قال الحبيب الشوباني، وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، إن الريع يجد أصوله في التشريع، سواء من خلال وجود القوانين التي تمهد له الطريق أو بغيابها». وأكد الشوباني، في لقاء احتضنته كلية الحقوق التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، صباح أول أمس الجمعة، حول موضوع «مخرجات الحوار الوطني حول المجتمع المدني، مستجدات التنزيل»، أن خطة الوزارة، التي جاءت نتيجة حوارات موسعة مع الفاعلين والخبراء في مجال المجتمع المدني من شأنها أن تضع الدعم المالي للجمعيات تحت المراقبة والمساءلة، مشيرا إلى أنه سيتم القطع مع استفادة منتخبين ومستشارين جماعيين يرأسون جمعيات من دعم المجالس المنتخبين فيها. واعتبر الشوباني أن الحوار الوطني حول المجتمع الوطني جاء «جوابا عن إشكال مجتمعي أخرج المواطنين إلى الشارع، مما دفعنا إلى صياغة دستور بطريقة تشاورية»، مشيرا إلى أن مصالحات دستور 2011، الذي «كسر الاحتكارات والهيمنات»، جاءت لتعترف بضرورة «استبعاد هيمنة الدولة على الشأن العام، والاعتراف بوجود فاعل تاريخي هو المجتمع المدني والمواطن كفرد». وأوضح الشوباني أنه عندما طرح فكرة الحوار الوطني حول المجتمع المدني «لم يشجعني أحد والكل تخوف»، مضيفا أنه دافع في المؤسسات عن وضع قواعد منهجية للحوار، ومعالجة الاختلالات في الأدوار. واعتبر أن وجود شخصية محترمة على رأس هذا الحوار، وهو مولاي اسماعيل العلوي، القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، وتمكينه من الوسائل، وترك مساحة له للاجتهاد، أعطى للمبادرة مصداقية وقوة. وأكد الشوباني أن الدستور يريد جيلا جديدا من الجمعيات، ليس تلك التي «يقتصر عملها فقط على الخدمات»، بل تلك التي «تناقش السياسات العمومية، ولا تقدم القفة بقدر ما تناقش الفقر». وأضاف أن الحكومة لديها تصور حول وضع أول استراتيجية وطنية للنهوض بأدوار المجتمع المدني طبقا للمرجعية الدستورية، وأنه سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب. وأوضح أن هذه الخطة الاستراتيجية تتضمن مؤسستين تم التنصيص عليهما ضمن توصيات هذا الحوار البالغ عددها 263 توصية، تتمثلان في مؤسسة ترعى الجانب المتعلق بالتمويل الذي يطرح إشكالا كبيرا بين الدولة والجمعيات، وأخرى مرتبطة بالتكوين لبناء قدرات الجمعيات، مشيرا إلى أن السقف الزمني لإخراج جميع القوانين التنظيمية المرتبطة بهذا الحوار محدد في سنة 2016. وأكد يوسف البحيري، عميد كلية الحقوق، أن القيمة الدستورية لمبدأ تأصيل دور المجتمع المدني في الفصل 12 من الدستور الجديد تمثل في حد ذاتها دعامة أساسية قائمة بذاتها لمكانته كمجال يتفاعل فيه المواطنون، ويؤسسون بإرادتهم الحرة تنظيمات وجمعيات للانخراط في دينامية خدمة المصلحة العامة، وبناء دولة القانون، وإرساء دعائم المجتمع الحداثي تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، معتبرا أن المجتمع المدني هو «آلية تشاركية للدولة لنشر فكر المواطنة، والمشاركة السياسية، وتعزيز الحكامة الجيدة، وتخليق الحياة العامة، وحرية ونزاهة الانتخابات». وأوضح البحيري أن المشرع الدستوري أفرد بابا خاصا بها تحت عنوان «الحريات والحقوق الأساسية»، التي يمكن لمكونات المجتمع المدني أن تكون شريكا حقيقيا للدولة، وتتجسد في ضمان المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والبيئية، والسعي نحو تحقيق المناصفة بين الرجل والمرأة، وحماية الحق في الحياة، وحماية السلامة الشخصية، وتجريم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة أو المحطة من الكرامة الإنسانية، وكذلك مناهضة الاعتقال التعسفي أو السري أو الاختفاء القسري، والتشديد على قرينة البراءة، وحظر كل تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف، وحق المواطنات والمواطنين في الحصول على المعلومات، وحرية الصحافة». وفي الوقت الذي اعتبر محمد الغالي، أستاذ علم السياسة، في كلمة مقتضبة، أن الحوار مع المجتمع المدني هو محطة لفهم الانتقال والتحول من مواطنين مفعول بهم إلى مواطنين فاعلين، أكد الحسين اعبوشي، أستاذ القانون الدستوري، أن مشاركة المواطنين في صناعة القرار «يعزز بناء الثقة بينهم وبين الدولة»، مشيرا إلى أن هذه الثقة كانت مفتقدة، قبل أن يؤكد أن حوار الوزارة لم يسبق للمغرب أن شهده. واعتبر اعبوشي أن عقد 18 لقاء مع المجتمع المدني والخروج ب 263 توصية هو محاولة «تمليك الديمقراطية للمواطن وجعل النصوص في ملكيته».