وجه المركز المغربي للظرفية انتقادات كبيرة للوضعية الهشة التي يعيشها سوق التشغيل في المغرب، مؤكدا أن هذا الأخير يعاني من اختلالات كبيرة وبنيوية، فالبطالة قفزت إلى مستويات مقلقة بين الشباب والنساء وحملة الشهادات في 2014، خاصة في الوسط الحضري، حيث ارتفعت بين أوساط الشباب ب2.1 نقطة، وبين النساء ب1.5 نقطة، وبين حملة الشهادات ب 1.3 في المائة، مقابل 0.7 نقطة على المستوى الوطني. وأضاف المركز المغربي، في نشرته الأخيرة التي خصصها لقطاع التشغيل، أن الاختلال القطاعي في التشغيل تميز بزيادة الأنشطة التقليدية على حساب الصناعة، مشيرا إلى أن ضعف جودة الوظائف المتوفرة أصبح يشكل تحديا كبيرا للدولة. وفي هذا الإطار، وإلى جانب ضعف قدرة الاقتصاد الوطني على خلق فرص الشغل، يرى المركز المغربي للظرفية أن سوق الشغل يعاني من افتقاد الجودة الكافية في مناصب الشغل المتوفرة، سواء على مستوى التصنيف أو الأمان أو الحماية الاجتماعية، مؤكدا أن هيمنة القطاع غير المهيكل تشكل أهم العوائق في مواجهة هذه الظاهرة. وبالمقابل، أشار المركز المغربي للظرفية، في تقريره الذي تطرق كذلك للصعوبات التي تواجهها الحكومة في إيجاد الوصفة السحرية لمواجهة ارتفاع البطالة، إلى أن نقطة الضوء الوحيدة في القطاع تتمثل في نزاعات الشغل التي سجلت تراجعا نسبيا خلال سنة 2014، وفي تقلص عدد الإضرابات بشكل ملحوظ، حيث انخفض ب18.7 في المائة. ويجمع الاقتصاديون أن الظرفية لن تسمح نهائيا بتحقيق مزيد من المكاسب على مستوى محاربة البطالة وخلق مناصب الشغل، خاصة أن الاتجاه العام للبطالة في العالم يتجه نحو الارتفاع، كما أن هؤلاء الاقتصاديين يرون أن الحكومة ستجد صعوبة كبيرة في تحقيق معدل نمو في حدود 4.5 في المائة خلال السنة المقبلة، وبالتالي لن يكون الطريق إلى محاربة البطالة مفروشا بالورود، إذ أن كل المؤشرات تدل على تراجع مرتقب في الإنتاج. والمثير أنه حتى المؤسسات الدولية لم تعد تجد الوسائل اللازمة للحد من تنامي البطالة، فقد اعترفت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، سابقا، بأنه ليس لديها أي «حل سحري» لإنهاء نسبة البطالة المتفشية خاصة في صفوف الشباب، مؤكدة أن الشيء الوحيد الذي يمكن التأكيد عليه هو أن معالجة البطالة، خاصة بين الشباب، تمثل أولوية قصوى على مستوى السياسات العمومية، رغم تباين التحديات التي تواجه كل بلد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. والمثيرأنه، وبالرغم من المفارقة المسجلة بين النمو والتشغيل في المغرب، تصر وزارة التشغيل على أن الحكومة تراهن على تخفيض نسبة البطالة من خلال الرفع من معدل النمو الاقتصادي عبر دعم القطاعات الاستراتيجية والواعدة، ومواصلة سياسة الأوراش الكبرى والمشاريع التنموية المهيكلة، وكذا تطوير نظام التربية والتكوين، وتعزيز الإطار المؤسساتي لسياسة التشغيل.