بعد أن انبرى المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي للدفاع صحة عن نتائج الإحصاء التي قالت إن عدد المغاربة هو 33.8 مليون نسمة، منتقدا المشككين في نتائج الإحصاء، قام الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي بتقديم تحليله للنتائج التي خرج بها الإحصاء العام للسكان سنة 2014، معتبرا أن نتائج الإحصاء "التي تأخر الإعلان عنها" وضعت المغرب أمام مجموعة من التحديات من بينها أن وتيرة النمو الديمغرافي أسرع من وتيرة النمو الاقتصادي وهو ما سيكرس مشكل البطالة في المغرب. وقال أقصبي في حديثه مع هسبريس إن نتائج الإحصاء تبين أن عدد المغاربة يرتفع سنويا بأكثر من 400 ألف مولود جديد، لكن "المشكل هو أن الاقتصاد المغربي لا يحضر لهؤلاء المواليد الجدد حاجياتهم في المدرسة والتطبيب والشغل على المدى البعيد ". وزاد نفس المتحدث بأن بنية الاقتصاد المغربي غير قادرة "على خلق 400 ألف منصب شغل جديدة في كل سنة" وهو ما يعني أن مشكل البطالة "لن يجد طريقه إلى الحل في المغرب وإنما سيتفاقم بالنسبة للأجيال القادمة". وعلى الرغم من كون نتائج الإحصاء أظهرت أن نسبة النمو الديمغرافي في المغرب قد تراجعت، إلى أن أقصبي اعتبر أن وتيرة النمو الديمغرافي "تفوق قدرات المغرب في خلق مناصب الشغل وتحقيق نسبة نمو مرتفعة"، وهو الأمر الذي سيجعل من المغرب "يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية أكبر إذا لم ينجح إيجاد حل لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية" حسب تعبير نجيب أقصبي. وانتقل المحلل الاقتصادي للحديث عن توزيع السكان بين العالم القروي والحضري، حيث أظهرت نتائج الإحصاء أن سكان العالم القروي بلغوا 40 في المائة من مجموع السكان أي ما يمثل حوالي 14 في المائة من المغاربة، "لكن الإحصاء لم يضع أي تعريف إحصائي للعالم القروي" يلاحظ أقصبي. الخبير الاقتصادي أضاف بأن التعريف المعتمد من طرف المندوبية السامية للتخطيط حول العالم القروي "أصبح متجاوزا وغير واقعي لأننا الآن أصبحنا نتحدث عن ترييف المدن"، داعيا مندوبية لحليمي إلى وضع تعريف إحصائي لما يعنيه العالم القروي. ووصف أقصبي وجود 14 مليون مغربي في العالم القروي "بالأمر الخطير لأن البلد لا يتوفر على موارد طبيعية ومائية كافية لتلبية هؤلاء الأشخاص المشتغلين بالأساس في الفلاحة"، وبالتالي فإن 14 مليون مغربي في العالم القروي يشكلون ثقلا كبيرا على الموارد الطبيعية "التي تسير في اتجاه التقلص وليس النمو الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال حول مستقبل التنمية المستدامة في المغرب". وزاد نفس المتحدث أن مشكل الهجرة القروية نحو المدن يطرح هو الآخر أكثر من مشكل لأن المدن لم تعد قادرة على الاستجابة لحاجيات سكانها، فما بالك باستقبال وافدين جدد، بالإضافة إلى كون المدن لا تطور أي صناعات لتستقبل اليد العاملة القادمة من القرى "وهو ما يكرس ظاهرة البطالة والفقر وجعل هوامش المدن تعيش في أوضاع مزرية" وفق تحليل أقصبي الذي سمى التوازن الحاصل بين سكان المدن والقرى بالتوازن "الهش" الذي من الممكن أن يتحول إلى خلل ديمغرافي في أي لحظة. نتائج الإحصاء أظهرت أيضا أن عدد الأجانب في المغرب لا يتعدى 87 ألف أجنبي، "وهو رقم هزيل جدا"، يعلق أقصبي، مشددا على أنه بقدر ما يتحدث المغرب عن الانفتاح والعولمة بقدر ما أظهرت نتائج الإحصاء عكس ذلك "وكوننا بلد منغلق على نفسه". وحذر ذات المتحدث من أن تمركز 65 في المائة من السكان في خمس جهات من المغرب "سيزيد من ظاهرة التهميش وخلق تجمعات سكانية يصعب التحكم فيها كما حدث بالنسبة للدار البيضاء التي تعاني الآن من نتائج تمركز السكان فيها".