أثارت "سهام سويد" الفرنسية من أصول تونسية ، ضجة كبيرة بفرنسا بعد إقدامها على تأليف كتاب كشفت فيه عن عنصرية جهاز الشرطة تجاه العرب من واقع عملها كشرطية بمطار "أورلي". "سهام سويد" مواطنة فرنسية لم يتجاوز عمرها التاسعة والعشرين ، تونسية الأصل وتعيش في فرنسا مع ابنتها البالغة من العمر 9 أعوام ، ولكنها لا تعيش كأي امرأة مهاجرة منحدرة من أصول عربية ، لأنها بالفعل ليست امرأة عادية ، حيث تتسلط عليها أضواء الإعلام العربية والعالمية على حد الخصوص ،وتمارس عليها بعض الضغوط للتراجع عن ما كشفت عنه خلال كتابها "OMERTA DANS LA POLICE" بحكم وظيفتها كشرطية في جهاز الأمن الفرنسي في صفوف ما عرف بشرطة الحدود بمطار "أورلي" ثاني أكبر مطار في ضواحي العاصمة باريس. وأكدت "سويد" لوسائل الإعلام الفرنسية أن الهدف من إصدار هذا الكتاب هو إنهاء تجاوزات خطيرة للشرطة الفرنسية والممارسات التي تعارض حقوق الإنسان ، ببلد من المفترض أن يرعي هذه الحقوق ، مشيرة إلى إنها دُعيت من قبل وزير الداخلية الفرنسي "بريس هورتفو" قبل نشر الكتاب حيث أغراها بوعود كبيرة إذا لم تنشر هذا الكتاب . لم تقصد "سهام سويد" في كتابها التعميم والزج بكل عناصر الشرطة ، ولكنها أكدت أن 30% من شرطة المطار تتميز بالعنصرية الواضحة ، مؤكدة أن هناك الكثير من بعض عناصر الشرطة الفرنسية تتوافر فيهم أخلاقيات المهنة ولكن هناك أيضاً العنصريون. أما السبب الذي كان وراء التحاق "سويد" بالشرطة رغم أنها كانت تعمل بشركة خاصة بمرتب عالي جداً ، هو إنقاذ أحد أفراد الشرطة لحياة صديقتها ببسالة الأمر الذي دفعها أن تكون جزء من هذا العمل النبيل ، حيث كانت تعتقد بأمانة ونزاهة هذا الجهاز بنسبة 100% لما شاهدته في تلك اللحظة ، لكنها بعد أن حصلت على التدريبات والشهادة وجدت بعض الممارسات غير الأخلاقية لجهاز شرطة المطار ، وشعرت بالإهانة عندما يصف الضباط الفرنسيين مسافرين المغرب العربي ببعض التسميات والعبارات العنصرية ، الأمر الذي جرحها كمواطنة فرنسية من أصل تونسي ، وهذا أحد الأسباب التي دفعتها للمضي قدماً لفضح الممارسات العنصرية إزاء الأجانب خصوصاً الأفارقة ومواطنو دول المغرب العربي من تونس والجزائر والمغرب . تقول "سهام سويد" خلال تقرير برنامج "صباح الخير العرب" : "عندما تصل طائرة من دول المغرب العربي أو أفريقيا ، يقولون أنها طائرة لذوي البشرة السمراء ، وهي تصرفات غير محتملة" .. وأضافت باللهجة التونسية : "إن امرأة تحمل الجنسية الفرنسية تعرضت للضرب والتصوير بالموبايل من قبل ضابط المطار ، بالرغم من سلامة كل أوراقها ، ولدي ما يثبت ذلك الحادثة ، وحوادث أخري"، كما تناولت "سويد" في كتابها الرشوة والمحسوبية داخل جهاز الشرطة ، وكيف يستغل بعض العناصر في المطار منصبهم لتزوير الوثائق أو إخفاء الحقيقة ، وطرد بعض الناس من المطار قبل دخولهم التراب الفرنسي رغم امتلاكهم لكل الوسائل والتأشيرات القانونية. ويذكر أن "سويد" تعرضت لحادثة من قبل زملائها في مطار "أورلي" ولكنها رفضت الحديث عن هذا الموضوع لوسائل الإعلام فى الظرف الراهن لحساسيته وربما للمتابعات القضائية المستمرة.. ولا تزال سهام في جهاز الشرطة بالرغم من أنها تركت شرطة المطار ، ولا تدري كيف ستتعامل مع الوضع المستقبلي بعد نشر الكتاب رسمياً ، بعد أن أثار ضجة عارمة في الأوساط الإعلامية الفرنسية ، عندما صدر منه بعض المقتطفات. وبجانب الكتاب تؤكد "سويد" أن لديها كافة الأدلة من وثائق وتسجيلات وصور التي تم تسليمها إلى بعض منظمات المجتمع المدني المتخصصة في مجال محاربة العنصرية في الأجهزة الرسمية التابعة للدولة ، وهى الآن تقوم بالتنسيق مع هذه المنظمات في حالة إذا تعرضت لأي ضغوطات معينة أو أحيلت إلى المحاكمة لتقوم بالدفاع عنها ، والقيام بالدور المنوط بها لمواجهة أي شكل من أشكال العنصرية داخل جهاز الشرطة. ويذكر أن هناك قانون فرنسي جديد قيد الدراسة صدر قبل يومين ، حظي بتأييد كبير كقراءة أولية في مجلس النواب الفرنسي ، الذي يقول أنه إذا تعرض الشرطي للتهديد بالقتل من أي شخص سيتم سحب الجنسية الفرنسية منه ، ومن المعروف أن هذه المناوشات تتم في العادة بين الشرطة وشباب الأحياء الشعبية التي تقطنها الجاليات العربية وخاصة من المغاربة وذوي الأصول الأفريقية ، وهذا القانون بحد ذاته عنصري يريد فقط استهداف المواطن المنحدر من أصول غير فرنسية. لذلك لا تخاف "سهام سويد"من أي تطور للموقف مؤكدة أنها ستواجه أي شئ محتمل ، لأن هدفها الأساسي هو التغيير داخل هذا الجهاز ، وتطالب الرئيس الفرنسي ساركوزي ، والمسئولين بضرورة إدخال إصلاحات جذرية على هذا الجهاز وتغيره من الداخل. * محيط.كوم