يوم 27 يناير، وفي هذا المكان بالذات، قدَّر العبد الفقير إلى رحمة ربه »أن المغرب مستعد، بكل ما يملك من هدوء ورباطة جأش، لتصاعد الاستهداف الداخلي والخارجي، لأمنه وأمن أجهزته الأمنية وسلامة أبنائه وأراضيه«، مع التأكيد، مرة أخرى، أن الاستباقية الأمنية حالت دون وصول المخططين إلى أهدافهم تملك »داعش« كل أسباب كراهية المغرب والتخطيط لضرب استقراره: احتضانه للتنسيق الدولي ضد هذا التنظيم، نجاحه في ابتكار الوصفة الكاملة لضمان استقراره واستقرار محيطه، جاهزية أجهزته الأمنية واستباقيتها المتفردة..إلخ. ومما كشفت عنه العملية الأخيرة: ما يسترعي الانتباه، بالرغم من أن الإرهاب يتشابه وطريقته وأسلوبه يكاد يتكرر، هو أن تفكيك الخلية يعني أولا، أن الإرهاب والتهديد الإرهابي ما زال قائما، وبالتالي فإن المغرب هدف قائم في التخطيط الإرهابي، لاسيما إرهاب القرب في منطقة الساحل. ويتضح من ذلك أن التيارات المتطرفة لم تتعب، في الاستقطاب أو في التجنيد أو في البحث، عن حاضنة نفسية وشعبية لأفرادها ودوافعها. ثانيا، وجود تخطيط وإشراف مباشر، من زعيم داعشي، الشيء الذي لم يحدث منذ عقدين تقريبا، من أبو مصعب الزرقاوي وضربات 16 ماي، والمصدر الساحل يعني الدور الكبير الذي صار للمنطقة، أضف إلي ذلك، أن المغرب العدو اللدود للتنظيم، لاسيما منذ احتضانه، فوق أرض المغرب الإفريقية، للمؤتمر الدولي لمحاربة ذات التنظيم. اتساع الجغرافيا السكنية والمجالية للخلية، والتي همت تسع مدن. هو السعي الدائم للتنظيم، لإيجاد حاضنة بشرية وجغرافية وحضرية وقروية.. كما أن شهادة الخبراء الأجانب بأن عملية إحباط مخطط إرهابي بالغ الخطورة كان يستهدف المغرب، تؤكد مجددا نجاعة الاستراتيجية المغربية في مجال مكافحة الإرهاب. أن الأمن في محور الاستهداف، لا من حيث العمليات ولا المواقع الاستراتيجية. ومن أسباب هذا الاستهداف أن »السنة التي ندشنها، ستكون سنة حدث أمني دولي، من الطراز العالي، وهو احتضان أشغال الدورة الثالثة والتسعين للجمعية العامة للشرطة الدولية الأنتربول، المقرر تنظيمها في دجنبر من 2025. وهو تكريس سبقه انتخاب والي الأمن محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية، الذي يرأس المكتب المركزي الوطني- أنتربول الرباط، لشغل منصب نائب رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية عن قارة إفريقيا، في تصويت بالأغلبية العالية. ومن مصلحة العديد من الأطراف، الداعشية وغير الداعشية، أن تشوش على الحدث بحد ذاته، رامية من وراء ذلك إلى أن تصاب سمعة البلد المضيف بأثر أسود وبلطخة دم، تظهره بمظهر البلد غير القادر على تلجيم الغريزة الإجرامية فوق ترابه ووقف الزحف الإرهابي. ولعل توالي تفكيك الخلايا دليل مادي لا يحتاج إلى برهنة، على أن المجهود ما زال متواصلا وسيظل كذلك مع اقتراب الموعد الدولي في مراكش. وليس خافيا أن المغرب، الذي احتضن المؤتمر الأول فوق تراب القارة، للتحالف الدولي ضد داعش، سيظل هدف الدواعش المفضل في تجريب آخر أسلحتهم وابتكاراتهم وتكتيكاتهم، علما أن من عناصر قوة الأجهزة المغربية، داخليا وعلى مستوى خارطة العالم : «تدريب قوات الأمن والتعاون النشط في منطقة الساحل، حيث يلعب المغرب دورا حاسما في احتواء التهديدات الإرهابية- المغرب، لم يدخر جهدا في دعم الإجراءات المتعددة الأطراف لمكافحة الإرهاب- ومن الأشياء الأساسية التي نبه إليها المغرب، "سعي الإرهابيين إلى توسيع أنشطتهم من منطقة الساحل نحو الساحل الغربي لإفريقيا." ما بناه من «تحالفات استراتيجية مع الجهات الفاعلة المؤثرة مثل الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الإفريقية، ودوره المركزي في الاستجابة للتحديات الأمنية في القرن 21». = 60 % من مجموع الوفيات بسبب الإرهاب في العالم (4023ضحية) وقعت في إفريقيا جنوب الصحراء. = عام 2022، سجلت منطقة الساحل عددا من القتلى بسبب الإرهاب أكبر من جنوب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مجتمعين. = إفريقيا هي القارة الوحيدة التي ينشط فيها 3 فروع لتنظيمي داعش والقاعدة" .. .= الأثر الاقتصادي الذي تمثل في خسائر بقيمة 171 مليار دولار. = نزوح 30 ألف شخص خلال الأعوام ال 15 المنصرمة. = في القارة السمراء يوجد 27 كيانا إرهابيا في قائمة عقوبات مجلس الأمن. العلاقات الجيدة التي تقيمها مصالح الأمن في المغرب مع نظيراتها الأمريكية والأوروبية على وجه الخصوص، والاعتراف الدولي بخبراتها. ومما يعزز هذا التوقع أو التوجس، هو التعالق العضوي الذي صار يجمع بين الانفصال والإرهاب، وساحاته التي تشكل المجال الحيوي للمغرب، في قارتنا عموما وفي منطقتنا خصوصا. 2 استهداف المواقع الأجنبية رسالة تهم التعاون الدولي للمغرب .. وفي إفريقيا خصيصا، المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لم يدخر جهدا في دعم الإجراءات المتعددة الأطراف لمكافحة الإرهاب. الأداء الدولي والأدوار الجديدة للأمن في موقع المغرب جيوسياسيا، صار معطى ثابتا لا يمكن إغفاله في أي تحليل لتحركات المغرب أو تفسير عقيدته الديبلوماسية مثلا، ففي القضية الإرهابية أصبح المغرب نموذجا وقبلة لكل أنواع التعاون، وليس لنا هنا أن نعدد كل المنصات الدولية التي صار بها المغرب حاضنا دوليا ووديعا معنويا لجهود العالم في تقليم التوجهات الإرهابية ( ترؤسه للعديد من المنظمات الدولية وتحوله إلى قطب حي في التحالف الدولي لمحاربة داعش وانعقاد مؤتمراته فوق التراب المغربي، اقتسام الرئاسة مع دول كبرى ومنها الولاياتالمتحدة، للعديد من الإطارات الأممية في هذا الباب، التعاون الثنائي الذي بلغ مراحل متقدمة في الجوار الأوروبي والإفريقي معا… إلخ).. وهذا الحضور الإقليمي والإفريقي والدولي غير المسبوق جعل الذراع الأمني للمغرب يتولي، باقتدار كبير، أدوارا ديبلوماسية، وجيوسياسية مهمة، تجد بدورها شرعيتها لما صار العالم يوليه لمحاربة الإرهاب وتأمين التظاهرات الكبرى ودعم الاستقرار المؤسساتي في الكثير من المناطق الملتهبة، كما هو حال بلدان الساحل.. 3 – الأدوار السياسية في المنطقة بدورها لا سيما تأمين المنطقة و مساعدة الدول فيها على تصليب عودها، والربط بين السلام والأمن والتنمية، ثم الأدوار الأخرى ذات الطبيعة الاستراتيجية، كلها عناصر تغضب الإرهابيين ، كما الانفصاليين المرتبطين بهم، ومن هنا عقيدة المغرب أن دعم الكيانات الانفصالية دعم للإرهاب.