على بعد أقل من سنتين على انتهاء ولاية حكومية عبد الإله بنكيران، ما تزال المؤشرات المتعلقة بنسبة البطالة تسجل ارتفاعا كبيرا، لم تنجح الحكومة في التخفيف منها وتجاوز التأثير السلبي على الاقتصاد الوطني، ويكاد يجمع الخبراء سواء المغاربة أو الأجانب على أن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل يشكل أكبر تحد للجكومة الحالية وتحتاج منها إلى وصفة سحرية للتقليص منها. وقبل أيام فقط كشف المسؤول عن قسم البلدان الفرنكوفونية بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، جان فرانسوا دوفان، أنه رغم أن الاقتصاد المغربي، القوي بعدد من المؤهلات، يسير على الطريق الصحيح، وبأن الآفاق تظل واعدة على المدى المتوسط، إلا أن ذلك لا ينفي وجود الكثير من التحديات التي تظل قائمة، إذ يظل معدل البطالة مرتفعا، خاصة في صفوف الشباب». ومازال المراقبون ينتظرون الإستراتيجية التي كشف عبد السلام الصديقي وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، عن خطوطها العريضة إذ التزم بالكشف عن خطة لإنعاش سوق العمل، علما أنه دأب على التأكيد على أن الحكومة ترغب في تقليص معدل البطالة إلى 8 في المائة عند نهاية ولايتها. لكنه مع ذلك يعترف أن الجهود التي تبدلها المملكة «تبقى دون التطلعات، بالنظر للطلب المتزايد على التشغيل، لأن التشغيل، الذي يعتبر إشكالية مركبة لها أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية، مرتبط بالنمو، لكنه، في الوقت ذاته، عمل إرادوي يرتبط بكل مكونات المجتمع» ورغم محاولات الحكومة الحالية إلا أن الأرقام تبعث على التساؤل خاصة إذا علمنا أن معدل البطالة سجل ارتفاعا في 2014 للسنة الثالثة على التوالي، إذ بلغ، حسب ما كشف عنه عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب في لقاءه الأخير، 9.9 في المائة بعد 9.2 في المائة سنة 2013، مسجلا تزايدا في الوسط الحضري قدره 0.8 نقطة إلى 14.8 في المائة. الأرقام السلبية لمعضلة البطالة بلغت أيضا حسب تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط، مستويات قياسية إذ ارتفع العدد الإجمالي للعاطلين إلى 1.16 مليون شخص، ما يعني نسبة 9.9 في المائة من إجمالي القوة العاملة، غير أن البطالة تطال المدن أكثر من المناطق الأخرى ب 14.8في المائة، وهو معدل ارتفع إلى 20.1 في المائة بين الشباب و19.3 في المائة بين خريجي الجامعات. وترتفع البطالة في وسط الشباب بين 15 و24 عاما، وتصل إلى 20.1 في المائة، وبين خريجي الجامعات بنسبة 19.3 في المائة. ويرجع ارتفاع معدل البطالة في نظر المندوبية السامية للتخطيط، إلى زيادة أعداد القوى العاملة القادرة بأكثر ممّا يتطلبه السوق وبحسب مندوبية التخطيط، فإن قطاعي الخدمات والزراعة كانا الأكثر توفيرا لفرص العمل في الفترة الماضية، تلاهما قطاع الصناعة، بينما لم تشهد فرص العمل في قطاع البناء والأشغال العمومية تغييرا. وعلى الدوام تشكل الأرقام المتعلقة بنسبة البطالة مجالا لتبادل «الاتهامات» بين الحكومة وبين العديد من المؤسسات التي تعنى بالوضعية الاقتصادية، ومن بين هذه المؤسسات نجد المركز المغربي للظرفية الذي وصف في نشرته الشهرية الأخيرة التي أصدرها حول سوق الشغل بالمغرب مشكل البطالة بالملف المقلق نظرا للارتفاع المستمر لأعداد العاطلين عن العمل في المغرب، وهذا يفترض القيام بإصلاح هيكلي للقطاعات المنتجة في المغرب. المركز اقترح على الحكومة بأن تعجل بإصدار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، وذلك من أجل التحفيف من الأعباء التي تتحملها المقاولات وهو الأمر الذي سيشجعها على خلق مناصب شغل أكبر، بالإضافة إلى الرفع من تنافسية الاقتصاد المغربي ليكون قادرا على مواجهة التقلبات الاقتصادية التي يعرفها العالم بين الفينة والأخرى. وبلغة الأرقام قال المركز المغربي للظرفية إن نسبة البطالة قد سجلت ارتفاعا خلال السنة الماضية ب0.7 نقطة على الصعيد الوطني، لتقارب نسبة 10 في المائة، وكانت أكثر الفئات تضررا من ارتفاع البطالة هي فئة الشباب والنساء وحاملي الشواهد العليا، ففي المجال الحضري ارتفعت البطالة ب2.1 نقطة بالنسبة للشباب، و1.5 نقطة في صفوف النساء، وارتفع ب1.3 نقطة بالنسبة للشباب الحامل للشواهد العليا. وأشار المركز إلى أن الخلل الذي يعرفه سوق الشغل بالمغرب، يتميز بهيمنة الأنشطة التقليدية خصوصا القطاع الفلاحي الذي مازال يعتبر من القطاعات الأكثر توفيرا لمناصب الشغل وذلك على حساب قطاع الصناعة، بالإضافة الدور الكبير الذي يلعبه القطاع غير المهيكل في توفير فرص العمل. المركز تحدث أيضا عن تدني جودة مناصب الشغل التي يوفرها الاقتصاد المغربي، نظرا لكون أغلب مناصب الشغل التي يتم خلقها تهم اليد العاملة البسيطة وذلك على حساب التخصصات المعقدة والتي تتطلب عمالا مؤهلين ويتوفرون على مستوى تعليمي مرتفع.