وصل معدل البطالة في المغرب، سنة 2017 ، إلى 10,7 المئة، وحسب توقعات المندوبية السامية للتخطيط، فإنه سيصل إلى 10,2 في المئة، في السنة الجارية، وقدمت وزارة المالية تبريراً لهذه الزيادة في معدلات البطالة، معتبرة أَن السبب الرئيسي يعود للنمو الديمغرافي الذي تعرفه بلادنا. وهذا أمر معروف، إذ أن المندوبية المذكورة، التي قامت بتحيين الإسقاطات بمناسبة نشر نتائج آخر إحصاء عام للسكان والسكنى لسنة 2014، أكدت أن التوجه العام لعدد الساكنة سيعرف ارتفاعا بمعدل 272 ألف شخص في المتوسط سنويا، إلى حدود سنة 2050 . كما أن المدن المغربية ستأوي في هذا الأفق، 73,6% من مجموع سكان المغرب، أي أن تراجع سكان البوادي سيتواصل، كما سيرتفع النزوح نحو المدن، مما يعني زيادة الطلب على التشغيل، بالإضافة إلى أن عدد السكان في سن النشاط، 15-59 سنة، سيواصل نموه التدريجي. هذه معطيات مقلقة، وتنضاف إليها معطيات أخرى حول عدم قدرة الاقتصاد المغربي، منذ 2011، على خلق مناصب شغل، مقارنة مع العقد الذي سبقه. لذلك، فإن الحديث عن ارتفاع نسبة البطالة، بسبب النمو الديمغرافي، تحصيل حاصل، ويطرح إشكالات على الحكومة من الضروري تقديم أجوبة عنها، خاصة وأن الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، التي قدمتها الوزارة المعنية بهذا القطاع، سنة 2015 ، تعتبر أن معالجة أزمة البطالة تتطلب خلق 200 ألف منصب شغل سنوياً، كما تقترح سياسة إرادوية، تسعى من خلالها إلى تقليص نسبة البطالة في سنة 2025، إلى 3,9 في المئة. ويبدو من المعطيات القائمة، اليوم، أن المغرب بعيد كل البعد عن تحقيق هذه التوقعات، فالثابت هو استمرار الأزمة، وارتباط معدل النمو بالقطاع الفلاحي، كمعطى بنيوي لم يتغير منذ نصف قرن أو أكثر، مما يستدعي تقييم ومراجعة البرامج والمخططات العمومية، التي تمت لحد الآن، في الصناعة والفلاحة والسياحة والتجهيز والتنمية البشرية ومناخ الاستثمار والسياسات البنكية والمالية والضريبية... كل الأرقام والمعطيات الإحصائية، تسير في اتجاه تكريس الأزمة، ولا تدعو للتفاؤل، وليس هناك من بديل سوى تغيير فلسفة التفكير والتعامل مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وتوزيع الموارد والمداخيل والخيرات، بشكل أكثر توازنا، وهذا يتطلب فتح ورش كبير، يحتاج إلى الكثير من الجرأة السياسية.