بعد إلغاء الاحتفال الكبير الذي كانَ مُقرّرا أنْ يُنظّم اليوم، بمناسبة الاحتفاء باليوم الوطني للمجتمع المدني، لأسبابٍ تضاربت الآراء بشأنها، اكتفتْ وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الراعية للحوار الوطني حول المجتمع المدني، بعقْد ندوة دوليّة حول موضوع "تجارب قانونية ومؤسساتية للديمقراطية التشاركية –حالة كرواتيا وبريطانيا"، بمقرّ منظمة التربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) بالرباط. وأعلن وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الحبيب الشوباني، في الكلمة الافتتاحية لندوة الاحتفال باليوم الوطني للمجتمع المدني، أنّ الحُكومة أنهتْ صياغة مشاريع القانونين التنظيميين المتعلقّين بالمجتمع المدني، بعد استجماع توصيّات الحوار الوطني حول المجتمع المدني، الذي امتدَّ سنة كاملة، وتمخّض عن 263 توصيّة، تمّ تقديمها خلال شهر ماي من السنة الماضية بالرباط، في حفْل اختتام الحوار. ومن المنتظر أنْ تتمّ إحالة مشاريع القانونين اللذين أعدّتهما الحكومة عمّا قريب على البرلمان –بحسب ما أعلن الشوباني- موضحا أنّ إحالة مشروعيْ القانوني التنظيميين على البرلمان ستكون مُصاحَبة بحوارات معمّقة، وذلك من خلال استكشاف تجارب دوليّة ذات العلاقة، مؤكّدا أنّ التوصيات ال263 التي تمخّض عنها الحوار الوطني حول المجتمع المدني "ستكون موضعَ تفعيل وتنزيل من طرف الحكومة". وأضاف الشوباني إلى أنّ إخراج القانونيْن التنظيميين المتعلقين بالعرائض والمبادرات التشريعية الشعبيّة، سيكون له أثر إيجابي على دوْر المجتمع المدني في المشاركة في اتخاذ القرار، قائلا "نريد أن نربح منظومة قانونية مسايرة للتطور الديمقراطي الذي يعيشه المغرب، ونرتقي إلى مصافّ الدول الصاعدة، لأنّ الصعود الاقتصادي والاجتماعي مشروط بالصعود السياسي والديمقراطي". وعلى الرّغم من إشادته بالمجهود الذي بذلتْه اللجنة التي أشرفتْ على جلسات الحوار الوطني حول المجتمع المدني، الذي انطلق يوم 13 مارس 2013، واختتم يوم 21 مارس 2014، واعتبرها "ملحمة"، إلّا أنّ الشوباني أكّد على ضرورة "عدم الركون للمكتسبات والإنجازات"، مضيفا "هذه مناسبة لتقييم الأوضاع، من أجل استشراف مستقبل أفضلَ بكثير من الثقة، ومن أجل الاستمرار والعطاء والتجديد". وعرّج وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني على مرحلة ما قبْل دستور 2011، والحرَاك الشعبيّ الذي عرفه المغربُ إبّان هبوب رياح "الربيع العربي"، قائلا إنّ المجتمع المغربيّ اختار في لحظة صعبة وفارقة "خيار الرّشد والجمع الخلاق بيْن تعميق الإصلاحات والاستقرار والسّلْم الاجتماعي". وفي الوقت الذي راجتْ أخبارٌ عنْ أنّ سبب إلغاء الاحتفال باليوم الوطني للمجتمع المدني، راجع إلى عدم نيْل وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الرعاية الملكية، أبْدى الشوباني دفَاعَه عن الحوار، وعمّا حقّقه من نتائج، كما دافع عن الاحتفال باليوم الوطني للمجتمع المدني، قائلا "هذا اليوم سيظل مُخلّدا في السجلّ الذهبي المغربي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها"، وأضاف "ما تحقّق يجب أن يكون موضوعا للتدريس دوليا، وليس وطنيا فقط". من جهته قال رئيس لجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني، إسماعيل العلوي إنّ الاحتفال باليوم الوطني للمجتمع المدني "لا يعني أننا بلغنا سِدْرَة المنتهى"، وأضاف أنّ ما جاء به الدستور من مكاسب لفائدة المجتمع المدني يستوجب التعبئة المستمرة واليقظة الدائمة، وأضاف العلوي أنّ تفعيل المكاسب التي جاء به الدستور تستوجب العمل على ترجمة كل المُخرجات التي خلص إليها الحوار الوطني حول المجتمع المدني. ولمْ يُخف العلوي أنّ عمل هيئات المجتمع المدني تعوقه عراقيل عدّة، منها ما هو ناجم عن أسباب ذاتية، ومنها ما يتعلق بعدم إدراك بعض مسؤولي الإدارة مرامي الدستور الجديد، قائلا "هناك بعض المسؤولين الإداريين يعارضون منطق الدستور، فتتحوّل الحرّيات المكفولة لجمعيات المجتمع المدني، سواء فيما يتعلق بتأسيسها أو أنشطتها، إلى حريّة مطوّقة ومقيّدة تحت رحمة الإدارة". ووَضع العلوي الإصبع على إحدى أكثر النقط حساسيّة في عمل جمعيات المجتمع المدني، ويتعلّق بالتمويل، وقال في هذا الصدد إنّ الجمعيات تجدُ نفسها في موقف متناقض، إزاءَ الدعم الماليّ الذي تحصل عليه من طرف الدولة، "ففي حين تسعى إلى نيْل دعم مادّي تقدمه الدولة، فهي في الآن نفسه واعية بأن استقلاليتها مهدّدة نتيجة احتياجها المُلحّ لهذا الدّعم"، يقول العلوي.