إسماعيل العلوي: الديمقراطية التشاركية لن تتحقق إلا إذا تقوّى المجتمع المدني أعلن السبت بالرباط، عن اختتام فعاليات الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، بصياغة أزيد من 140 توصية هي بمثابة أرضية لبناء منظومة تشريعية تروم تثمين الحياة الجمعوية المغربية، وذلك بعد سنة كاملة من التشاور والحوار مع حوالي 10 آلاف جمعية عبر مختلف جهات المملكة، وداخل أوساط مغاربة العالم. خلصت لجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني إلى ضرورة وضع ميثاق وطني للديمقراطية التشاركية يزاوج بين الالتزام الأخلاقي والسياسي من منظور دستوري ويتلاءم مع المواثيق الدولية، وتفعيل المشاركة المدنية المنصوص عليها في الدستور الجديد، وذلك عبر منظومة قانونية وتشريعية للمخرجات الخاصة بالملتمسات والعرائض والتشاور العمومي غير قائمة على تضخم مقصود للحقوق، وعلى رؤية حقوقية إلزامية قانونيا بسقف سياسي ومحتوى قانوني لا يكون بالضرورة في مجمله، محسوبا فقط على مقتضيات التوضيب القانوني للسياسات العمومية وفق ما أقره الدستور وما تعارفت عليه المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية حول حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتعتمد الأرضية القانونية المقترحة، كإطار تنظيمي للحياة الجمعوية، مقولات أساسية، تهم تعزيز حرية الممارسة الجمعوية كشكل من أشكال المشاركة المدنية في الحياة العامة، وتعزيز حق الجمعيات في الولوج لمختلف أنواع الدعم العمومي، وتعزيز الحكامة الجيدة، وربط ممارسة هذه الحرية وهذا الحق بالمسؤولية والمحاسبة. وخلص التقرير الذي أعدته لجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني، إلى وضع أرضية قابلة للأجرأة والتطبيق، تجعل من المجتمع المدني، باعتباره قوة اقتراحية، رافعة أساسية للارتقاء بالمشاركة المدينة إلى مستوى الفعل في إطار الديمقراطية التشاركية بوصفها إحدى الأسس الأربعة التي يستند عليها الدستور الذي أقره المغاربة في فاتح يوليوز 2011 . وفي كلمة له بالمناسبة، أكد اسماعيل العلوي رئيس لجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني، على أن التوصيات التي خلص إليها الحوار ستمكن من صياغة قوانين وتشريعات من شأنها أن تساعد على تعميق سير المغرب على نهج الديمقراطية. وأضاف العلوي، خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، أن الديمقراطية التشاركية، التي هي من بين الأهداف الكبرى للحوار الوطني حول المجتمع المدنيّ، لن تتحقق إلا إذا تقوّى المجتمع المدني. من جانبه، قال وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الحبيب الشوباني، «إنّ الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة والذي شارك فيه زهاء عشرة آلاف مواطن ومواطنة، ناقش الإشكال العميق بين الدولة والمجتمع، وجوهر السلطة وصناعة القرارات». ووصف الشوباني الحوار الوطني حول المجتمع المدني ب ّالناحج» على اعتبار أن تأسس على عناصر كبرى وفّرت له سُبل النجاح، وعلى رأسها استناده على مرجعية الدستور، الذي بوأ المجتمع المدني مكانة متميزة. وذكر الوزير أن هذا الحوار الذي تزامن مع الأيام الأولى من الربيع، أفرز ربيعا للمجتمع المدني بمنظومة تشريعية ديمقراطية وحداثية وأن 140 توصية نوعية التي خلص إليها هذا الحوار هي بمثابة مادة خام لإنتاج القوانين المرتبطة بالمجال الجمعوي. من جانبه، أبرز ممثل اليونيسكو الذي حضر هذا اللقاء، أن المغرب قطع خطوات رائدة وملموسة بفعل الاعتماد على الدستور الذي يركز على الديمقراطية التشاركية والحكامة الجيدة والشفافية، مجددا تأييد الإيسيسكو لهذه التجربة والاستعداد لدعم جهود تفعيل توصيات هذا الحوار. وبدورها، أشادت ممثلة مجلس أوروبا، آن ماري شافانون، بالحوارات التي جرت مع مكونات المجتمع المدني، داعية إلى البحث عن التميز الذي يزخر به المجتمع المدني في الوقت الحالي، وضرورة تشجيع الحوار المبني على الثقة مع المجتمع المدني. وقدم المقرر العام للحوار الوطني حول المجتمع المدني وأدواره الدستورية الجديدة، عبد العلي حامي الدين التقرير العام حول هذا الحوار، والذي تم خلاله التأكيد على أن الحوار شكل فرصة تاريخية وتمرينا ديمقراطيا ذا مصداقية لتقوية الشراكة بين الدولة وبين النسيج الجمعوي للمجتمع المدني. وقد أبرز حامي الدين من خلال التقرير العام أن الحوار الوطني حول المجتمع المدني وأدواره الدستورية الجديدة شكل» فرصة تاريخية وتمرينا ديمقراطيا ذا مصداقية لتقوية الشراكة بين الدولة وبين النسيج الجمعوي للمجتمع المدني» مشيرا إلى أن هذه الشراكة تقوم، من وجهة نظر الفاعلين المشاركين في مختلف المنتديات واللقاءات التشاورية الجهوية والوطنية والدولية المنجزة في إطار هذا الحوار، على تثمين مكتسبات محطات التحول نحو الديمقراطية التي شهدها المغرب بشكل تراكمي منذ الاستقلال وحتى إقرار دستور 2011، واعتبار الديمقراطية التشاركية حلقة من حلقات مسلسل بناء الديمقراطية بالمغرب، وتحسين نوعي في العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. يذكر أنه، على مدى سنة كاملة نظمت لجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني 18 لقاء جهويا شارك فيها ما يفوق 7000 جمعية محلية ووطنية، وأزيد من 10 لقاءات إقليمية موازية نظمت بمبادرة من الجمعيات المحلية ببعض المدن أشرف على تأطيرها أعضاء من اللجنة الوطنية للحوار الوطني، إضافة إلى ثلاث لقاءات مع الجمعيات المغربية النشيطة بالخارج في كل من ليون وباريس وبروكسيل، ولقاء رابع بالدار البيضاء حضرها أزيد من 500 جمعية. كما تم استقبال مذكرات تفصيلية من طرف أكثر من 140 جمعية تضمنت تصوراتها لتطوير التشريعات التي تؤطر عمل منظمات المجتمع المدني ومسالك تفعيل جيد للمقتضيات الدستورية للديمقراطية التشاركية. ولتجويد الأفكار والمقترحات المتوصل بها في إطار فعاليات التشاور العمومي للحوار، وتعميق التحليل والتداول بشأنها، نظمت اللجنة الوطنية المشرفة على الحوار ثمانية لقاءات علمية، وأخرى موضوعاتية ولقاءات تشاورية مع خبراء دوليين بتعاون مع البنك الدولي، تعرفت من خلالها على العديد من التجارب المقارنة، والممارسات الدولية المتقدمة في مجالات الديمقراطية التشاركية والنهوض بالمجتمع المدني.