أكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي السيدة كريستين لاغارد، اليوم الخميس بالرباط، أن الصندوق سيواصل وضع مساعدته التقنية رهن إشارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أجل تحسين مناخ الأعمال. وأبرزت السيدة لاغارد، خلال كلمة أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول موضوع "بناء المستقبل: الشغل والنمو والإنصاف في العالم العربي"، أن "الصندوق بمعية أعضائه البالغ عددهم 188 دولة سيواصل وضع دعمه ومساعدته التقنية رهن إشارة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بغية تحسين مناخ الأعمال بها". وجددت التأكيد بالقول "سنستمر في تقديم الدعم لكم بمساهمتنا المالية واستشاراتنا وخدماتنا لتعزيز القدرات وتيسير الحوار مع الشركاء الأخرين ". وسجلت السيدة لاغارد على المستوى الاقتصادي ، تحسن الوضع بالمنطقة كما يعكس ذلك نمو الصادرات وارتفاع الاستثمارات العمومية وعلامات تبشر بانتعاش الاستثمار الخاص. كما استعرضت الإنجازات التي تحققت على صعيد السياسة الاقتصادية خلال الثلاث سنوات الأخيرة، في بعض دول المنطقة. وأكدت أن "هذه الإنجازات تعطي انطباعا جيدا ، لاسيما أن الظرفية الخارجية لم تكن مساعدة، كما أن التوترات الداخلية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمالي تفاقمت في بعض البلدان". واعتبرت، مع ذلك، أن الاستقرار الاقتصادي وحده ليس كافيا، لكون البلدان العربية التي تمر بمرحلة انتقالية تواجه اليوم أزمة التشغيل". وأعربت عن أسفها حيال المعدل الإجمالي للبطالة الذي بلغ 13 في المائة في المتوسط، فيما ارتفع في صفوف الشباب إلى 29 في المائة، وهو المستوى الأكثر ارتفاعا في العالم". وقالت المسؤولة الدولية إن التحديات التي يتعين رفعها بالعالم العربي خلال المرحلة الانتقالية القادمة تهم خلق فرص العمل الضرورية للاستجابة لطموحات الجيل الجديد وتطوير اقتصاد يتسم بالرفاه والدينامية. وفي هذا السياق، دعت السيدة لاغارد بلدان المنطقة إلى النهوض ببيئة ملائمة للقطاع الخاص، وخلق مناصب شغل لفائدة الشباب وتطبيق القواعد بكل نزاهة. ويتعلق الأمر، حسب لاغارد، بإرساء بيئة للأعمال مواتية وتنظيم أكثر نجاعة وتنافسية عالية وتزويد الشباب بقدرات مطلوبة في سوق الشغل من خلال تحسين جودة التعليم. واعتبرت أن "التعليم غير كاف إذ من المهم ضمان أداء أفضل لسوق الشغل لجعله أكثر انفتاحا على الشباب ". وبخصوص مشاركة النساء ضمن الساكنة النشيطة، أوضحت السيدة لاغارد، أنه خلال العقد الأخير، كانت الهوة بين مشاركة الرجال ومشاركة النساء في الساكنة النشيطة في مجموع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقية تناهز ثلاث أضعاف متوسط الهوة الملاحظة في البلدان الصاعدة والنامية، مسجلة أنه لو كان التباين مضاعفا مرتين عوض ثلاث مرات فسيكون بمقدور اقتصاد المنطقة أن ينتج مليون دولار إضافي، أي تحقيق ربح سنوي يقارب ست نقاط من الناتج الداخلي الخام". وأبرزت ، في هذا السياق، الحاجة الملحة إلى إشراك النساء من خلال رفع الحواجز واعتماد سياسات ملاءمة لمساهمتهن. ولم تغفل السيدة لاغارد مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة ، إذ اعتبرت أنه "عندما تكون الحكامة هشة ينعكس ذلك سلبا على الثقة وعلى التماسك الاجتماعي وفعالية الاقتصاد". وترى مديرة صندوق النقد الدولي أن "الحل يكمن في اعتماد شفافية أكبر في القطاعين العام والخاص. كما أن الحكومات مدعوة لتسهيل الولوج للمعلومات المتعلقة بالميزانية من أجل انفتاح أكبر على مستوى المعطيات المالية". وفي 2013، كان صندوق النقد الدولي قد قاد 55 بعثة للمساعدة التقنية في البلدان العربية التي تمر بمرحلة انتقالية وانخرطت في مساهمات مالية تفوق 10 مليار دولار. وكانت السيدة لاغارد التي تقوم حاليا بزيارة للمغرب هي الأولى لها كمديرة عامة لصندوق النقد الدولي قد أجرت مباحثات مع وزير الاقتصاد والمالية تليها اجتماعات مع العديد من المسؤولين المغاربة، من بينهم رئيس الحكومة ووالي بنك المغرب. كما ستزور بالدار البيضاء الجامعة الدولية وتكنوبارك والمركز الثقافي سيدي مومن.