من ارتفاع البطالة هي فئة الشباب والنساء وحاملي الشواهد العليا، ففي المجال الحضري ارتفعت البطالة ب2.1 نقطة بالنسبة للشباب، و1.5 نقطة في صفوف النساء، وارتفع ب1.3 نقطة بالنسبة للشباب الحامل للشواهد العليا. وأشار المركز إلى أن الخلل الذي يعرفه سوق الشغل بالمغرب، يتميز بهيمنة الأنشطة التقليدية خصوصا القطاع الفلاحي الذي مازال يعتبر من القطاعات الأكثر توفيرا لمناصب الشغل وذلك على حساب قطاع الصناعة، بالإضافة الدور الكبير الذي يلعبه القطاع غير المهيكل في توفير فرص العمل. وتحدث المركز عن عن "تدني جودة" مناصب الشغل التي يوفرها الاقتصاد المغربي، نظرا لكون أغلب مناصب الشغل التي يتم خلقها تهم اليد العاملة البسيطة وذلك على حساب التخصصات المعقدة والتي تتطلب عمالا مؤهلين ويتوفرون على مستوى تعليمي مرتفع. ووصف نفس المركز مشكل البطالة بالملف المقلق نظرا للارتفاع المستمر لأعداد العاطلين عن العمل في المغرب، "لذلك يجب إصلاح هيكلي للقطاعات المنتجة في المغرب". كما يقترح نفس المصدر على الحكومة بأن تعجل بإصدار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، وذلك من أجل التحفيف من الأعباء التي تتحملها المقاولات وهو الأمر الذي سيشجعها على خلق مناصب شغل أكبر، بالإضافة إلى الرفع من تنافسية الاقتصاد المغربي ليكون قادرا على مواجهة التقلبات الاقتصادية التي يعرفها العالم بين الفينة والأخرى. مقابل الارتفاع المقلق في نسبة البطالة، فإن المركز سجل تراجعا للصراع الاجتماعي بين العمال والمقاولات خلال السنة الماضية، ذلك أن النزاعات الجماعية بين العمال والمقاولات قد شهدت تقلصا خلال السنة الماضية ونفس الأمر بالنسبة للنزاعات الفردية. واستدل المركز على تحسن المناخ الاجتماعي داخل المقاولات المغربية، بتراجع عدد الأيام المفقودة بسبب الإضرابات بنسبة 26 في المائة، كما تم تجنب أكثر من 1462 نزاعا بين العمال والمقاولات خلال الأشهر القليلة الماضية، مسجلة بذلك ارتفاعا نسبته 18.7 في المائة مقارنة مع السنة الماضية. ولم يفت المركز أن يلح على أن سوق الشغل بالمغرب مازال يسجل غيابا واضحا لجودة العمل سواء من حيث المؤهلات المطلوبة من طرف المقاولات إذ أن جل المناصب لا تريد إلا يدا عاملة بسيطة، إلى جانب غياب تأمين العمال في أماكن عملهم، دون الحديث عن الضمان الاجتماعي للعمال إذ أن مئات الآلاف من العمال في المغرب لا يستفيدون من تغطية الضمان الاجتماعي.